«الجريدة•» تكشف حقيقة التوابيت الفرعونية في إسرائيل

• اشتراها طبيب أميركي في السبعينيات من معرض بنيويورك لمصلحة موشيه ديان

نشر في 21-07-2023
آخر تحديث 20-07-2023 | 18:23

اندلعت حالة من الجدل في الآونة الأخيرة، بعد نشر خبر على وسائل إعلام غير مصرية روّجت له مواقع التواصل، يزعم وجود توابيت أثرية ترجع إلى زمن الفراعنة داخل مستشفى في إسرائيل، مما أثار تساؤلات حول كيفية خروج قطع أثرية من مصر وإخضاعها لفحوص بالأشعة المقطعية، قبل أن ترد القاهرة فورا ببيان رسمي، نفت فيه الخبر جملة وتفصيلًا. لكن «الجريدة» تتبعت جذور الأخبار المتعلقة بالتابوتين، وتبين أنهما بيعا في معرض بالولايات المتحدة في حقبة السبعينيات، وانتهى بهما المآل في حوزة وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه ديان!


بيان وزارة السياحة والآثار المصرية بيان وزارة السياحة والآثار المصرية

شرارة الجدل اشتعلت أخيرا، حين نشرت وسائل إعلام إسرائيلية وحسابات على موقعي تويتر وفيسبوك، صورًا لأغطية توابيت فرعونية أثناء وضعها داخل أجهزة طبية في أحد مستشفيات القدس، مع الإشارة إلى أن هذه الأغطية، تخضع لعملية فحص بالأشعة المقطعيّة بهدف معرفة العمليات التي قام بها الحرفيون أثناء تصنيع الأغطية، قبل آلاف السنين.

وما زاد من حدة الدهشة هو أن هذا الخبر، الذي جرى تداوله على مواقع إسرائيلية، أشار إلى أنه جرى نقل تابوتين فرعونيين من «متحف إسرائيل» إلى مستشفى «شعاري تسيديك» في القدس. كما ذكرت المواقع أن الغطاءين اللذين جرى نقلهما هما لتابوتين مصريين منقوشين ومنحوتين من خشب الجميز.

النبيل ومغنية الطقوس

وأوضحت التقارير الإسرائيلية أن أحد الغطاءين يعود إلى عام 950 قبل الميلاد، ويخص مُغنيّة طقوس للإله آمون رع، اسمها جيد موت، بينما يرجع الغطاء الثاني لأحد النبلاء المصريين يُدعى بتاح- حُتب، عاش في الفترة ما بين القرنين السابع والرابع قبل الميلاد.

القاهرة تنفي

في المقابل، ردت وزارة السياحة والآثار المصرية ببيان رسمي، على لسان رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار المصرية، مؤمن عثمان، الذي نفى الخبر جملة وتفصيلًا، وأكد أن «هذا الأمر عارٍ تمامًا من الصحة».


التقرير المنشور بالموقع الإسرائيلي في 2016 التقرير المنشور بالموقع الإسرائيلي في 2016

وقال عثمان إنه «لم يجر نقل أغطية توابيت فرعونية من أحد المتاحف المصرية إلى إسرائيل لفحص التصوير المقطعي بأحد المستشفيات هناك، فضلًا عن عدم خروج أي قطعة أثرية من مصر في الأساس للفحص أو الدراسة»، مناشدًا وسائل الإعلام ومستخدمي مواقع التواصل تحري الدقة والموضوعية ‏في نشر الأخبار. وتابع: «يجب التواصل مع الجهات المعنية للتأكد قبل نشر ‏معلومات لا تستند إلى أي حقائق، وتؤدي إلى إثارة البلبلة بين المواطنين».

فحص «الجريدة»

إلى ذلك، فحصت «الجريدة» الصور التي نشرتها المواقع الإسرائيلية، ودققت في المعلومات الواردة بالخبر، وبالبحث عن جذور هذه الصور والمعلومات ذات الصلة عبر الإنترنت، تبيّن أنه بتاريخ 13 ديسمبر 2016، نشر موقع جريدة هآرتس الإسرائيلية تقريرًا صحافيًا أشار إلى ترميم التابوتين الفرعونيين المذكورين، وأن أحدهما الذي يخص مُغنيّة الطقوس جد موت، كان مملوكًا لرئيس الأركان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه ديان (1915 - 1981).

وبحسب «هآرتس»، فإن التابوت الثاني وهو الأحدث يرجع إلى 350 - 550 قبل الميلاد، يخص رجلًا يُدعى بتاح - حُتب، وقد جرى العثور على العديد من الوثائق المتعلقة بهذا التابوت في أرشيف متحف إسرائيل تكشف أنه جرى شراؤه في السبعينيات من القرن الماضي من قبل آرثر ساكلر (طبيب نفسي أميركي وجامع للفنون، 1913 - 1987) من معرض في نيويورك بناءً على طلب من موشيه ديان.

وقد اشتراه ساكلر حتى يمكن عرضه في متحف الآثار بالقدس، ولكن نظرًا لعدم وجود متحف مناسب في تلك السنوات - جرى تطوير الجزء الأثري من متحف إسرائيل في وقت لاحق - تم نقل التابوت إلى رئيس الأركان وزير الدفاع الأسبق، وتم التبرع به للمتحف بعد وفاته من قبل عائلة تيش، التي اشترت مجموعة ديان.

اتفاقية اليونسكو

وتثبت المعلومات التي توصلت إليها «الجريدة» صحة الرواية الرسمية المصرية التي تؤكد عدم خروج أي توابيت فرعونية للفحص في إسرائيل أو غيرها، لكنّ هذا في الوقت ذاته لا ينفي أن هذه القطع الأثرية التي ظهرت أخيرًا في إسرائيل، مصرية وأصليّة، وهو ما لم يُشِر إليه بيان وزارة السياحة والآثار المصرية، وتفسير ذلك على الأرجح أنه قبل عام 1970 كانت هناك قطع أثرية يجري خروجها أو تهريبها خارج مصر، ولا يجوز للقاهرة الآن - وفق القانون الدولي - المطالبة باستردادها.


... وصورة أخرى ... وصورة أخرى

وتعد بنود اتفاقية «اليونسكو» عام 1970 التي صادقت عليها باريس عام 1997 ووقّعت عليها 143 دولة، هي النص القانوني الدولي الوحيد لمكافحة الاتجار غير المشروع بالتحف الفنية والمنظم لآلية عودة القطع الفنية التي تم الحصول عليها بشكل غير شرعي إلى بلادها الأصلية، إذ أعطت هذه الاتفاقية الحق لهذه الدول بالمطالبة باسترداد الآثار المسروقة بعد عام 1970 فقط، في حين أن أغلب الآثار المصرية التي سُرِقت وخرجت من مصر بطرق غير مشروعة كانت قبل هذا التاريخ.

back to top