السعودية تطلق طريق حرير عصرياً بين الصين والعرب

• وزير الطاقة بالمملكة خلال مؤتمر الأعمال العربي - الصيني: لا نلتفت لانتقادات تنامي علاقاتنا مع بكين
• اجتماعان وزاريان عربي وخليجي... والمقداد يلتقي نظراءه العرب للمرة الثانية

نشر في 12-06-2023
آخر تحديث 11-06-2023 | 19:50
افتتاح مؤتمر الأعمال العربي - الصيني العاشر في الرياض أمس	 (رويترز)
افتتاح مؤتمر الأعمال العربي - الصيني العاشر في الرياض أمس (رويترز)
ألقت السعودية بثقلها لإحداث نقلة غير مسبوقة في علاقات الصين مع دول المنطقة، وتبنت إطلاق «طريق حرير عصري» يربط بين بكين والدول العربية، وذلك بعد القمة العربية ـ الصينية التي عقدت في الرياض قبل أشهر.

وسط مساعي بكين لتعزيز لمكانتها كأكبر شريك تجاري للمنطقة، أعلنت السعودية أمس عن توجهها لتدشين خط حرير للتنمية مع الصين، مؤكدة تجاهلها الانتقادات الموجهة لتنامي العلاقات معها.

وخلال الدورة العاشرة لمؤتمر الأعمال العربي- الصيني 2023، التي افتتحها بالرياض وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان نيابة عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبحضور وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان ومشاركة 23 دولة وأكثر من ألفي شخص، اعتبر وزير الاستثمار خالد الفالح أن الوقت حان لتكون الصين شريكاً استراتيجياً رئيسيا للتنمية في المنطقة عبر إطلاق طريق حرير عصري جديد بينها وبين العالم العربي، للتعاون والتشارك لتحقيق المصالح المشتركة في كل أنحاء العالم.

وقال الفالح، في كلمته بمؤتمر «التعاون من أجل الازدهار»: «إننا ملتزمون بالعمل كجسر يربط العالم العربي بالصين ومحرك هذا الطريق رؤيتنا للتعاون والتشاور ووقود انطلاقتها شبابنا وابتكاراتنا، وطريق الحرير سيكون قائما على استغلال الطاقات البشرية والثروات الطبيعية والاستثمارات بين الجانبين»، مشيراً إلى أن «رؤية المملكة 2030 تمثل نموذجاً لاستراتيجية الاستثمار في المنطقة».

وأوضح الفالح أن المملكة ستعمل مع الصين لاغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة، مبيناً أن «النمو في التبادل التجاري مع الصين يخلق فرصاً واعدة للاستثمار. كما أن الناتج الإجمالي للدول العربية يصل مجموعه إلى 3 تريليونات و500 مليار دولار، ثلثها تقريبا في السعودية، بالإضافة إلى الثروات الطبيعة وموارد الطاقة والموقع الجغرافي المميز».

وأضاف الفالح أن «المفاوضات مع مجلس التعاون بخصوص اتفاقية التجارة ما زالت قائمة وقطعت شوطا طويلاً جداً والقيادة من الطرفين أبدت حرصا عليها»، آملاً أن يتم إبرامه قريباً لحماية الصناعات الخليجية الناشئة.

وتحدث الفالح عن المجالات التي تتطلع إليها دول مجلس التعاون في أي اتفاق، مبيناً أن «دول الخليج العربي والمملكة تحديدا كأكبر اقتصاد وأكثر قوة سكانية وقوة عمل بحاجة إلى تفعيل القطاعات الأخرى غير قطاع الطاقة».

انتقادات للعلاقات

بدوره، قال وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان: «المملكة والصين لديهما قدر كبير من التعاون ولا ننظر إلى الانتقادات بشأن تنامي العلاقات»، لافتاً إلى أن طلب الصين على النفط في تزايد مستمر وستنخرط مع السعودية بشكل أكبر في أنشطة نقل النفط.

وإذ توقع إعلاناً قريباً عن استثمارات سعودية صينية مشتركة، أكد الأمير عبدالعزيز أن المملكة منخرطة مع الجميع «وتذهب حيث توجد الفرص وستكون شراكات مع من يرغب في الاستثمار معها»، مضيفاً: «نحن دولة منفتحة، ونعمل مع جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة والصين».

وتابع: «هناك الكثير من الأشياء التي نريد أن نقوم بها مع الصين، هناك دور تكاملي بين الدولتين وتكامل وانسجام بين مبادرة الحزام والطريق ورؤية المملكة 2030، ونذهب إلى تكوين شراكات مع من يريدون الاستثمار معنا ولدينا طموحات لتصدير الكهرباء والهيدروجين النظيف، نعمل مع أوروبا وأميركا والصين وكوريا ونريد أن نصدر الكهرباء إلى الهند».

ولفت وزير الطاقة إلى أن هناك الكثير من الفرص عالمياً، الأمر ليس إناءً نقوم بتقسيمه وتوزيعه بين الدول، نحن نذهب حيث توجد الفرص، ولتكوين شراكات مع الراغبين في الاستثمار معنا، ولا يوجد شيء سياسي أو استراتيجي في ذلك، لكننا نتشارك مع الآخرين جميعاً، نحن دولة منفتحة، ونعمل مع جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة والصين وكوريا والهند والعديد من الدول الإفريقية».

وشدد الأمير عبدالعزيز على أن اتفاق تحالف أوبك+ الأخير تضمن إصلاحاً شاملاً، لكن التحالف يعمل أيضاً لمواجهة «الشكوك والهواجس» داخل السوق.

شراكة تجارية

وفي افتتاح مؤتمر الأعمال العربي الصيني، كشف وزير الخارجية السعودي أن الصين تعد الشريك التجاري الأكبر للدول العربية بـ430 مليار دولار.

وقال بن فرحان: «اجتماعنا فرصة للعمل على تعزيز وتكريس الصداقة العربية الصينية التاريخية، والعمل على بناء مستقبل مشترك، نحو عصر جديد يعود بالخير على شعوبنا ويحافظ على السلام والتنمية في العالم، وزيارة الرئيس شي جينبينغ للرياض في ديسمبر الماضي زادت من توطيد العلاقات الثنائية في المجالات كافة»، مؤكداً الرغبة المتبادلة بين الدول العربية والصين لتطوير الشراكة والتعاون.

الجامعة العربية

من جانبه، قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في كلمته، إن «المملكة تستكمل بهذا المؤتمر جهودها الناجحة في احتضان قمة عربية صينية في 9 ديسمبر الماضي».

ولفت إلى أن القمة العربية الصينية «أعطت دفعة للتعاون العربي في جميع المجالات السياسية والثقافة والاقتصادية، بفضل رغبة الطرفين الصادقة في الانتقال إلى رحاب أوسع».

وأكد أبو الغيط أن فرص الاستثمار في المنطقة العربية «كثيرة وواعدة»، إلا أنها «ظلت مستقطباً ضعيفاً لرؤوس الأموال الأجنبية الواردة إليها بالمقارنة بمناطق جغرافية أخرى بسبب ما شهدته من أحداث وأزمات».

وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت إحراز تقدم نحو تحقيق سوق عربية مشتركة، مضيفاً: «نعمل على مسودة اتفاقية لاستثمار رؤوس الأموال بالدول العربية بالشراكة مع مؤسسة دولية عالمية».

ويشارك في الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، المنعقدة في الرياض على مدى يومين، تحت شعار التعاون من أجل الرخاء، أكثر من 3000 شخصية من 23 دولة، ويتحدث بها أكثر من 150، وتشهد ثماني جلساتٍ حوارية، و18 ورشة عمل، بخلاف اللقاءات الخاصة، والفعاليات الجانبية.

اجتماعات متزامنة

وعلى هامش المؤتمر العربي- الصيني، شارك وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم الصباح أمس في الاجتماع الوزاري لمجلس التعاون الخليجي بدورته الـ156 في مقرّ الأمانة العامة للمجلس بالرياض.

وبحث الاجتماع الخليجي برئاسة سلطنة عمان متابعة تنفيذ قرارات مجلس التعاون الصادرة عن القمة الـ43 بالرياض، وكذلك مذكرات وتقارير اللجان والفنية بالأمانة العامة، والموضوعات ذات الصلة بالحوارات والعلاقات الاستراتيجية بين دول التعاون والتكتلات العالمية، إضافةً إلى الاطلاع على آخر التطورات الإقليمية والدولية، والمستجدات التي تشهدها المنطقة.

إلى ذلك، عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً موازياً شارك فيه للمرة الثانية وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بدعوة من نظيره السعودي فيصل بن فرحان.

وزيارة المقداد للرياض هي الثالثة من نوعها في غضون ثلاثة أشهر حيث قام بأول زيارة في أبريل الماضي، كما رافق الرئيس بشار الأسد إلى مدينة جدة لحضور مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.

back to top