قرارات ميسي بين ميامي والفريق الباريسي
من المتوقع أن يتم يوم الأحد الإعلان رسمياً عن انتقال ميسي لفريق ميامي الأميركي مع احتفالية خاصة (نتوقع أن تكون هوليودية) تحمل عنوان «كشف النقاب» في خطوة يعتبرها المراقبون أنها تمهيدية لاعتزال البولغا أو أنها «اعتزال مداري»، مع تشكيك البعض في سلامة قراراته منذ طعنة لابورتا الأولى له في أغسطس 2021 وقراره الانتقال لسان جرمان ثم إلى ميامي بعد ظهور بوادر غدر آخر من برشلونة، وكما يقول المثل المصري «اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي».
لا شك أن هذين القرارين من أصعب القرارات التي اتخذها البرغوث، كما أنه يمكن ملاحظة أن الكثيرين استقبلوا القرارين بالتشكيك في صوابهما، ومازال البعض يلوم ميسي على ذلك، خصوصاً بعد تصرف الجمهور الباريسي تجاهه عقب الفوز مع المنتخب الأرجنتيني بكأس العالم قطر وإخفاقه مع سان جيرمان في المنافسة على الكأس ذات الأذنين. في الواقع، وقد كتبت عن ذلك في حينه، أن قرار ميسي «الأول» كان صائباً جداً، ليس لضرورة السرعة في اتخاذ القرار، لأن إعلان برشلونة عدم التجديد كان قبل إغلاق المريكاتو بأيام قليلة فقط، بل أيضاً لتفضيل الدوري الفرنسي على الدوري الإنكليزي بالذات، وهو خيار كان ميسي مستقراً عليه في أزمته مع بارتوميو قبل ذلك بعام حينما رغب في مغادرة البرشا لأسباب معروفة.
اختيار ميسي للفريق الباريسي خضع لعاملين مرتبطين، هما السن والمونديال، فلم يكن من الصواب أن يذهب البولغا وهو في سن الـ34 إلى بلاد الإنكليز ليلعب مباراة كل يومين أو ثلاثة وفي طقس مؤذ فيكون تعرضه للإصابة أمراً متاحاً جداً، وقد تحرمه فرصته الأخيرة لعب المونديال، وقد أثبتت التجربة سلامة قرار البرغوث حينما ساعد وجوده في الدوري الفرنسي وصوله إلى أفضل إعداد بدني وذهني لكأس العالم، بدليل أنه قدم في مونديال قطر أفضل أداء فردي في تاريخ المسابقة بشهادة المراقبين وبأحسن معدل تهديفي.
من جهة القرار الثاني (الانتقال لميامي) أعتقد بشكل كبير أنه قرار مناسب وذكي جداً، لأن ميسي بعد كأس العالم لا يحتاج لزيادة رصيده من الألقاب، فقط هو يريد الاستمتاع بما حققه عبر مسيرته وفي كأس العالم الأخيرة بالذات، وما كانت رغبته في العودة للبرشا إلا من أجل الحصول على وداع يستحقه، ولو كان ذلك قد تحقق لكنا عايشنا أعظم لحظات استقبال وأجمل وداع، ولكان النادي وإقليم كتالونيا كله حاز مدخولات مالية وفيرة.
في ضوء ذلك اتخذ الملقب بالفضائي قراره باللعب في الدوري الأميركي، فهو من جانب يبتعد عن الضغوط ويرفع عن كاهله عبء اتهامه بأن برشلونة باع لاعبين وخفّض سلم المرتبات لأجل عودته، ومن جانب آخر يضمن أفضل استعداد لبطولته الدولية الأخيرة «كوبا أميركا 2024» التي تقام في القارة نفسها، فضلاً عن الارتياح العائلي للاستقرار في بلاد العم سام، وهو أمر مخطط له منذ سنوات، مع وجود حالة من الاحتفاء الجماهيري الواسع به، دون إغفال فرص استجابة النادي لرغبات البرغوث في استقطاب أصدقائه من اللاعبين مثل بوسكيتس والبا ونيمار وسواريز وهو جانب مهم في شخصية ميسي الذي يضع الانسجام الإنساني مع زملائه أولوية، وهذا أمر يندر أن يتبعه لاعب آخر.
أما من جهة المردود المالي فإن ظهور ميسي كصاحب حصة في النادي وشريك فيه في المستقبل، مع حصة من أرباح اشتراكات بث الدوري الأميركي ونسب ربحية في شركتي أديداس وآبل، وهما من أكبر الكيانات الاقتصادية في العالم، فهو حافز إضافي لا يمكن التغاضي عنه لأنه يعكس المكانة التي وصل إليها هذا الـGOAT والتي لم يبلغها أحد سواه في تاريخ كرة القدم.