وجهة نظر: الفارق السعري غير المنصف... بين برميل النفط الخام والمصنع

نشر في 30-05-2023
آخر تحديث 29-05-2023 | 19:53
 د. عبدالسميع بهبهاني

عند حساب برميل خام النفط المصدر عادة تكون الحسبة متعلقة بطريقين، الأوّل هو الكلف التشغيلية، التي عادة تتراوح حول 40 بالمئة من حساب كلفة البرميل، وأهم عاملين فيها هما الأيدي العاملة والنقل، والنسبة 60 بالمئة الأخرى من كلفة البرميل تكون رأسمالية، كالبنى التحتية من حديد وأسمنت، ومنها المسوحات. تطبيق معدل الغلاء على كلفة البرميل من خلال مواد إنتاجه أقرب الى الواقع ومن ثم تقييم الخام مباشرة.

ومن خلال هذا الأسلوب يكون الغلاء المطبّق خلال الـ 45 سنة الماضية هو 3.8 بالمئة، ومن ثم القيمة التراكمية للبرميل الحالي تكون حوالي 350$، وبهذه المرجعية يمكن مقارنتها بالبرميل المصنع المكافئ.

أما الطريق الثاني فهو في تطبيق نسب الغلاء بعموميتها، أي على عموم معدلات تضخّم الرأسمالي والتشغيلي الذي يحسب حالياً على 3.4 بالمئة، ومن ثم قيمة البرميل الحالية، ولنفس الفترة، تقدّر بـ 262$. أما إذا ما اتجهنا إلى المضاهاة بنسب الغلاء المطبّقة على مصادر الطاقة الأخرى، المنتجة للحرارة، كالفحم مثلاً، فأرقام البرميل ستكون خيالية في 600$ مكافئ.

وبالبحث في مقارنة برميل الخام المصدر والبرميل المكافئ المصنع المستورد، فإننا نرى من المنطق تثبيت العوامل المشتركة في الكلف بين البرميلين، وهي بطريقة تقييم السلع المنتجة للبرميلين.

من هذا المنطلق نرى حساب البرميل المكافئ يجب أن يكون بمشتركات البرميلين، ومن ثم يحسب من ذلك حساب الهامش الربحي والفارق بينهما.

فحساب البرميل المكافئ المصنع المستورد يغلب على محتواه البلاستيك، أو ما يعرف بالبوليمرات، إضافة الى برميل مشتقات المصافي، وأهمها وقود الديزل والطائرات، وبنسبة أقل الكيروسين والبنزين.

هنا بالمنطق تكون المواد الأساسية للمنتج أساسا لحسابات الكلفة، والملاحظ هنا يكون الغلاء انسيابيا سهلا خلال الـ 40 سنة الماضية.

فمعدل الغلاء المطبّق يتراوح أيضا بين 3.8 و6.5 بالمئة في السلع المنتجة من الخام، بين المصنع والمشتق تباعا. والواقع أننا نعتقد أن نسب الغلاء المطبقة على البرميل المكافئ (المصنع والمشتق) غير مبنيّ على أصول اقتصادية، فنرى الهامش الربحي، الموجود على البرميل المكافئ، سخي، بل فاحش، خاصة منتج المصافي، الذي فاق الـ 60 بالمئة.

وبالنظر إلى المنحنى البياني في سعر برميل النفط منذ اكتشافه عام 1945، نجد أنه ظل فترة طويلة، تقريبا منذ عام 1945 إلى 2002 بقيمة 20 دولارا، ثم قفز بين 2012 إلى 2014 إلى 100 دولار، ثم رجع مرة أخرى ليراوح منذ 2014 إلى الآن على الـ 70 دولارا صعودا، ونزولا بـ 2 – 5.

فمن خلال هذه المنحنيات المتقلبة، لا يمكن تقبُّل الطريقة الإحصائية لاستخلاص القيمة العامة، إذ المعدل العام لبرميل النفط منذ اكتشافه إلى هذا اليوم، حيث نجده تقريبا بحدود 53 دولارا للبرميل، وهو رقم لا شك في أنه بعيد كل البُعد عن حساب قوانين الغلاء، والجدوى الاقتصادية لأنها لا تتواءم معها.

هذا بالنسبة إلى بيع النفط الخام، أما بالنسبة إلى البرميل المكافئ، كما ذكرت، فإنّه عندما يكون بين المشتق والمصنع، نجد أن الأرقام حقيقة وأكبر بكثير من برميل النفط الخام.

فعلى حسبة القيمة الحالية وبمعدلها العام، 75 دولارا، وتطبيق الحد الأدنى لنسبة الغلاء الذي هو 3 بالمئة، وهو رقم متحفّظ، يفترض أن تكون القيمة الحقيقية للنفط في الحد الأدنى بـ 194 دولارا، فنجد بهذه الحسبة أننا نشتري البرميل المكافئ ببرميلين ونصف للبرميل الخام، وبرميل المشتق بقيمة 4 براميل خام.

لعلّ أهم أسباب ذلك يعود إلى الجانب الجيوسياسي، حيث التقلبات التي نراها من المنحنى البياني للنفط بالذات، وعندما يقارن بالفحم، وبالمنتجات الاستهلاكية الأخرى نجده أن الجانب الجيوسياسي، هو المسيطر على تحديد المدى التسعيري، والذي يمكن تحديده في جهتين، جهة المضاربين التي عادة ترفع وتنزل أسعارا بتقارير غير منطقية.

والجديد هو إضافة تسعيرة خام تكساس المتوسط، رغم وجود خام إيكوفيسك المشابه له، الى مرجعية سلّة أسعار النفط الخام المعروفة (BFOET)، مما يجعل التحكم الجيوسياسي مباشرا لأسعار النفط.

* خبير واستشاري نفط

back to top