الأرواح الميتة

نشر في 09-05-2023
آخر تحديث 08-05-2023 | 18:25
 د. نجم عبدالكريم

هذه رواية كانت سبباً في موت مؤلفها نيكولاس جوجول، الذي حين قرأها على أستاذه بوشكين قال له:

- لماذا نكأت الجراح؟ لماذا رفعت أحجار القبور عن الموتى؟

- لم أكن أقصد غير إضحاك الناس.

- الناس قد يضحكون، ولكنهم سيبكون حتماً.

- هل تطلب مني أن أعيد كتابتها؟

- كلا، كلا، لأن رواية الأرواح الميتة هي عبقريتك التي تفردت بها يا عزيزي جوجول.

***

ولما عرض المؤلف روايته على الرقابة لتجيزها كان رد رئيس لجنة الرقابة:

- يا للعار يا جوجول. إن شخصية روايتك - تشيتشيكوف - تشتري الأرواح، وهذا منتهى النذالة والحقارة، هل المواطن الروسي عندك رخيص إلى هذا الحد؟ إنك تهاجم العقيدة المسيحية نفسها، والأرواح خالدة أيها الكاتب، الأرواح لا تموت.

- ولكن هدفي كان...

- هدفك كان يا جوجول إثارة الفوضى، وتعريض نفسك لأخطارٍ لا حصر لها، آسف، لا أستطيع أن أصرح بنشرها.

***

فسافر إلى سان بطرسبورغ لعرض «الأرواح الميتة» على رقابتها، فسُمح له بنشرها، وقوبلت الرواية بإعجابٍ كبير، وأصبح جوجول يتمتع بسمعةٍ أدبيةٍ كبيرة، مما أحدث انقلاباً كبيراً في حياته، فمع ازدياد الإعجاب بهذه الرواية ازداد سخطه على القراء والنقاد والمعجبين، وفي ذات ليلة طلب من خادمه أن يشعل المدفأة، ثم قام بجمع مسودات رواية الأرواح الميتة وألقى بها في النار، وكتب في يومياته:

إن شخصية تشيتشيكوف، التي رسمتها في الرواية التي أحرقتها، قد أوحى لي بها الشيطان، وبحرقها سوف أعطي ذلك الشيطان الساكن بأعماقي درساً لن ينساه.

***

وفي فجر ذلك اليوم كان جوجول يتمتم... أريد سلماً أرقى به إلى السماء لكي أتحرر من الأرواح الميتة، ثم أسلم الروح إلى بارئها...

***

إن فهم الأعمال الأدبية لكتاب وشعراء شعب ما، مقدمة ضرورية لفهم تاريخ ذلك الشعب! فروسيا مثلاً، التي يصورها تولستوي، تختلف عن التي يصورها دستويڤسكي، أو تشيخوف، وما كتبته - اليوم - عن جوجول أيضاً يختلف هو الآخر عن النماذج التي ذكرتها...

back to top