سلاح قانون «نوبك»

نشر في 04-11-2022
آخر تحديث 03-11-2022 | 18:52
 تهاني الظفيري قررت دول تحالف مصدري النفط «أوبك بلس» خفض إنتاجها بما يعادل نحو 2 % من إمدادات النفط عالمياً، بدءاً من نوفمبر الجاري لموازنة الطلب والعرض في أسواق النفط العالمية، ومجابهة تقلبات الأسعار، والتصدي لتذبذات النمو الاقتصادي، وهذا ما أثار حفيظة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من الدول الأوروبية باعتبارهم من أكبر المستوردين للنفط والغاز في ظل مساعيهم الحثيثة بشأن وضع تسعيرة محددة للنفط الروسي لحصار روسيا اقتصاديا وإضعاف قدرتها على التمويل العسكري، وشلها أمنيا كتكتيكات عسكرية لإيقاف غزوها لأوكرانيا.

إلا أن الأمور قد سارت بعكس ما كان مقرراً لها وفقا لإدارة بايدن التي تواجه حاليا معضلة ارتفاع أسعار الطاقة بالتزامن مع موعد الانتخابات النصفية «للكونغرس» كدليل قطعي لدى الجمهوريين على سوء سياسته الاقتصادية، وللتصدي لهم أمر الرئيس الأميركي بتغذية السوق المحلي بالاحتياطي الاستراتيجي لبلوغ الاكتفاء الذاتي، وسد حاجة المواطنين من البترول، فقرار الخفض عند سريانه قد يضرم بالمصالح القومية الأميركية ويهوي بها، مما دفعها للتلويح بأحقيتها في توقيع عقوبات أمنية متمثلة في وقف صفقات الأسلحة والإمداد العسكري لقادة دول «أوبك بلس»، بالإضافة إلى تنفيذ استراتيجيات التحول الشامل باعتماد مصادر الطاقة الخضراء كبديل حتمي للوقود الأحفوري في سبيل تحقيق الموازنة الاقتصادية في سوق الطاقة العالمي، إلى جانب تفعيل سلاح مشروع قانون (نوبك) الذي ينص على معاقبة الدول التي تتبنى سياسات احتكارية على قطاع النفط، ليكون ورقة ضغط رابحه نسبيا في ظل المعطيات الحالية التي تشهدها الساحة الدولية للحفاظ على الدبلوماسية السياسية والاقتصادية، لا سيما بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج النفطية المتأصلة تاريخيا، مع استبعاد أي مخاوف حقيقية من جراء استخدام سلاح «نوبك» مقابل سلاح النفط في التأثير على المفاوضات المستقبلية بشأن العدول عن قرار خفض الإنتاج. وهنا كأن التاريخ يعيد نفسه رغم الفروق الطفيفة مع أحداث عام 1973م عندما اتخذت دول «أوبك» القرار ذاته بشأن خفض الإمدادات العالمية للنفط، وما ترتب عليه من ارتفاع أسعار النفط والسلع الاستهلاكية مما تسبب بحالة ركود اقتصادي استمرت إلى أوائل الثمانينيات، وهذا ما ينبئ به الوضع الاقتصادي العام. * باحثة في الشؤون الدولية.
back to top