خاص

الشامي لـ «الجريدة•»: ضرورة تعديل قانون الضريبة

• «خطوة واجبة لتحفيز الشركات الأجنبية نحو دخول السوق الكويتي»
• فجوات كبيرة في كفاءة الإنفاق لا تتناسب مع الخدمات المقدمة

نشر في 18-06-2023
آخر تحديث 17-06-2023 | 19:35
أستاذ الاقتصاد القياسي والنمذجة الاقتصادية، د. عبدالله الشامي
أستاذ الاقتصاد القياسي والنمذجة الاقتصادية، د. عبدالله الشامي
سلط أستاذ الاقتصاد القياسي والنمذجة الاقتصادية، د. عبدالله الشامي، الضوء على عدة قضايا اقتصادية وحلول مهمة تسهم في النهوض بالاقتصاد المحلي، مؤكداً أهمية تبسيط الإجراءات لتمكين المواطنين من الانخراط في السوق، والبعد عن الوظيفة الحكومية لتقليل الأعباء عن الميزانية العامة.
وأشار الشامي، في لقاء مع «الجريدة» إلى ضرورة نقل الإدارة المركزية للإحصاء وإلحاقها مباشرة بوزير الدولة للشؤون الاقتصادية، كي تكون القرارات اقتصادية، وتحدث عن قانون الضريبة للمستثمر الأجنبي، الذي يعتبر من القوانين المهمة، لكن يجب تعديله كي يحفز الشركات على دخول السوق الكويتي.
وأكد وجوب تقليل الإنفاق الخارجي، «لذا من الواجب تطوير الجامعة الحالية، وإنشاء 4 جامعات محلية جديدة مع كامل الكليات»، بما من شأنه تقليل الإنفاق الخارجي وتوطين الإنفاق وخلق فرص وظيفية.
وأضاف أن الإنفاق الصحي والتعليمي تجاوز مليارَي دينار لكل منهما مع نتائج غير جيدة لا تتناسب مع حجم هذا الإنفاق، فضلاً عن تدني حالة المباني أو الخدمة المقدمة أو النتائج المرجوة.
وإلى تفاصيل اللقاء:

• كيف يمكننا النهوض بالاقتصاد الوطني عبر تحديث النمذجة؟

- نمذجة الاقتصاد الوطني تعتمد على نموذج عتيد وبسيط، بيع سلعة درجة التحكم في أسعارها بحيز محدود، والصرف من هامش الربح بعد خصم تكلفة الإنتاج (المتزايدة طردياً).

هذا النموذج قد يصلح بالستينيات أو السبعينيات، لكن من أواخر الثمانينيات لم يعد يجدي نفعاً، لذلك نشاهد تقلبات كبيرة جداً، الأمر الذي يؤثر مباشرة على وضع الأسواق عموماً.



وأظن يجب أن ندخل بشكل مباشر وسريع في النماذج المركبة ونصممها بسواعد وطنية كي ننهض بشكل مباشر في الاقتصاد الوطني ونستغل القطاعات الكبيرة بالاقتصاد غير المستغلة بتاتاً لتساهم في النهضة الاقتصادية الكويتية في كل القطاعات مثل قطاع الصناعات البترولية، البتروكيماويات، البتروكيماويات اللاحقة، الصناعات التحويلية، إعادة التدوير، الطيران، الموانئ، التخزين، السياحة العائلية، إدارة الثروات العالمية، خصوصاً بعد الأحداث السياسية العالمية.

• ما أهمية الشفافية للنهوض بالاقتصاد المحلي؟

تعتبر الشفافية أحد المعايير للقفز بمصاف الاقتصادات العالمية، بحيث تكون المعلومات شفافة ومتاحة للكل، كي يبني المستثمرون قراراتهم ويبدأون الاستثمار بشكل سلس، ومن أهم هذه الأدوات وجود المؤشرات الاقتصادية (CPI، PPP etc)، مع التعريف بطريقة بناء هذه المؤشرات، وتحديث سريع للبيانات وإتاحتها للكل كي تبنى القرارات بشكل سريع، بمعنى آخر تطوير ونهضة جهاز الإحصاء المركزي (الإدارة المركزية للإحصاء) وإلحاقه بشكل مباشر مع وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، لكي تكون القرارات الاقتصادية مدروسة وتقلل من العشوائية.


الشامي متصفحاً آخر المؤشرات الاقتصادية الشامي متصفحاً آخر المؤشرات الاقتصادية
• فسر العلاقة بين الاستقرار السياسي وإنجاز الملفات الاقتصادية؟

- اليوم ندخل حقبة جديدة سياسية مع مجلس أمة جديد وحكومة جديدة، لذلك أظن أننا نحتاج فيها إلى اتفاق ضمني من الطرفين بأن يكون هناك هامش من الوقت بالنأي عن استشكال سياسي خصوصاً بالملفات الاقتصادية الكبرى كي توضع استراتيجية للنهضة، قائمة على الشركات الريادية العملاقة، التي توفر فرص عمل للمواطنين وتقلل الضغط على باب الرواتب من الميزانية، وتنطلق هذه الشركات للعالمية بعد أن تكون أرضية صلبة بالكويت، تعود معها بأموال واستثمارات أجنبية تعزز مكانة الكويت عالمياً من الناحية السياسية والاقتصادية، وتكون إحد أدوات القوى الناعمة تسندها الدبلوماسية الكويتية المعهودة.

للشركات العالمية اليوم 3 حاجات ملحة الطاقة والأيدي العاملة والاستقرار خصوصاً مع «كورونا» والحرب الأوكرانية

وما يعزز الاستقرار السياسي، تحسين الحالة المادية للمواطنين من جهة تعديل الفروقات المالية للرواتب، وحوكمة المحددات التجارية التي من شأنها أن تحدّ من التضخم الحاصل بالأسعار من جهه أخرى، فالسياسة النقدية مهما كانت شديدة لكنها بلا تأثير يذكر على أسعار السلع والخدمات ما لم نُحوكِم الإجراءات التجارية.

خصوصاً مع هبوط أسعار الغذاء والشحن والمواد الأولية عالمياً، لكنها لم تقلّ بالكويت، وإن قلّ بعضها لكن بوتيرة أقل بكثير جداً.

• كيف نستغل موقع الكويت الجغرافي لدخول الشركات العالمية؟ وما أهميته فيما يتعلق بالتخزين؟

- ظهرت للشركات والشراكات العالمية اليوم 3 حاجات ملحة وهي الطاقة والأيدي العاملة والاستقرار، خصوصاً مع وباء كورونا والحرب الأوكرانية.

استغلال القطاعات الكبيرة للنهوض مباشرة بالاقتصاد الوطني

وتلبي الكويت هذه الحاجات مع وجود أسواق مليونية متاخمة للحدود الكويتية وسهلة الوصول براً وبحراً وجواً، وأعتقد أن الأوان قد آن كي نستغل هذه الإمكانيات الكامنة مما يعود بالنفع علينا بكل مباشر، لأننا اقتصاد ناشئ وصغير نسبياً، فالنتائج ستكون سريعة وظاهرة للجميع، مما يشجع باقي الشركات الإقليمية والعالمية كي تدخل السوق الكويتي بشكل متسارع، ولتأخذ موطئ قدم.

• ما الذي تحتاجه التشريعات والقوانين لتحريك عجلة الاقتصاد؟

- يجب أن نغير طريقة وضع القوانين من الفكر النصي البحت إلى تحليل النماذج الاقتصادية وعمل محاكاة للنتائج المتوقعة، ثم وضع النصوص والتشريعات، مما سيشكل ثورة تشريعية تتميز بالمرونة وتعطي الدافع لتحريك عجلة الاقتصاد، مع التخلص من القوانين العتيدة التي تؤخر عجلة التنمية الاقتصادية كما حدث مع خدمة أبل باي، وسامسونغ، باي، وعقود غوغل كلاود.

كما يجب أن نعوّد العقلية التشريعية على التبسيط بالإجراءات لتمكين المواطنين من الانخراط بالسوق، والبعد عن الوظيفة الحكومية كي نقلل من الأعباء على الميزانية العامة، وننشئ سياسة تخفيزيه لكل القطاعات.

• ما رأيك بسوق التأمين، وحدثنا عن مقترح مركز صناعات التأمين؟

من أهم الصناعات المالية العالمية هي صناعة التأمين والمنتجات التأمينية، في وقت تعتبر منطقة الخليج سوقاً واعداً لذلك فأنصح أن نكون مركزاً تأمينياً للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن ثم لآسيا.

من المهم تحسين الحالة المادية للمواطنين وتعديل الفروقات المالية للرواتب

مع أن نكون مركزاً مالياً للبنوك خصوصاً بعد خروج بنوك عالمية من بريطانيا اثر اتفاقية الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتصدع قطاع البنوك في أوروبا، فهي فرصة ذهبية يجب أن تستغل بأقرب وقت من الحكومة.

• هل موقع الكويت الجغرافي يؤهلها لتكون مركزاً للترانزيت والشحن؟

- نعم لاسيما أن الكويت تتمتع بموقع يعطيها أفضلية في تجارة الترانزيت الجوية والبرية والبحرية، وهي لم تستغله قبل ظهور النفط، ومن هذا المنطلق كل ما نحتاجه هو بنية تحتية عصرية مع خطوط طيران على درجة احترافية تملك الأدوات والطائرات، وموانئ أو ميناء بقدرات عالية على الطريقة السنغافورية للبضائع مع خطوط قطارات تربط الحدود مع المطار مع الموانئ مع مناطق التخزين الاستراتيجية والمناطق الحرة لكي نكون خطاً لوجستياً يربط الإقليم بشكل مباشر.

• ما أهمية بناء مركز تعليم عالٍ وآخر طبي لتقليل الإنفاق الخارجي؟

- عدد الكويتيين الدارسين بالخارج يربو على نحو 40 ألف طالب لكل الدرجات العلمية، لذا من الواجب تطوير الجامعة الحالية وإنشاء 4 جامعات محلية جديدة مع كامل الكليات بما من شأنه تقليل الإنفاق الخارجي وتوطين الإنفاق، وبما يخلق فرصاً وظيفية، مع ربط التعليم الطبي بالمستشفيات المحلية لتكون مستشفيات الكويت قبلة إقليمية للحصول على رعاية طبية عالية الجودة مع استقطاب الخبرات العالمية، وتكون لدينا سياحة علاجية.

• للمستثمر الأجنبي، وهل يحتاج إلى تحديث؟

- قانون الضريبة للمستثمر الأجنبي من القوانين المهم فهذا القانون يجب أن يعدل كي يحفز الشركات على الدخول إلى السوق الكويتي، ويُكتفى بمساهمات مجتمعية وتعليمية وطبية من الشركات، مثل نظام الأوفست، لكي ننقل الخبرة والتكنولوجيا للسوق المحلي، مما يعزز من منحنيات التعلم والخبرة وترتفع معها الجودة والكفاءة، ونفتح السوق لصناعات نوعية مثل أشباه الموصِلات، الصناعات الثقيلة التي تتطلب كمية طاقة عالية، الصناعات الدقيقة، والطبية، الأدوية.

• هل هناك فجوات بكفاءة الإنفاق؟ أو قطاع الخدمات العامة؟ وأين تكمن المشكلة؟

- قطاع الخدمات العامة فعليا لا يعاني أي مشكلة في مبالغ الإنفاق مثل الصحة والتعليم، لكن هناك فجوات كبيرة جداً بكفاءة الإنفاق حيث لا تتناسب مع أي من الخدمات المقدمة، فمثلا تجد المباني الحكومية تشكو فقراً لوجستياً وقلة جودة، وصيانة دورية سيئة، ناهيك عن جمالية معدومة في كثير من الحالات، أو لا تتناسب مع المحيط العمراني، خصوصاً المباني المشيّدة خلال العشرين سنة الماضية باستثناء بعض مشاريع الديوان الأميري كمركز جابر الثقافي.

الإنفاق الصحي والتعليمي الذي تعدى الملياري دينار لكل منهما مع نتائج غير جيدة لا تتناسب مع حجم الانفاق لكليهما من ناحية المباني او الخدمة المقدمة او النتائج المرجوة.

ضرورة تغيير طريقة وضع القوانين من الفكر النصي البحت إلى تحليل النماذج الاقتصادية وعمل محاكاة للنتائج المتوقعة

وأسباب ذلك أعزوها إلى عدم وجود «كود» للخدمة أو معايير محددة تتبع النظم العالمية لهذه الخدمات وغياب تخصصات في هذه الوزارات لـ (إدارة العمليات، والإحصاء) فنحن فقراء بهذه التخصصات، لكي تتم المتابعة الدقيقة لكل الأعمال اليومية مما يعود بالفائدة على كفاءة العمل وإخراجه بالطريقة المثلى.

• ما أهمية الحكومة الإلكترونية في تبسيط الإجراءات؟

- التحول التكنولوجي هو ما يقلل من التكلفة بتقديم الخدمات، ويقلل التكلفة والضغط الإداري على قطاعات الدولة، من حيث احتياجات الأماكن، الشوارع، عدد الموظفين، الكهرباء، الماء، عدد الدوائر الحكومية، وقد بدأنا في بعض الخطوات لكن نحتاج المزيد للتسهيل والتبسيط ووضع الخدمات بطريقة سلسلة، مع تقليل التكلفة على المواطن والدولة.

العالمية ممكنة... بالتخطيط والرغبة

في حديثه عن متطلبات السياسة التحفيزية، رأى د. الشامي أنه يمكن وضع خطة استراتيجية تنتهي بحدث عالمي، مدتها ما بين 10 إلى 15 سنة، نحفز من خلالها جميع قطاعات الاقتصاد، مثلما صنعت قطر في مشروع مونديال كرة القدم، وأبهرت العالم بالتنظيم والمنشآت والقوى العاملة الوطنية، معقبا: «نحن نستطيع أن نعمل ذلك وأفضل، إذ لا ينقصنا أي شيء إلا الرغبة».

وأضاف الشامي أن «هذه السياسة نستطيع أن نوجهها للإنتاج بالصناعات ونكون مفخرة صناعية خصوصاً مع وجود ثروة نفطية، نستطيع أن ننتج منها آلاف المواد، مع الربط بمراكز أبحاث تطور المنتجات وتقلل من التكلفة مع تحسن منحنيات الخبرة والتكلفة بشكل علمي مدروس يدر ثروات هائلة تفوق مداخيل النفط».

back to top