غياب «القروض» اقتناع بعدم جدوى الاقتراح أم تخوف من تبعاته؟

• 42 اقتراحاً بقانون قدمها النواب رسمياً خلت من «إسقاط القروض»
• أولويات الأغلبية ركزت على 4 قوانين توافقية مع الحكومة في الدور الأول

نشر في 04-07-2023
آخر تحديث 03-07-2023 | 20:24
قاعة عبدالله السالم
قاعة عبدالله السالم
على عكس الحال في بداية كل فصل تشريعي، كانت الاقتراحات بقوانين الخاصة بإسقاط فوائد القروض تتصدر المشهد، حيث يتسابق بعض النواب الى تقديمها، إلا أن هذا المشهد غاب عن مجلس أمة 2023. ورغم تقدم النواب رسمياً حتى أمس بـ 42 اقتراحاً بقانون، فإنه لم يتضمن أي واحد منها اقتراحا خاصا بإسقاط القروض، والذي كان سبباً في تعليق جلسات مجلس أمة 2022 عندما أصرت اللجنة المالية على الدفع به آنذاك، في جلسة 10 يناير الماضي التي شهدت انسحاب الحكومة ولم تحضر بعدها، حتى صدور حكم إبطال انتخاباته. وربما تكون نتائج انتخابات أمة 23 التي أطاحت بمقدم الاقتراح وحصول بعض مؤيديه على مراكز متأخرة، في مقابل نجاح العضوين اللذين أعلنا رفضهما بوضوح له باعتباره مشروع بيع وهم للمواطنين، هي السبب في التخلي عن القانون، الذي قد لا يستبعد في حال الإصرار عليه تكرار سيناريو تعطيل الجلسات وربما قد يؤدي إلى حل المجلس.

مع انطلاق كل فصل تشريعي أو دور انعقاد لمجلس الأمة نشاهد في كل مرة تهافت نواب المجلس على تقديم الاقتراحات الشعبية ذات الطابع المالي، وعلى رأسها إسقاط القروض، وذلك ترجمة لما طرحه النواب في برامجهم الانتخابية تحت ذريعة او شعار تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، رغم علمهم بصعوبة اقرار مثل هذا الاقتراح المرفوض حكوميا بشكل قاطع.

الرفض الحكومي لقانون القروض النيابي وتعهد الحكومة بتقديم بدائل عنه تحقق العدالة لكنها لم تر النور قوبل في الجانب الاخر بتعنت نيابي بمجلس 2022 خاصة عبر اعضاء اللجنة المالية الذين لم يتنازلوا عن قانونهم مما زاد من إصرار الحكومة على رفضه مجددا، ورغم تصدر تقرير اللجنة المالية الخاص بالقروض جدول الاعمال لعدد من الجلسات فانه لم يقر في مجلس الامة، حيث تسبب في تعطيل جلساته منذ 10 يناير الماضي، حتى صدور حكم المحكمة الدستورية في مارس الماضي بإبطال انتخاباته وعودة مجلس 2020.

وتم حل مجلس أمة 2020 من جديد وعادت الانتخابات كما كان متوقعا وتقدم النواب باقتراحاتهم الشعبية حول زيادة الرواتب واضافة شرائح جديدة لتأمين عافية والمكافآت الطلابية وتحسين الوضع المعيشي ومقترحات اسكانية وغيرها من المقترحات ذات الصبغة الشعبية والكلفة المالية الا انه حتى الان لم يقدم اي نائب على تبني اي قانون حول اسقاط القروض او شراء فوائدها او التسديد من خلال بدل غلاء المعيشة كما حصل في مجلس 2022 المبطل.

ويقضي المقترح النيابي الخاص بشراء الدولة القروض الاستهلاكية عن المواطنين بان تسدد الحكومة القيمة من خلال علاوة غلاء المعيشة التي تقدم شهريا مع استمرار صرف هذه العلاوة لمن ليس عليه قرض استهلاكي، تحقيقاً للعدالة بين المواطنين وان يكون القانون اخيتاريا لمن يرغب من المواطنين.

الرفض الحكومي

الحكومة سارعت عبر بنك الكويت المركزي لاعلان رفضها لهذا المقترح، حيث اكد البنك أن تطبيق مقترحي شراء القروض أو إسقاط الفوائد يؤثر على تقييم الكويت من مؤسسات التصنيف الدولية، مشيراً إلى أن إعادة فحص جميع ملفات القروض الممنوحة للمواطنين منذ 1992 حتى الآن تمس سمعة النظام المصرفي المحلي.

وأفاد بأن الاقتراح بالقانون الذي يهدف إلى تشكيل لجنة للبحث والتحقيق بملفات القروض الممنوحة للمواطنين منذ 1992 كافة، بعدم وجود تجاوزات قانونية في استيفاء فوائد القروض التي تشملها الفترة المستهدفة نيابياً للفحص، يمس مراكز قانونية استقرت بموجب تشريعات سابقة.

وشدد على عدم وجود حاجة فعلية تبرر التدخل التشريعي بإصدار قانون في شأن استرداد الفوائد المتحصلة بشكل غير قانوني من البنوك.

ولفت «المركزي» إلى أن الإجراءات التي اتخذها في شأن تنظيم وضوابط منح القروض الشخصية كانت شمولية، كما أن فحصها وتدقيقها جاء من قبل مكاتب تدقيق مستقلة، بما يوضح فاعلية ما تم من إجراءات تتعلق بالفترة التي حددها الاقتراح بقانون للتحقق من التزام البنوك بتنفيذ التعليمات الرقابية في شأن سعر الفائدة على القروض الشخصية (الاستهلاكية والمقسطة الإسكانية) الممنوحة للعملاء.

وأكد أن هذا الإجراء يمس سمعة النظام المصرفي الكويتي، فضلاً عن أنه لن يترتب على عمل اللجنة سوى إرباك القطاع المصرفي في تلبية طلباتها والرد على أسئلتها، والتي من المتوقع أن يستمر عملها فترات طويلة بسبب احتمال تقدم أعداد كبيرة من المواطنين أو ورثتهم بطلبات لفحص ملفات القروض ولديهم آمال عريضة باحتمال الحصول على أموال. وبناءً على ذلك، لا يرى البنك أي مبرر لإصدار هذا الاقتراح بقانون.

وخلص «المركزي» إلى أن الاقتراحات النيابية حول شراء الدولة لقروض المواطنين أو إسقاط فوائد القروض، جاءت بناءً على اعتبارات لدى اللجنة تنطلق في معظمها من فرضيات بأن هذه القروض مُثقلة لكاهل المقترضين، إضافة لزيادة الأعباء المالية على المواطن، لافتاً إلى أنه ستكون هناك كلفة مباشرة تتحملها الدولة في إطار شراء القروض أو تحمل أعبائها، تعتمد على حجم المديونيات المقترح شراؤها وحجم الفوائد المطلوب إسقاطها، وتكاليف الحصول على التمويل اللازم لسداد المديونية، وما يترتب عليها من أعباء مالية وطول الفترة الزمنية لهذا التمويل بما يترتب عليها من ارتفاع في التكلفة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يتقدم النواب بأي مقترح لمعالجة قضية قروض المواطنين؟ هل هو تخوف من الرفض الحكومي ورده في حالة اقراره خاصة مع الغالبية النيابية التي توافقت على اولويات وقوانين معينة لم يكن من بينها القروض، ام انه في الجانب الاخر اقتناع من قبل النواب بأن طرح مثل هذا القانون ستكون كلفته باهظة عليهم وربم تصل الى حل مجلس الامة من جديد؟

من المؤكد ان الايام المقبلة ستكشف حقيقة الموقف النيابي تجاه موضوع القروض، وربما يتقدم نواب بمقترحات جديدة تتوافق مع الرؤية الحكومية، أو يتم الانتظار الى حين تقديم الحكومة لمشروع يعالج القضية في جانب ولا يكلف الدولة الكثير، كل ذلك واكثر ستكشفه قاعةعبدالله السالم خلال الفترة المقبلة.

back to top