بلينكن إلى بكين بحثاً عن إدارة العلاقات لتجنّب الصراع

• شي يستقبل عباس ويعلن عن علاقات «استراتيجية» مع الفلسطينيين... وتساؤلات بشأن مبادرة سلام صينية

نشر في 15-06-2023
آخر تحديث 14-06-2023 | 19:09
شي وعباس في بكين أمس (أ ف ب)
شي وعباس في بكين أمس (أ ف ب)
بعد توسّع دائرة التوترات الجيوسياسية والاقتصادية وتسارُع وتيرة التسلح والاستقطاب بين أكبر قوتين في العالم، تتجه علاقات الولايات المتحدة والصين إلى انفراجة محتملة قد تساعد في حلحلة الخلافات المتراكمة.

بعد أسابيع من التوتر تخللها احتكاكان في الجو والبحر، ورفض متواصل من الصين لإجراء لقاء بين وزير دفاعها المُدرج على لائحة العقوبات الأميركية ونظيره الأميركي، يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن غدا الى بكين في محاولة لإذابة جليد العلاقات، وتحقيق انفراجة تمتد إلى جميع الملفات العالقة من قضايا تايوان والبحر الجنوبي، وصولا الى الرقائق الإلكترونية الاستراتيجية.

وبعد إلغاء زيارة له في فبراير، بسبب حادثة المنطاد الصيني الذي أسقطته الولايات المتحدة فوق أراضيها، قال الناطق باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر: «سيلتقي بلينكن مسؤولين بارزين في الصين، حيث سيناقش أهمية الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة لإدارة العلاقات بشكل مسؤول لتجنّب سوء التقدير والصراع».

وقبل زيارته إلى بكين، كتب بلينكن، على «تويتر» أمس الأول: «تحدثت هاتفياً الليلة مع عضو مجلس الدولة وزير خارجية الصين، تشين غانغ، وناقشنا الجهود الجارية لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، فضلاً عن قضايا ثنائية وعالمية».

وقال ميلر، في بيان، إن «الاتصال تناول مجموعة من القضايا الثنائية والعالمية»، موضحاً أن الولايات المتحدة ستستمر في الانخراط بالدبلوماسية لإثارة المخاوف المشتركة، فضلا عن إمكانية التعاون المحتمل.

وقف التدخل

في المقابل، طالب وزير الخارجية الصيني نظيره الأميركي بوقف تدخّل واشنطن في الشؤون الداخلية لبكين، موضحاً الموقف من قضية تايوان. وذكرت وزارة الخارجية الصينية أن غانغ أشار في المحادثة الهاتفية مع بلينكن إلى أنه منذ بداية العام الحالي والعلاقات الصينية - الأميركية تواجه صعوبات وتحديات جديدة.

وأكد غانغ «الموقف الجاد من مخاوف الصين الجوهرية بما فيها قضية تايوان»، مشدداً على أنه «يجب على الولايات المتحدة احترام ذلك، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للصين والإضرار بسيادتها وأمنها ومصالحها التنموية باسم المنافسة».

ألمانيا لن تفكّ الارتباط مع الصين... رغم «الخصومة»

وقال: «نأمل أن يتخذ الجانب الأميركي إجراءات عملية لتنفيذ ما تم التوصل له بين رئيسي الدولتين في قمة مجموعة العشرين (جي 20) المنعقدة في بالي والالتزامات ذات الصلة من الجانب الأميركي، بما فيها الإدارة الفعالة للخلافات ودعم التبادل والتعاون وتعزيز العلاقات بين الجانبين لوقف التدهور والعودة إلى مسار التنمية الصحية المستقرة».

وفي وقت سابق من يونيو، أعلنت «الخارجية» الصينية أن دبلوماسيين صينيين وأميركيين أجروا في بكين محادثات «صريحة» و»بنّاءة» حول سبل تحسين العلاقات الثنائية.

وأوضحت الوزارة أن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا، دانيال كريتنبرينك، زار العاصمة الصينية خلال الأيام القليلة الماضية برفقة مستشارة الرئيس بايدن لشؤون الصين وتايوان، سارة بيران.

قمع الشركات

بدورها، أكدت وزارة التجارة الصينية أنها تعارض بقوة إضافة أميركا بعض الكيانات، إلى قائمتها لمراقبة الصادرات، في 12 الجاري، وتحثّها على الكف عن القمع غير المعقول للشركات الصينية، معتبرة أن الخطوة الأميركية «إكراه اقتصادي تقليدي» وتنمّر أحادي الجانب، وستتخذ الصين الإجراءات اللازمة لضمان الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية.

علاقات استراتيجية

في غضون ذلك، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ، أمس، أنه سيبني علاقات «استراتيجية» مع الفلسطينيين، على غرار جهوده التي أسهمت في إعادة العلاقات في مارس بين إيران والسعودية.

وقال شي، خلال حفل استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قاعة الشعب الكبرى، «الصين مستعدة لتعزيز التنسيق والتعاون مع الجانب الفلسطيني، في مواجهة قرن من التغيرات العالمية والتطورات الجديدة للوضع في الشرق الأوسط».

وأضاف: «سنعلن اليوم بشكل مشترك إقامة شراكة استراتيجية بين الصين وفلسطين ستمثل علامة فارقة مهمة في تاريخ العلاقات الثنائية».

وجدد الرئيس الصيني دعوته لتصبح فلسطين «عضوا كامل العضوية» في الأمم المتحدة، وأضاف أن «المخرج الرئيسي للقضية الفلسطينية يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة».

وفي إطار سعي بكين إلى تعزيز علاقاتها في الشرق الأوسط، متحدية النفوذ الأميركي، أبلغ وزير الخارجية الصيني، في أبريل، نظيريه الإسرائيلي إيلي كوهين والفلسطيني رياض المالكي استعداده للمساعدة في محادثات سلام على أساس تطبيق «حل الدولتين»، مما أثار تساؤلات لم تتوقف عن إمكانية تقديم بكين مبادرة سلام لحل النزاع الأقدم في المنطقة.

وفي اتصالين منفصلين، حث غانغ كوهين على اتخاذ «خطوات لاستئناف محادثات سلام». وقال إن «الصين على استعداد لتسهيل ذلك»، وأبلغ المالكي أن بكين تدعم استئناف المحادثات في أسرع وقت.

وأدت بكين دور الوسيط في منطقة ترى الولايات المتحدة منذ عقود نفسها الوسيط الرئيسي فيها، وأسهمت في إعادة العلاقات بين إيران والسعودية، لكنّ حلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يعتبر أكثر تعقيدا، خاصة مع توقّف المفاوضات بين الجانبين منذ عام 2014.

استبعاد فك الارتباط

إلى ذلك، وصفت حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس في استراتيجيتها للأمن القومي التي كشفت عنها أمس، أن الصين على الرغم من أنها «شريكة» لها، فإنها تعمل «ضدّ مصالحنا وقيمنا»، لكنها استبعدت فك الارتباط معها.

ومن المتوقع أن يصل وفد من المسؤولين الصينيين برئاسة رئيس الوزراء لي تشيانغ إلى برلين الأسبوع المقبل، لإجراء مشاورات ألمانية - صينية.

back to top