«عرايا في إسطنبول»... تفضح المتاجرين بالدين والوطن

رواية جديدة للأديب المصري علي الصاوي تمزج بين الأدب والسياسة

نشر في 28-06-2023
آخر تحديث 27-06-2023 | 17:47
الكاتب والروائي علي الصاوي
الكاتب والروائي علي الصاوي
تفضح رواية «عرايا في إسطنبول» للأديب المصري علي الصاوي، المتاجرين بالدين والوطن، مستعرضة ملحمة إنسانية وسياسية واجتماعية خرجت من رحم الأوساط السياسية.
وتدمج الرواية بين الرؤية السياسية والفنية في قالب الواقعية الناقدة، التي تكشف السلبيات، وأوجه القصور في أوساط تدعي الوطنية والقداسة، اقترفوا من الفساد والمظالم بحق الدين والوطن الكثير تحت شعارات المظلومية والاضطهاد.

تحت عنوان «عرايا في إسطنبول»، صدرت في القاهرة عن دار البحرينية المصرية للتوزيع والنشر، رواية جديدة تحمل توقيع الأديب المصري علي الصاوي، وهي ثاني عمل سردي له بعد «إسطنبول 2020.. رواية بين دولتين»، وقبلهما مجموعة قصصية بعنوان «ترانيم مُحِب»، وكتاب «صرخة قلم» في الأدب السياسي.

وتدور أحداث الرواية الجديدة حول مجموعة من الشخصيات السياسية والاجتماعية في إسطنبول، حيث يجري التركيز على النزاعات السياسية والاجتماعية والإنسانية التي تحدث في هذه المدينة المثيرة للجدل.


غلاف رواية «عرايا في إسطنبول» غلاف رواية «عرايا في إسطنبول»

ويتميز الكتاب بمزيج من الخيال الأدبي والواقعية المتناهية في الدقة، ما يجعل الرواية مشوِّقة ومثيرة للاهتمام.

الصاوي: العمل يتناول ما حدث بعد الربيع العربي من تحولاتٍ سياسية وانحدار أخلاقي

لا قيمة للأدب الذي يَجبن عن مواجهة الحياة بوجهيها الأبيض والأسود، والأديب ليس مخيرا دائما في كل ما يكتب بل قد يجد نفسه فجأة في ساحة المعركة، ولا مناص إلا أن يرفع سلاحه ويواجه خصمه، فإما شهادة أو رفعة وريادة، وذاك هو الأديب يسبر أغوار واقعه بتجرد، ويضمد بقلمه ما شابه من كسور، يولد توقعات ويستشرف المستقبل، ويخلق عوالم موازية وشخصيات مماثلة تُبيّن المبهم وتفك شفرة المجهول، و»عرايا في إسطنبول» لم تُكتب بدافع الإرضاء أو الأذى، بل للإشارة بالقلم على موضع الجُرح.

قطط إسطنبول

بهذه الكلمات افتتح الكاتب والروائي علي الصاوي روايته «عرايا في إسطنبول»، والتي تدور حول وقائع مستقاة من حقائق متجردة مزجت بين الخيال الأدبي والإبداع الفني للمشهد السياسي المصري في إسطنبول، وسبرت الرواية أغوار قطط إسطنبول السمان من قادة المعارضة وضحاياهم من الشباب المغرر بهم.


إصدارات علي الصاوي إصدارات علي الصاوي

تستعرض الرواية ملحمة إنسانية وسياسية واجتماعية خرجت من رحم الأوساط السياسية في إسطنبول مدينة المتناقضات، فدمجت الرواية بين الرؤية السياسية والفنية في قالب الواقعية الناقدة، التي تكشف السلبيات وأوجه القصور في أوساط تدَّعي الوطنية والقداسة، اقترفوا من الفساد والمظالم بحق الدين والوطن الكثير تحت شعارات المظلومية والاضطهاد.

صراع المصالح

وتكشف الرواية خفايا عالم الكبار في السياسة، وخطورة اللعب معهم، وحجم الفساد المستشري فيهم، وصراع المصالح الصامت بينهم، يساومون على أي شيء في سبيل المصلحة، يظهرون أمام الناس بمظهر البراءة والعفة، وعلى الجانب الآخر ينفثون حياة أخرى في الظلام.

يقول الكاتب على لسان نبيلة الدريني، إحدى الشخصيات المثيرة للجدل في الرواية وسكرتيرة رجل السياسة غانم بركات: ما أحمقني حين ضيعت سنوات من عمري في البؤس بين حيطان الفقر والرضا بالنصيب، في حين أن هناك نصيبًا آخر ما كنت أعلم عنه شيئًا، نصيب تصنعه الأزمات بعيدا عن مراقبة المجتمع وعبث الأقدار، تكون أنت فيه السيد المُدلل، وسط مجتمع سطحي مُترهل يتصدره شخصيات منقسمة على نفسها نصفين، نصف أمام الشاشات يرتدي كرافتات شيك ويلوي لسانه بعبارات مُنمقة وشعارات مستهلكة، والنصف الآخر ينفث حياة أخرى في الظلام يتعرَّى فيها مما يتشدق به في النهار، فتعود النفس إلى أصلها وصورتها الحقيقية، عارية بلا مساحيق تُجمِّلها أو شعارات تسترها.

مجرد دُمية

وقدَّمت الرواية شخصيات أخرى، ضمنها شخصية رمزية باسم «غانم بركات» تُحاكي شخصية سياسية مصرية فاسدة، قدّمها الكاتب في الرواية ببراعة وصفية وقراءة دقيقة لميولها النفسية وطموحها السياسي، وشرح الكاتب كيف يسلك غانم بركات كل طريق ولا يتورع من فعل أي شيء للوصول إلى هدفه السياسي، مُسخِّرًا في ذلك كل أدواته لفك شفرة اللعبة السياسية والدخول فيها وإن كان على أنقاض الأعراض والمصلحة الوطنية، لكنه دفع الثمن في النهاية فأدرك حجمه جيدًا، وأدرك أنه مجرد دمية تحركها يد أخرى من وراء مسرح الأحداث.

الصاوي: المؤلف قدم مسارات فكرية سلطت الضوء على الأفكار المتطرفة التي تستقطب الشباب

زمن الرواية عصري يتناول ما حدث بعد الربيع العربي من تحولاتٍ سياسية وانحدار أخلاقي عند كثير من الرموز التي تصدَّرت المشهد السياسي، وادعت المظلومية في بيئة إسطنبول، وقدّم الكاتب مسارات فكرية سلطت الضوء على الأفكار المتطرفة التي تستقطب الشباب، والولاء السياسي الأعمى الذي يجعلهم في مرمى نيران الملاحقات الأمنية والفشل الاجتماعي، وكيف تتخلى عنهم جماعات الإسلام السياسي حين تشتد الأزمات لمواجهة مصير مجهول يفتقدون فيه أبسط الحقوق الإنسانية والاجتماعية.

back to top