زمن جياع الشهرة وحب الظهور تحت غطاء فعل الخير

نشر في 12-05-2023
آخر تحديث 11-05-2023 | 19:59
 احمد ابوبكر رضوان

مع بداية كل موسم تبدأ حملات مساعدة المحتاجين بجمع تبرعات سواء من أفراد أو جمعيات أو مؤسسات، وهذا الشيء يأتي في إطار التكافل الاجتماعي الذي أمر به الإسلام وحثنا عليه، لكن في بلدنا اقتحم عالم الشهرة والتشهير ودخل علينا من باب ضيق يتاجر بأحلام هؤلاء البسطاء وبحاجاتهم وتحولت صورهم إلى صور حصرية تصنع لبعض السياسيين أو بعض الجهات شهرة زائفة.

هؤلاء الأشخاص الذين أوهموا أنفسهم بأنهم يمثلون الأغلبية وأنهم المؤثرون في مجتمعاتهم الذين يسعون للصدارة والبحث عن الشكر والثناء والمنزلة في نفوس الناس.

هذه الشخصيات المريضة بحب الظهور ولفت انتباه الآخرين واستغلال الفرص ونسب أي إنجاز أو عمل لأنفسهم بالكذب ناهيك عن فقد مصداقيتهم لدى المحيطين بهم وانعدام الثقة فيهم وعزوف الناس عنهم فهل غاب عنهم كل ذلك؟ ألا يوجد لهم أولاد أو أشقاء أو أصدقاء ينصحونهم بأنهم مفضوحون ومفضوح كذبهم، حقا أن لم تستح فاصنع ما شئت!!.

وإنه مما لا شك فيه أن الصدقة من أعمال الخير المحببة لله تعالى، ولها فضل عظيم في حياة المسلم، ولننظر الى قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».

ففي السابق كنا معروفين بصدقة السر بعيدا عن العلانية، ولكن الآن ما الذي حدث؟ ولماذا أصبحنا هكذا؟.

ففي هذه الأيام ساهمت المؤسسات والجمعيات الخيرية بشكل كبير في إعادة التكاتف الاجتماعي وقد أصبحت بمنزلة باب يطرقه كثير ممن هزمهم الفقر والعوز وهذه الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان.

ولكن الآن قد نجد بعض الأشخاص المتصدقين أو المبادرين في الأعمال الخيرية العلانية والمشهورة يحاولون الظهور على الساحة بحجة الأعمال الخيرية والمجتمعية والتطوعية يلتحفون بثوب الرياء والإعجاب بالنفس والمباهاة من أجل كسب المتابعين والاغتناء والاسترزاق داخل مواقع التواصل الاجتماعي ومن أجل التعرف على المسؤولين أو أصحاب المناصب الرسمية وغيرهم لحاجة في نفس يعقوب. فهذه الأعمال لا تأتي إلا من الضمائر الميتة فالأعمال الخيرية والتطوعية ليست للمتاجرة أو للشهرة أو لتحقيق أغراض شخصية للمرور من خلالها إلى خوض انتخابات أو اعتلاء مناصب.

ولنفترض أن المبادر في فعل الخير يفعل ذلك لوجه الله تعالى أو لدافع إنساني بحت، فلماذا ينصب اهتمامه إلى تقديم عمله الخيري بالطرق الاستعراضية؟.

فالبعض قد يصل به الحد الي ملامسة الجنون، وهو يتباهى بما يملك من ثروة وشهرة ونفوذ وإعجاب بالنفس ومباهاة بفعل الخير، فالحياة اليومية مليئة بالكثير من الأشخاص المتعطشين للفت الانتباه وبعقدة حب الظهور والركض وراء كسب النفوذ.

فهذا العمل غريب علينا يسيء للكرامة الانسانية مليء بالرياء هدفه حب الظهور وكسب الشهرة والسمعة أمام أفراد مجتمعه اعتقادا منه أنه سيسطر اسمه من ذهب في تاريخ بلده.

يمكننا أن نقدم للمحتاج ونخفف فقره دون مس كرامته، فهناك الكثير من الخيرين الذين يقدمون دون ضجيج أو أذى، فالخير له أساليبه ومبادئه وأخلاقياته التي أرادها الله تعالى وطلبها من فاعلي الخير.

فالإنسان لا يخلو من أن يكون معطياً أو آخذاً فمن جعله الله معطياً فليوف حق الله عليه دون إسفاف أو رياء لأن الله عز وجل قادر على تبديل الأحوال، فغني اليوم قد يكون فقير الغد، وفقير اليوم قد يكون غني الغد.

back to top