الهيئة العامة للجنسية... أولوية ملحّة

نشر في 26-07-2023
آخر تحديث 25-07-2023 | 20:26
 د. محمد المقاطع

الحفاظ على الهوية الوطنية أولوية وطنية، وتنقية ملفات الجنسية من خلال الهيئة العامة للجنسية هي بوابة ذلك.

مَن يعارض ذلك أو يرفضه يكون في دائرة الشبهة والمصالح والتكسّبات، ولا يهمه البلد.

الهوية الوطنية سور الكويت ودرعها، لذلك اهتم بها الدستور والعديد من القوانين المهمة، وهي قوام البلد وحبله المتين في الملمّات والشدائد، وهو ما أثبتته المحن التي مرّ بها البلد.

فلم يعُد خافياً أن هناك انتهاكاً للدستور الكويتي تم بالقانون رقم 44 لسنة 1994، الذي منح ابن المتجنس صفتَي الناخب والمرشح، بل وبأثر رجعي، فيصبح الابن ناخباً وربما مرشحاً وأبوه حتى لم يصبح ناخباً لعدم مُضيّ الـ 20 عاماً اللازمة لاعتباره ناخباً.

وهذا القانون، فضلاً عن انتهاكه للدستور وتجاوز أحكامه، فإنه انقلب على الحظر البيّن الذي تبنّاه الدستور، وخصوصاً المادة 82 منه، وما ورد من بيان لمقاصده وحكمته، وغنيّ عن البيان أن صفة الشخص، كما صفاته، تثبت له عند ميلاده، ولا يصح لقانون أن يغيّر صفته أو صفاته لأنها موضوعات تخرج عن نطاق المكنة التشريعية وحدودها، ومن ثمّ فإن القانون رقم 44 لسنة 1994 قد تغوّل على الدستور، بل وانقلب عليه وغيّر أحكامه، فلا محل لقاعدة عامة مجردة بالقانون أن تغيّر صفة أو صفات كمٍّ هائل من الناس، فهو خارج ولايتها التشريعية، وما قام به من أقر هذا القانون ومن وافقهم عليه ويدافع عنه إنّما ينحاز لانتهاك الدستور والانقلاب على أحكامه ببدعة وانحراف لافت، ينبغي رفضه والتصدي له تشريعياً وقضائياً، وهو ما يملكه سمو الأمير باستخدام المادة 71 من الدستور، فحفظ الدستور والذود عن أحكامه وحماية السيادة، التي تمثّلها الجنسية، قررته الهيئة العامة لمحكمة التمييز في حكمها الحاسم عام 2021، وكلّ ما سبق لا جدال في أنه سند وأساس لحالة ضرورة قائمة ومستمرة لإعمال سمو الأمير حقّه في تصويب هذه الخطيئة بمرسوم ضرورة يعيد الأمور إلى نصابها.

ولا بدّ أن نشير هنا إلى حالات العبث والتجنيس العشوائي وما تداخل معهما من تزوير وازدواج للجنسية، خلافاً لأحكام القانون والدستور، وهو ما نطقت به الأحكام العديدة لمحكمة التمييز، وتتوافر عنه معلومات إضافية كثيرة لدى اللجنة العليا للجنسية، وذلك يستدعي أن يتم إنشاء الهيئة العامة للجنسية، كما وردت في برنامج عمل الحكومة لعام 2022، وذلك لتنقية وغربلة ملفات الجنسية من حالات التزوير والازدواج، والتي أوردتها مصادر عديدة منها بيانات حكومية منشورة ومعلومات برلمانية منشورة أو متداولة، وكذلك العديد من الأحكام، كما أسلفنا.

أما إصرار بعض أعضاء مجلس الأمة على تجاوز هذا الملف الخطير، ومحاولة وأده وطمطمة تجاوزاته الخطيرة وتداعياته الأخطر، فإنه يكشف عن المصالح الشخصية والخاصة الضيّقة التي يتدافع لها هؤلاء الأعضاء، محاولين خلط الأوراق لغلق هذا الملف، ومحاولتهم المتكررة بفتح التجنيس العبثي الذي تم لمرّات عديدة من خلال مجالس الأمة تحت بند «التجنيس السنوي بعدد معيّن»، ولفئة محددة، وهي غير محددي الجنسية الذين لدى الحكومة وجهازها المركزي بيانات ووثائق دامغة، كما هو معلن من قِبَلهم، على أن أصول وجنسيات الغالبية العظمى من هؤلاء معروفة وبالمستندات، كما يذكرون ويؤكدون، مما يثير الاستغراب والريبة بشأن إصرار بعض الأعضاء على خلط الأوراق بالإصرار على تجنيس من ليس له أية أحقية (من تلك الفئة) بالجنسية، إطلاقاً، ووجود إحصاء 1965، وفق ما انتهت إليه محكمة التمييز، لا يُكسب جنسية ولا إقامة، ولا يصلح سنداً لذلك، كما قررت المحكمة. ويتعمدون ويغفلون تشكيل لجنة تحقيق في تزوير الجنسية وازدواجها، والتي هي أولوية وطنية مُلحّة.

اللهم احفظ الكويت وشعبها وأميرها وولي عهده من كل مكروه.

back to top