اللهجة الكويتية... هويتنا الوطنية بين الاندثار والتطور

6 ألحان أو «لهجات» في الكويت منها العوازم والفيلاجاوية والشرقاوية والقبلية والقروية

نشر في 12-07-2023
آخر تحديث 13-07-2023 | 19:04
x

عادة ما تعكس اللهجة المحلية تاريخ أهل البلد وتعبّر عن مكوناته التي تشكّلت عبر الزمن لتنتج هذه اللهجة، وفي الغالب تعبّر هذه اللهجة عن طيف واسع من أبناء البلد، ويظل دخول بعض المفردات إلى اللهجات المحلية أمرا واردا ويحدث في كل زمان ومكان.

«الجريدة» طرحت قضية اللهجة الكويتية والكلمات الدخيلة التي بدت ظاهرة في الآونة الأخيرة وكيفية المحافظة على اللهجة الكويتية من الاندثار التي تمثّل الهوية للكويتيين، وذلك بالتحاور مع المختصين في هذا المجال الباحث في اللهجات خالد الرشيد والمؤرخ شملان الطويل.

بداية، قال الباحث في اللهجات خالد الرشيد، إن اللهجة عبارة عن صوت ولحن، فنحن نقول «ماي»، وفي السعودية يقولون «مويه»، فالصوت هنا تغيّر، لكن المعنى واحد، وسابقا العرب إذا جاؤوا لحديث أو شعر يقولون في البداية: ما لحن فلان؟ أي ما هي جنسية فلان، أو ما هو أصله.

الرشيد: كل اللهجات تتطور... ولهجتنا محفوظة ولا خوف عليها

وأضاف: هنالك كتاب بعنوان «لحن العوام» يتحدث عن هذه الأمور، إذ إن مع التطور الحاصل في العام، تم استحداث كلمة «لهجة»، وحتى الآن لم يثبت في أي معجم أن معنى كلمة لهجة «الكلام»، واللهجة تكون من 3 ركائز، هي الاسم والفعل والحرف، فالاسم مثل كاميرا أو قنفة وغيرها، والفعل مثل طاح أو قام، والحرف مثل حروف الإشارة مثل هذا و«ذولي»، مضيفا: «ونحن نستبدل في اللهجة الأسماء وليس الأفعال، فنقول مثلا «ريديتر» و«سفايف» و«مكينة» فيما يخص أسماء أجزاء من السيارة، ولكن في الأفعال نقول «خلنا نشرب قهوة»، أو «امش خلّ نهرول على البحر».


المؤرخ شملان الطويل والباحث في اللهجات خالد الرشيد المؤرخ شملان الطويل والباحث في اللهجات خالد الرشيد

6 ألحان أو «لهجات»

وأكمل قائلا: في الكويت لدينا 6 ألحان أو «لهجات»، منها العوازم والفيلاجاوية والشرقاوية والقبلية والقروية، موضحا «أما اللهجات القبلية فجميعهم مختلفون، ولا نستطيع حصرهم لأن لدينا أكثر من عشرين قبيلة، وكل منها لها لهجة خاصة بها، ولكن جميعهم اتفقوا على نطق حرف الجيم فقط فيقولون دجاجة بالجيم».

وذكر أن الفرق بين اللهجة الحضرية والقبلية حرف الجيم فقط، فالفيلجاوية كانوا يقولون كلمات تميّزهم، مثل «أكليت» و«شربيت» و«ناميت»، والآن اختفت لهجة فيلكا، ولكل منّا لهجة يتميز بها، ويجب علينا تقبّل الآخر وعدم انتقاد أي لحن مختلف عمّا تعودنا سماعه.

وأردف: بالطبع هنالك كلمات دخيلة على اللهجة الكويتية، ولا توجد لغة في العالم لغة أصلية، فلا بدّ أن تجد بها كلمات دخيلة، فلا توجد دولة في العالم تجد جميع سكانها من أصل واحد، والكلمات الدخيلة علينا تجدها تدخل عن طريق مسميات الأشياء، مثل كلمة «كاميرا» أو «مايكروفون» أو «موبايل»، وغيرها، فالتكنولوجيا أدخلت علينا كثيرا من الكلمات الجديدة، كما أن أسماء المأكولات والمشروبات أدخلت مسميات لم نكن نعرفها من قبل، مثل «ورق العنب» و«البرياني» و«الكابتشينو»، وجميعها مسميات جديدة على اللهجة الكويتية.

واستطرد قائلا: «كذلك في الرياضة هناك كلمات جديدة، فكرة القدم أدخلت علينا مصطلحات مثل «بلانتي» و«شوط» و«جول»، فلعبة كرة القدم ليست كويتية الأصل، فنحن كنّا نعرف لعبة «العنبر» و«الدرباحة»، وعندما دخلت علينا لعبة كرة القدم أدخلت معها مصطلحاتها حتى جاء العم خالد الحربان وعرّب مصطلحاتها، وقد جئت على ذكر هذا في كتابي «نشأة اللهجة الكويتية»، وخصصت له شكرا خاصا، لأنه صاحب فضل في تعريب المصطلحات الكروية.

الطويل: لهجتنا تمثّل هويتنا والحفاظ عليها ضرورة ولسنا بمنأى عن تأثير الصين وروسيا

وأضاف: هذه المفردات ستأخذ وقتها، ومن ثم تندثر ويستحدث مكانها مسميات جديدة، لذلك نحن لا نخاف أن تتغير اللهجة، فهذه المفردات مثلها مثل الأداة تدخل لتفيدنا، ومن ثم تتغير ويستحدث مكانها كلمات أخرى تتماشى مع تغيّرات الحياة، لافتا إلى أننا «وايد نحاتي» ونقول لهجتنا راحت، لكنّ الحقيقة أن لهجتنا ماراحت وموجودة ومحفوظة في أعمالنا الدرامية التي حفظت لنا صوت اللهجة، كما أنه تم توثيقها في الكتب.

ولفت إلى أننا لا نسمع اللهجة القديمة حاليا، لأن الأسماء أكثر من الأفعال، ففي السابق كان لديهم «جرو»، وهي تعني حوض، ثم أصبح «بانيو»، ثم أصبح حمام سباحة، وهذا تطور لفظي للمادة، عندما يحدث خلل في لفظ الفعل هنا نقول إن اللهجة في خطر، ونحن لم نصل لذلك، ومصطلحات الأفعال في لهجتنا محفوظة ولم تستبدل، وليس هنالك أي مشكلة فيها.

لغة مدينة

من جانبه، قال المؤرخ شملان الطويل: إن اللهجة هي لغة مدينة أو دولة، وقد دخلت علينا كثير من الكلمات في اللهجة الكويتية، فنحن أهل سفر وتجارة، وهو ما ساهم في دخول كلمات من تركيا وبلاد فارس والهند، مثل كلمة «دريول» فهي كلمة إنكليزية - هندية، وكلمة «زولية»، فهي من أصل فارسي، والكثير من الكلمات بسبب التعامل التجاري مع هذه الدول، لافتا إلى أن هناك كلمات استحدثت على اللهجة من مواقع التواصل، مثل «سناب شات» و»تويتر» وكلمة «ريتويت» و»لايك»، فالكلمات الإنكليزية التي دخلت الكويت في أواخر الخمسينيات والستينيات أغلبها مصطلحات لأجهزة إلكترونية، أما الآن فأغلبها كلمات من السوشيال ميديا.

وأضاف: الحفاظ على اللهجة الكويتية هو الحفاظ على الهوية الكويتية، وهو ضروري جدا، ومن خلال قراءاتي عن اللهجة الكويتية نجد أنه خلال عشر سنوات قد تدخل كلمة أو اثنتان على اللهجة الكويتية، وهذا يعد قليلا ولا يشكّل خطرا على اللهجة الكويتية، باستثناء مسميات الأجهزة الإلكترونية، والآن السوشيال، ودخول كلمات على أي لهجة في العالم وضع طبيعي، والمحافظة على اللهجة يكون عن طريق الإعلام وتثقيف الناس باللهجة الكويتية، فهنالك كلمات كثيرة كانت موجودة في اللهجة الكويتية لكنها انقرضت، مثل كلمة «تشحيط» والتي بات استخدمها لا يكاد يذكر.

واختتم قائلا: «برأيي أن الكلمات التي ستدخل بقوة إلى اللهجات العربية والكويتية في الفترة القادمة ستكون من روسيا والصين وتركيا، لأنهم مصنعون لكثير من المواد الاستهلاكية والأجهزة الإلكترونية، ومع انتشار الكثير من منتجاتهم في أسواقنا، ولكون الكويتي تاجرا ومحبا للسفر فستجد أن التجار الكويتيين سيتعلمون الكثير من مصطلحات تلك الدول وكلماتها، وستنتشر تدريجيا بين الناس.

back to top