حكومة ومجلس قرار وبدون أعذار

نشر في 01-11-2022
آخر تحديث 31-10-2022 | 19:12
 أ. د. فيصل الشريفي لا يتوقع أي من المتابعين أن يكون المجلس الحالي مشابهاً لمجلس 2020 من حيث التوجه السياسي بعد إعلان معظم النواب انضمامهم لتكتلات تجمعهم أولويات ومشتركات متوافق عليها، كما أنه من الصعوبة التكهن بنوع العلاقة التي ستجمع المجلس مع الحكومة، فالموضوع أكبر من حصره في قبول الحكومة والمشاركة بها.

يعي النواب أنهم تحت رصد الناخبين الذين أولوهم ثقتهم، وأنهم تحت مجهر الوعود التي أطلقوها في فترة الانتخابات، وهم يدكون أيضا أن خيار العودة للشارع في حالة إذا ما حل المجلس بسبب الطعون الدستورية أو بسبب إذا ما أخفقت أو قصرت الحكومة في أداء مهامها. مع كل هذه الضبابية فإن هناك فرصة تاريخية للإنجاز بسبب ما لمسناه من صدق نوايا وإجراءات قامت بها الحكومة في الفترة الماضية، وأيضا لرغبة النواب في تحقيق ما وعدوا به المواطنين، ناهيك عن أن معظم الأولويات من السهولة تطبيقها وإنجازها متى ما كانت خطة الالعمل الحكومي قابلة للتطبيق والقياس ومحددة التكلفة المالية والزمنية. ولعل أبزر تلك الأولويات:

1- معالجة الملف التعليمي: قبل البدء بأي عملية إصلاحية لا بد من مراجعة إنجازات القيادات العليا والوسطى المسؤولة عن تنفيذ السياسات التعليمية وتطبيق أهدافها، ومن ثم النظر لبقية العناصر التعليمية (المعلم والطالب والمناهج والبيئة المدرسية والأسرة)، وكذلك مكافحة الظواهر السلبية كتفشي ظاهرة الغش والدروس الخصوصية وأمية الطلبة، وأخيرا توجيه مخرجات المؤسسات الجامعية والمهنية نحو احتجاجات ومتطلبات سوق العمل في قطاعية الخاص والعام الآنية والمستقبلية ضمن مفهوم الجودة والمنافسة.

2- معالجة القضية الإسكانية وغلاء أسعار العقارات:

لمعالجة هذه القضية لا بد من ابتكار حلول جديدة ومنها ضرورة إطلاق يد الهيئة العامة للرعاية السكنية في إشراك المطور العقاري بهدف توفير مساكن مختلفة المساحات والاحتياجات ليتناسب ومتطلبات الأسر الصغيرة والمطلقات والأرامل من خلال اقتطاع نسبة لا تتجاوز الـ5% تخصص للمطور العقاري، بحيث يستطيع استغلالها من 20 إلى 25 سنة لإقامة مشاريع تجارية وترفيهية أو لأي أغراض أخرى يتم التوافق عليها.

طرح مثل هذه المشاريع الإسكانية سيوفر على خزينة الدولة مئات الملايين، وقد تصل بها للمعادلة الصفرية أو على أقل تقدير يستطيع المواطن شراء مسكن ضمن نطاق الاستطاعة.

3- حل مشكلة التركيبة السكانية:

الحديث عن هذه القضية لا يعني الاستغناء عن العمالة الوافدة بل في تنظيمها بما يخدم الحاجة ومتطلبات التنمية من خلال تشريع قوانين عادلة تحفظ حق الدولة وحق الوافدين وحمايتهم من عصابات تجار العمالة.

4- حل قضية البدون:



بعد انتهاء الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية من تحديد جنسيات البدون لم يعد هناك حاجة لإضاعة الوقت في حسم هذه القضية، فمن ثبت انتماؤه لأي دولة بالأدلة والبراهين يجب مواجهته ومخاطبة السفارة التي ينتمي إليها، وإعطاء البقية حقوقهم المدنية والقانونية، فمن غير المقبول استمرار معاناة من له حق المواطنة بمساواتهم بمن زور ودلس.

5- معالجة الهوية الاقتصادية وصناعة القائد الاقتصادي:

العالم اليوم يمر في صراع اقتصادي بين الدول الكبرى، ونحن لسنا ببعيدين عن هذا الصراع، والقضية قضية بقاء وجودي، لذلك لابد من صناعة القائد الاقتصادي وتوجيه الطاقات نحو مشاريع اقتصادية وصناعية كبرى يكون للاستيطان نصيب منها من خلال البدء بشراكات مع الشركات الرائدة في الصناعة والتجارة العالمية، وكذلك البدء بتشغيل ميناء مبارك والمناطق الحرة وتحريك ملف التجارة البينية والسياحة الداخلية.

6- معالجة ترهل الهياكل الإدارية:

من الواضح أن الدولة تعاني التكدس الوظيفي والترهل في الهياكل التنظيمية وعلى الخط ذاته تعمل الحكومة على ميكنة القطاعات وتسهيل الإجراءات وتحويلها إلى البرامج الرقمية، وهذا يتطلب إعادة تأهيل الموظفين لتمكينهم من أداء مهامهم.

7- العمل على مفهوم التمكين والعدالة بين المواطنين: تراجع مؤشرات الأداء مرتبط بمفهوم التمكين والعدالة وحسن الاختيار وتكافؤ الفرص بين الموظفين على أساس الكفاءة والعطاء، حيث أثبتت سياسات المحاصصة والترضيات فشلها، وأنها كانت وراء تراجع الأداء الحكومي.

8- القضاء على الفساد الإداري والمالي:

هذا الشعار رفعته الحكومة والمجلس على حد سواء، وهو شعار لا يستقيم إلا بمحاسبة الفاسدين أيا كان موقعهم وفي أي زمن.

أخيراً: كل ذلك يمكن تحقيقه، والأهم هو التحرك في كل الاتجاهات، فلا أحد يستطيع الجزم بترتيب الأولويات، فكلها مجتمعة تحقق الرخاء والرفاهية الاجتماعية.

ودمتم سالمين.

back to top