السودان: مساعٍ لمفاوضات في جدة أو جوبا بين البرهان وحميدتي

• الجيش يلمّح إلى تدخّل خارجي والسعودية تجلي إيرانيين... وطوابير طويلة من الفارين إلى إثيوبيا

نشر في 30-04-2023
آخر تحديث 29-04-2023 | 19:07
الجيش السعودي يستقبل بالورد إيرانيين فارين من السودان في ميناء جدة أمس  (رويترز)
الجيش السعودي يستقبل بالورد إيرانيين فارين من السودان في ميناء جدة أمس (رويترز)
على وقع تبادل الاتهامات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بخرق الهدنة الإنسانية الخامسة، دخل الصراع على السلطة في السودان أسبوعه الثالث، وسط رصد الأمم المتحدة إشارات إلى انفتاح لدى الطرفين المتحاربين للتفاوض.
قال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان ولكر بيرتس، إن الطرفين المتحاربين في البلاد منفتحان بشكل أكبر على المفاوضات وأقرا بأن الصراع الذي اندلع منذ أسبوعين لا يمكن أن يستمر، مضيفاً أن الطرفين رشحا ممثلين عنهما للمحادثات التي اقتُرحت إقامتها إما في جدة بالسعودية أو في جوبا بجنوب السودان، لكنه لفت إلى أنه لم يُحدَّد جدول زمني لإجرائها.

وبدت احتمالات إجراء مفاوضات بين زعيمي الطرفين واهية حتى الآن. وأمس الأول، قال قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في مقابلة إنه لن يجلس أبداً مع قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو ووصفه بأنه «زعيم التمرد».

وقال دقلو، المعروف باسم حميدتي، إنه لن يجري محادثات إلا بعد أن يوقف الجيش القتال.

وأمس بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري مع القائم بأعمال وزير خارجية جنوب السودان دينغ داو في اتصال هاتفي الجهود التي يقوم بها الجانبان من أجل تعزيز ودعم التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في السودان.

ورغم تمديد وقف إطلاق النار للمرة الخامسة منذ 15 أبريل استجابة لضغوط الولايات المتحدة والسعودية، استمر القتال في الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين.

ومع دخول صراع الجنرالين على السلطة أسبوع الثالث، شهدت الخرطوم، التي يعاني سكانها صعوبة الحصول على الغذاء والوقود والمياه والكهرباء، ضربات جوية ومدفعية وتصاعد الدخان الأسود فوق مبانيها، واتهم الجيش قوات الدعم السريع بخرق الهدنة المقترحة من الجانبين الأميركي والسعودي مما تطلب التعامل العسكري معها.

واتهمت قوات الدعم السريع الجيش بانتهاك الهدنة، التي من المقرر أن تستمر حتى منتصف ليل الأحد - الاثنين، بشن ضربات جوية على قواعدها بمدينة أم درمان، المجاورة للخرطوم والواقعة عند التقاء النيلين الأزرق والأبيض، وفي محلية جبل أولياء.

وأعلن الجيش أن قواته أحبطت محاولة فاشلة للاستيلاء على الحكم واختطاف الدولة عبر مؤامرة كبيرة خططت له جهات في الداخل والخارج لتدمير القوات المسلحة لمصلحة مشروع ذاتي لشخص واحد، مؤكداً أن «هذه معركة ليس فيها أي مجال للحياد الزائف وستنجلي قريباً بالنصر وإسدال الستار على أسوأ حقبة عاشها السودان».

ولفت إلى العمل على تهيئة الظروف لاستئناف الشرطة وبقية الأجهزة عملها وعودة الحياة لطبيعتها بأقرب وقت، موضحاً أن «المعركة وحدت الشعب وزادت حرصه على أهمية بقاء قواته المسلحة».

وقال: «كل المناورات التي جرت خلال الشهور الماضية كان هدفها تدمير الكتلة الصلبة للبلاد المتمثلة في الجيش ومنظومتها الأمنية لتحل مكانها الميليشيا المتمردة، التي أظهرت أسوأ ما يمكن تصوره من سلوك طابعه عدم التورع عن استباحة المؤسسات وتخريبها ونهب كل ما يقع تحت أيديهم بلا وازع أو ضمير».

البرهان وحميدتي

وتحدث البرهان وحميدتي، أمس الأول، لقناة «الحرة» وهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن شروطهما للتفاوض وإنهاء الصراع.

وشدد البرهان على أنه لا يمكنه الجلوس مع حميدتي لأنه يقود «تمرداً ويجب إنهاؤه». وقال: «لا مجال لهذه الميليشيا إلا الزوال عبر التفاوض في كيفية استيعابها داخل القوات المسلحة أو قتالها من كل الشعب السوداني».



وأضاف: «المتمردون يتخذون المواطنين دروعا بشرية. لا توجد قوات للمتمردين خارج الأحياء السكنية إطلاقاً».

وذكر أن «الجيش يمكنه حسم المعركة في وقت قصير جداً، ولكنه يعمل للحفاظ على البنية التحتية وحماية المدنيين وهذا من باب المسؤولية الوطنية».

وأردف البرهان أن «الجيش يسيطر على كل السودان عدا بؤر قليلة في دارفور سيتم حسمها قريبا». ولفت إلى أن «محاولات ربط الجيش وقيادته بالنظام السابق أضحت ممجوجة لا تفوت على فطنة الشعب».

من جهته، صرح حميدتي بأنه يعتبر وقف العمليات القتالية شرطاً للمفاوضات مع البرهان. وقال: «لا نريد تدمير السودان»، محملاً الطرف الآخر مسؤولية العنف.

وبشأن احتمال المفاوضات مع البرهان، قال حميدتي: «وقف القتال. ثم يمكن أن تكون لدينا مفاوضات». وأشار إلى عدم وجود أي مشاكل شخصية مع البرهان، متهماً إياه بجلب مسؤولين موالين للرئيس السابق عمر البشير إلى الحكومة.

وأكد أنه يسعى لتشكيل حكومة مدنية بأسرع ما يمكن، وحماية السودان من «بقايا الحكومة التي كانت خلال الـ 30 عاماً الماضية».

صراع دارفور

وأيقظ القتال، الذي اندلع في 15 أبريل وتسبب بمقتل أكثر من 512 مدنياً وإصابة 4200 وفرار عشرات الآلاف عبر الحدود وعطل عملية الانتقال السياسي المدعومة دولياً، صراعاً عمره عقدان في منطقة دارفور الغربية حيث قُتل العشرات في الأسبوع الماضي، ويهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة الإفريقية المضطربة الممتدة بين منطقة الساحل والبحر الأحمر.

ومع انتشار القتلى في كل مكان، دعت وزارة الصحَّة السودانية المواطنين إلى ارتداء الكمامات والملابس الواقية أثناء التعامل مع الجثث الموجودة في المناطق المتعددة البعيدة عنها، وطالبت برش «المتعفن» منها بالمبيدات المتوفرة في المنطقة وترقيم الجثامين وكتابتها في دباجات (قطعة ورق مقوى) ووضعها بالقرب من الجثة ثم تصوير الجثة حتى لو بكاميرا الموبايل من عدة اتجاهات.

عمليات الإجلاء

وأجلت الحكومات الأجنبية دبلوماسيين ومواطنين إلى أماكن آمنة على مدى الأسبوع المنصرم، مستخدمة وسائل من بينها النقل الجوي.

ووصلت إلى قاعدة الملك فيصل البحرية، أمس، سفينة قادمة من بورتسودان بالسودان على متنها 1982 شخصاً من أكثر من 17 جنسية حول العالم بينهم 65 إيرانياً هم أول مجموعة إيرانيين تنقلهم المملكة.

ومع إنهاء بريطانيا عمليات الإجلاء أمس، أجلت الولايات المتحدة، في أول عملياتها، 300 أميركي براً أو بحراً أو جواً.

ونقل العديد من الحكومات دبلوماسيين ومواطنين جواً إلى مناطق أخرى آمنة خلال الأسبوع الماضي. وقالت مصر إنها استقبلت 16 ألف شخص، فيما دخل تشاد 20 ألفاً، وقالت مفوضية اللاجئين، إن أكثر من 14 ألف شخص عبروا الحدود إلى جنوب السودان.

إلى ذلك، أشارت وكالة فرانس برس إلى وجود طوابير طويلة من الحافلات الصغيرة التي تقل فارين من المعارك باتجاه إثيوبيا.

back to top