ماذا لو قُدم طعن جديد على مرسوم الحل الثاني وأُخذ به مجدداً وألغيت انتخابات 2023/6/6؟

نشر في 14-06-2023
آخر تحديث 13-06-2023 | 19:09
على جميع النواب أن يعلموا إذا كانت هناك نية جادة لتعديل قانون المحكمة الدستورية أن يكون لمنحها المزيد من الاستقلالية في القرار وتوفير الضمانات والحماية الكافية لها من أي تدخلات خارجية، ومنحها المزيد من الصلاحيات حتى تبسط يدها على كل مجريات الأمور والقضايا.
 يوسف الشايجي

من الجائز والمتوقع أن يتقدم نائب أو أكثر من نواب مجلس الأمة 2020 ممن له مصلحة في وجود ذلك المجلس بطعن للمحمكة الدستورية حتى يمارس دوره البرلماني ويتشرف بتمثيله للأمة في المدة المتبقية من عمر المجلس المذكور وهي حوالي السنة والنصف حتى (ديسمبر 2024).

لديّ قناعة كاملة بأن مرسوم الحل الثاني الأخير لمجلس 2020 تشوبه أخطاء أكثر من الأول، فإذا كان يؤخذ على المرسوم الأول هو عدم اتباعه إجراء دستوريا يسبق مرسوم الحل، وهو وجوب أن يحضر رئيس الوزراء الجديد سمو الشيخ أحمد النواف ووزراء حكومته إلى مجلس الأمة ليؤدوا اليمين الدستورية كأعضاء في المجلس مثل بقية النواب، ولاحقاً يحق لهم التقدم بطلب الحل تحت أي سبب بموجب المادة (107) من الدستور، وعلى الرغم من أن السبب الذي ذُكر في مرسوم الحل رقم (136) لسنة 2022 فيه من الصحة الكثير، حيث أرجع سبب المطالبة بالحل هو بحجة أجواء عدم التوافق والتعاون والاختلافات والصراعات وتغليب المصالح الشخصية التي سادت المشهد السياسي، وهذا تقريباً الإجراء نفسه المتبع في جميع حالات حل مجالس الأمة السابقة، مع بعض التباينات، إلا أن المحكمة لم تأخذ بهذه الأسباب لعدم توافر الإجراء الدستوري كما أسلفنا.

أما المرسوم الثاني رقم (62) لسنة 2023 فيؤخذ عليه أن الأسباب العديدة التي جاءت فيه والتي رأت فيها الحكومة مبرراً لحل المجلس غير واقعية ومبالغة في عموميتها، حيث جاء من ضمن تلك الأسباب «وصوناً للمصالح العليا للبلاد وحفاظاً على استقرارها، في خضم المتغيرات الاقتصادية الدولية والإقليمية في الوقت الراهن، ولتحقيق طموحها في غد أفضل يوفر لمواطنيها الرفاهية والرقي، ويجعلها في مصاف الأمم المتقدمة»، وهذه الأسباب منافية للواقع، وليس لها علاقة مباشرة بحل المجلس، وسأكتفي بتفنيد سبب واحد وهو «في خضم المتغيرات الاقتصادية الدولية والإقليمية في الوقت الراهن». معنى هذه العبارة: أن الأوضاع الاقتصادية متعثرة علي مستوى العالم والإقليم وتأثر الكويت بذلك تباعاً، فلو أخذنا بصحة هذه الفرضية، فإنها تخالف التوجه والممارسة الحكومية الفعلية في هدر المال العام، ففي خلال الفترة القريبة والقريبة جداً قامت الحكومة بإقرار أمور كثيرة، وسأكتفي بأبرزها:

- صرف مكافآت الصفوف الأمامية.

- شراء الإجازات للموظفين.

- صرف منحة الـ3 آلاف دينار للمتقاعدين.

- زيادة المعاشات الاستثنائية للوزراء لتصل إلى 6 آلاف دينار في سابقة لم تحصل من قبل.

فأين أثر المتغيرات الاقتصادية الدولية والإقليمية من هذا الهدر للمال العام؟ أم أن أثر ذلك فقط يقتصر على وجود مجلس الأمة؟ لذلك فعند القيام بحله ستستقيم الأوضاع الاقتصادية!!! تبرير غريب.

إضافة إلى أن المخالفة الإجرائية التي تسببت في إلغاء مرسوم الحل الأول تكررت في مرسوم الحل الثاني، ولم تصحح.

لذلك ونظراً لما تقدم من أسباب فمن المتوقع قبول هذا الطعن الجديد على مرسوم الحل الثاني رقم (62) لسنة 2023 متى ما تقدم، ومتى ما قبل الطعن سيترتب على ذلك إعادة الحياة لمجلس 2020 مرة ثانية وبالتبعية إلغاء مرسوم الدعوة لانتخابات 2023/6/6، وما ترتب على ذلك من نتائج.

لكن هناك عدة اعتبارات يجب أخذها في الحسبان، تسبق نظر وحكم المحكمة الدستورية لهذا الطعن الجديد، ولها أهميتها في التأثير على قرارها، تتمثل في:

- الحرص على توفير الاستقلالية الكاملة للمرفق القضائي، والمحكمة الدستورية تحديداً.

- عدم التدخل في أعمالها من قبل الحكومة لا بالترغيب ولا بالتهديد كما تم مع القاضي المحترم محمد بن ناجي بعد حكمه بإلغاء مرسوم الحل الأول، وإجباره على الاستقالة، حيث تم لها ذلك، خصوصاً أن الرئيس الحالي للمحكمة الدستورية مكلف وليس بالأصالة، دون الإساءة لشخصه الكريم، فقد عرف عنه أنه قاض فاضل ونزيه وتاريخه يشهد له على ذلك، ولكن يجب ألا يدفع ثمناً لنزاهته واستقلاليته في قراره مراعياً وجه الله في اتباع الحق دون سواه، وألا يثبت في منصبه.

- من الطبيعي جداً أن تواجه المحكمة الدستورية ضغوطاً شعبية وبرلمانية وحتى حكومية شديدة عند نظرها بالطعن الجديد متى ما تقدم لها على مرسوم الحل الثاني، وستحملها جميع هذه الأطراف المسؤولية المترتبة على قبول هذا الطعن حتى إن كان محقاً وقائماً على أسس دستورية وقانونية، وسترفض النتائج المترتبة على قبول هذا الطعن وفي مقدمتها إلغاء مرسوم الدعوة لانتخابات 2023/6/6، وما ترتب عليها من نتائج، تماماً كما تم عند حكم المحكمة الدستورية بإلغاء مرسوم الحل الأول، حتى وصلت هذه الضغوط إلى درجة أن العديد من النواب السابقين والحاليين يطالبون بالتدخل لإجراء تعديلات على قانون المحكمة الدستورية للحد من صلاحياتها، وفي هذا سوء تقدير لدور المحكمة الدستورية.

وكان الأجدى والأحق تحميل الحكومة مسؤولية الحلين الأول والثاني وما ترتب أو ما سيترتب على ذلك من آثار ونتائج من إبطالهما، فهي من كانت وراء إصدار تلك المراسيم المخالفة، وكان دور المحكمة الدستورية يقتصر على القيام بواجبها بإلغاء هذه المخالفات، ولكن تم تجاهل ذلك عن قصد بغرض توجيه الإساءة للمحكمة، وهذا مناف للحقيقة.

رجاء لجميع النواب إذا كانت هناك نية جادة لتعديل قانون المحكمة الدستورية فيجب أن يكون لمنحها المزيد من الاستقلالية في القرار وتوفير الضمانات والحماية الكافية لها من أي تدخلات خارجية، ومنحها المزيد من الصلاحيات حتى تبسط يدها على كل مجريات الأمور والقضايا، إذا كنا ننشد مجتمعاً آمناً ومستقراً في ظل دولة الدستور والمؤسسات.

back to top