وثيقة لها تاريخ: بعد أكثر من 80 عاماً... أحداث «المجلس» ما زالت تبحث عن نافذة ليعرف الناس حقيقتها

نشر في 28-04-2023
آخر تحديث 27-04-2023 | 19:13
باسم اللوغاني
باسم اللوغاني

الأزمة السياسية التي مرت بالكويت في عامي 1938 و1939، والتي عرفت باسم أزمة المجلس التشريعي كانت حدثاً جوهرياً في مرحلة نمو دولة الكويت الناشئة، وتعتبر كذلك المحرك الأساسي لصناعة دستور عام 1962، وما أعقب ذلك من أحداث سياسية كثيرة، أبرزها تعاهد الأسرة الحاكمة والشعب على احترام الدستور والتمسك بمبادئه أثناء الغزو العراقي للكويت عام 1990.

جذور هذه الأزمة وقصة ولادة الدستور بدأت بعد تولي الشيخ أحمد الجابر الصباح، رحمه الله تعالى، الحكم في عام 1921 بعد أن تعهد لمجموعة من نبلاء الكويت بأنه سيسمح لهم بالمشاركة في الحكم من خلال مجلس استشاري يقدم الرأي والمشورة للحاكم حول القضايا الأساسية في البلاد. وكلنا يعرف أن أول محاولة لتفعيل هذا المجلس باءت بالفشل بعد شهور قليلة من إنشائه لأسباب مختلفة لا داعي للخوض في أسبابها.

وظلت الحياة السياسية بعد ذلك راكدة سنوات طويلة إلى أن بدأ التحرك الشعبي، من خلال تأسيس أول حزب سياسي في الكويت عام 1938، بالمطالبة بمجلس جديد ودور أساسي في تطوير البلاد. القصة الوحيدة التي كتبت حول أحداث وتفاصيل ما جرى لمجلس «الأمة التشريعي» الأول والثاني، والظروف المختلفة التي أحاطت به والتشنج ما بين الشعب والحكم خلال ستة أشهر، هي القصة التي كتبها المرحوم خالد سليمان العدساني في مذكراته التي نشرت بشكل مختصر في كتابه المهم «نصف عام من الحكم النيابي في الكويت» ثم نشرت بشكل كامل في الإنترنت.

ورغم أن ما نشره العدساني يعكس حقائق عاشها وشاهدها وكان طرفاً في أحداثها المريرة فإنها تحكي جانباً واحداً من الجوانب الأربعة للقصة، مما يجعلها ناقصة وغير مكتملة. هذه الجوانب هي الرواية المجلسية وهي التي وثقها العدساني، والرواية البريطانية، وهي التي توضح الدور البريطاني في هذه الأزمة، والرواية العراقية التي توضح دور الملك غازي ودور الحكومة العراقية، إضافة إلى رواية الشيخ أحمد الجابر، رحمه الله، والتي يمكن أن نسميها الرواية الرسمية لأسرة الحكم.



ولذلك، وبعد مرور حوالي أربعة وثمانين عاماً على «سنة المجلس»، ما زال هذا الحدث يلفه الغموض ويتهامس حوله السياسيون ويستشهد به الباحثون والمهتمون بالشأن السياسي والتاريخي بتردد وخوف في كتاباتهم ومواقفهم، ولكن أغلبهم لا يعرف ما حدث بشكل شامل ومفصل، ولذلك لا نعرف بشكل واضح وأكيد تفاصيل قصة أزمة المجلس.

ولحسن الحظ، يحتفظ الأرشيف البريطاني بوثائق كثيرة وملفات عديدة زاخرة بالمراسلات التي تتعلق بأحداث هذه الأزمة، وهذه التفاصيل تروي ما حدث طبقاً لمعلومات الوكيل السياسي البريطاني، كما أنها توثق رؤية الجانب البريطاني، والجانب العراقي، وجانب الشيخ أحمد الجابر، وبذلك يمكننا أن نطلع على رؤية شاملة لأزمة المجلس من خلال اطلاعنا على وثائق الأرشيف البريطاني. سنبدأ من الأسبوع المقبل نشر بعض الوثائق المختارة من الأرشيف البريطاني، والتي تشرح الكثير من التفاصيل وتوضح رؤية كل الأطراف إزاء تطورات هذه الحادثة المحورية في تاريخ الكويت.

back to top