إردوغان واثق من الفوز... وكليشدار أوغلو يراهن على الشباب

• توقعات بانخفاض نسبة التصويت في جولة الإعادة... وأوغان وأصوات القوميين بيضة القبان
• حكومات المنطقة تفضل التعاون مع رئيس تعرفه

نشر في 17-05-2023
آخر تحديث 16-05-2023 | 19:27
بائع يشق طريقه بشارع تملؤه صور إردوغان في إسطنبول أمس (رويترز)
بائع يشق طريقه بشارع تملؤه صور إردوغان في إسطنبول أمس (رويترز)
رغم الضبابية السياسية والاقتصادية، التي خلفها عدم حسم الانتخابات الرئاسية التركية، أبدى الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب إردوغان ثقته بالفوز في جولة الإعادة المقررة أواخر مايو، في حين لجأ خصمه العلماني كمال كليشدار أوغلو إلى الشباب الرافض لسياسات الرجل الواحد المستمرة منذ عقدين، أملاً في تحقيق المفاجأة.

وسط أجواء إقليمية منفتحة على نهجه المعدّل خصوصاً في الشرق الأوسط باعتباره واقعاً مقبولاً في منطقة مضطربة، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، أن الوقت حان لتتويج النجاح في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية إلى فوز أكبر على منافسه المدعوم من أحزاب المعارضة الرئيسية كمال كليشدار أوغلو، الذي أقر بصعوبة موقفه وراهن على أصوات الشباب في «التخلص من الطاغية».

وكتب إردوغان، عبر حسابه على «تويتر»، «الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية يوم 28 مايو الجاري ستعقد بعد يوم واحد من الذكرى السنوية الـ 63 لانقلاب 27 مايو، وستكون بمنزلة بشرى لرؤية قرن تركيا»، التي أعلنها في أكتوبر الماضي وتتضمن برامجه وأهدافه في المئوية الجديدة.

وفي منشور سابق، كتب إردوغان: «سنخرج منتصرين من الجولة الثانية ونأمل أن نحقق نجاحاً تاريخياً، بعد أن دافع شعبنا عن إرادته الحرة رغم محاولة هندسة السياسة في بلدنا من قبل جبال قنديل (حزب العمال الكردستاني) وبنسلفانيا (تنظيم فتح الله غولن) ومنصات التواصل الاجتماعي وأغلفة المجلات الأجنبية».

كليشدار والشباب

في المقابل، اختار كليشدار أوغلو، الذي يسعى لتحقيق مفاجأة في جولة الإعادة، توجيه رسالة إلى الناخبين الشباب، معتبراً أن نتائج صناديق الاقتراع أظهرت أن عدد الراغبين بالتغيير يفوق عدد أولئك الذين لا يريدونه.

وأقرّ كليشدار أوغلو، في الوقت نفسه، بأن المعارضة هي «الطرف الذي يحتاج إلى أن يكافح بشدة أكبر» للفوز بهدف «التخلص من حكومة طاغية كهذه».

وقال كليشدار أوغلو، إن الحزب الحاكم وحلفاءه فتحوا باب البرلمان أمام «أولئك الذين يرغبون في معاملة النساء كأشياء»، منتقداً السياسة الاقتصادية التي دفعت الشباب الأتراك إلى «التفكير مرتين في تناول فنجان قهوة».

أوروبا تعتبر أن الإطار القانوني التركي لا يوفر أساساً لانتخابات ديموقراطية

وإذ حذر الشباب من ظلمة لا قعر لها ختم مرشح المعارضة رسالته بنداء للتصويت قائلاً: «لدينا 12 يوماً فلنخرج من هذا النفق المظلم».

وأقال كليشدار أوغلو مساعده لتكنولوجيا المعلومات والاتصال أونورسال أدي قوزال بسبب مشاكل في نقل البيانات عاشها حزبه «الشعب الجمهوري» ليلة إعلان النتائج. ونشر قوزال على صفحته في تويتر بياناً للرأي العام أكد فيه أنه من قدم استقالته.

وتحدثت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية عن 3 عقبات قد تحول دون هزيمة إردوغان، أول معضلة إرهاق الناخبين والتساؤلات الدائرة داخل المعارضة نفسها عما إذا كان كليشدار أوغلو هو المنافس المناسب لمواجهة إردوغان، والعقبة الأهم هي الحصول على أصوات كتلة أوغان القومية.

دور محوري

في هذه الأثناء، خرج المرشح الخاسر سنان أوغان بثلاث مقابلات إعلامية، ألمح فيها إلى «دور محوري» سيلعبه بعد أسبوعين، وأطلق سلسلة من المساومات، استهدفت كلا الضفتين، الحاكمة والمعارضة.

وبحصوله على 5.17% أصبح بإمكانه نظرياً أن يرجح جولة الإعادة لمصلحة أي من المرشحين. وبذلك، وجد نفسه صانع الملوك في أهم انتخابات في تاريخ تركيا الحديث.

وكان الرجل البالغ من العمر 55 عاماً حريصاً على تجنب إلقاء ثقله خلف أي من المرشحين. وقال لـ«رويترز»: «سنتشاور مع قاعدة الناخبين لدينا لاتخاذ قرارنا في جولة الإعادة. لكننا أوضحنا بالفعل أن الحرب ضد الإرهاب وإعادة اللاجئين هي خطوطنا الحمراء».

قال مراد سومر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كوج في إسطنبول، إن أوغان ينتقد أردوغان وكليشدار أوغلو معاً، لكن أغلبية ناخبيه أقرب إلى الرئيس من منافسه الرئيسي.

ليس من الواضح ما إذا كان أوغان سيضع شروطاً لدعمه لأي من المرشحين وماذا قد تكون، لكن انتماءاته السابقة ومواقفه السياسية قد تعطي مؤشراً على كيفية تصويت مؤيديه.

قال أوغان ليلة الأحد، إن القوميين الأتراك والكماليين سيكونون «محددات جولة الإعادة». تشير الكمالية إلى أيديولوجية تركيا العلمانية المؤيدة للجمهورية كما تصورها مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك مؤسس حزب الشعب الجمهوري (CHP) بزعامة كليشدار أوغلو.

ويعارض أوغان التحالف الضمني بين كليشدار أوغلو وحزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد، لكنه لكنه يعارض أيضاً تحالف إردوغان مع حزب «هدى بار» الإسلامي المرتبط بـ«حزب الله» الإسلامي السني الكردي. وقد يتفق أوغان مع مرشح المعارضة على ضرورة إغلاق ملف اللاجئين السوريين بالسرعة القصوى لكن موقف إردوغان بخصوص هذا الملف لا يختلف كثيراً عن معارضيه.

نسبة المشاركة

وتوقع الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج انخفاض نسبة المشاركة في الجولة الثانية وهذا ينعكس لمصلحة إردوغان الذي يحتاج فقط إلى نصف نقطة للفوز؟ وقال الحاج على «تويتر» إن أبرز أسباب الانخفاض المحتمل للنسبة هو الارتياح لدى أنصار إردوغان، وتراجع معنويات أنصار كليشدار أوغلو، كما أن نسبة من مؤيدي أوغان لا يريدون أياً من المرشحين، أضف إلى ذلك، صعوبة تصويت الأتراك في الخارج بنفس النسبة لأسباب لوجستية، وختاماً ضعف دافع أنصار الاحزاب الصغيرة في تحالف المعارضة للتصويت بكثافة.

الشرق الأوسط

وفي حين كان احتمال فوز إردوغان أن يدق ناقوس الخطر في فترة من الفترات في أنحاء الشرق الأوسط، لكن بعد اتخاذه مواقف أكثر تصالحية في السنوات القليلة الماضية، لم يثر أداؤه القوي يوم الأحد قلقاً يذكر.

وعلى امتداد 20 عاماً، تبنى أردوغان سياسة إقليمية قوية، فأرسل قوات لمحاربة الأكراد في العراق والاستيلاء على جيوب حدودية في سورية، ودعم القوات الحكومية في ليبيا وتحدى قوى رئيسية في الشرق الأوسط منها مصر والإمارات والسعودية بسبب دعمه لجماعة الإخوان المسلمين.

لكن مع تعثر الاقتصاد، عدل أردوغان نهجه وتوصل إلى تسويات مع منافسين مثل الإمارات، وبات معظم حكومات الشرق الأوسط تعتبره جزءاً من واقع وضع راهن مقبول في منطقة مضطربة.

وقال المعلق السياسي الإماراتي عبدالخالق عبدالله: «دول الخليج تفضل الاستمرارية على التغيير... فالشخص الذي نعرفه أفضل من الذي لا نعرفه».

ومع تضييق شقة الخلاف، أصلح إردوغان العلاقات مع الإمارات في 2021 ومع الرياض العام الماضي. وساعد هذا النهج التصالحي أيضاً على تهدئة الخلاف مع مصر واحتواء الصراع في ليبيا وسورية، وأصبح لدى أنقرة الآن علاقات عبر خطوط المواجهة القديمة.

أوروبا وأميركا

في غضون ذلك، اعتبرت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أمس الأول، أن استمرار القيود على الحريات الأساسية في التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير أعاق مشاركة بعض السياسيين والاحزاب المعارضة وكذلك المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة في الانتخابات التركية داعية أنقرة إلى إجراء التغييرات اللازمة.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، إن الرئيس جو بايدن يتطلع للعمل مع الفائز في الانتخابات التركية أياً يكن، مضيفاً: «نهنئ الشعب التركي على التعبير عن رغباته في صناديق الاقتراع بطريقة سلمية».





هل تصبح قضية اللاجئين السوريين العنوان الأول للجولة الثانية؟

أبدى مرشح المعارضة للرئاسة التركية، كمال كليشدار أوغلو، إعجابه بتغريدة لرئيس بلدية بولو التابع لحزبه، تدعو إلى طرد اللاجئين من تركيا، وجعل هذه القضية مفصلية في اختيار الناخبين الأتراك بين الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان وخصمه في الجولة الثانية.

وظهر إعجاب كليشدار أوغلو بتغريدة تانغو أوزجان، رئيس بلدية بولو، المعروف بتشدده ضد اللاجئين في منطقته، والتي قال فيها: «في يوم 28 مايو (موعد الجولة الثانية) يجب أن يكون للاختيار، بين من يريد ترحيل اللاجئين، وبين من يريد إبقاءهم، من يريدون إبقاءهم فلينتخبوا إردوغان، ومن يريدون ترحيلهم فلينتخبوا كليشدار أوغلو... كما رحلتهم أنا سيرحلهم السيد كمال».

وفي تغريدات لاحقة، قال أوزجان: «السيد كمال يجب أن يكون واضحاً... ويتوقف عن الحديث عن ترحيل اللاجئين بالطبل والمزمار، إما بشكل طوعي أو بالقوة يجب أن يرحّلوا، هكذا يجب، نحن لا نستطيع الاعتناء بشعبنا فكيف سنعتني بـ 13 مليون لاجئ، يكفي من الآن فصاعداً... الرجل (إردوغان) يقول لن أرحلهم والناس تصوت له في الانتخابات».

وكانت قضية اللاجئين السوريين والمهاجرين، أحد البنود الرئيسية في خطاب المعارضة التركية، وخصوصاً حزب الشعب الجمهوري وحزب «الجيد»، والتأكيد على ترحيلهم في حال تسلمهم السلطة. وقال كليشدار أوغلو، إنه سيقوم بترحيل اللاجئين في حال وصوله إلى السلطة، في غضون عامين على أبعد تقدير.

وأضاف، في أحد المهرجانات الخطابية: «أنا لا أتصرف بعنصرية أبداً، سنرسلهم بالطبل والزمر وبإمكانهم المجيء إلينا سائحين، وليعيشوا في بلدهم بهدوء، وليس عندنا». وقد تكون قضية اللاجئين السوريين نقطة الالتقاء الأبرز بين المعارضة والمرشح القومي سنان أوغان المعروف بمواقفه المناهضة للاجئين السوريين.

back to top