إلى متى تبقى هذه الأصنام والصنَميَّة؟

نشر في 28-04-2023
آخر تحديث 27-04-2023 | 19:08
ناجي الملا
 ناجي الملا كل ما نحتاجه لحل مشكلاتنا في الكويت في منتهى البساطة هو التفكير في اللامفكر فيه وكسر أصنام التسليم بأفكار وأوضاع طال عليها الأمد، فتحجرت معها حياتنا، وقبل ذلك عقولنا، وأصبحت غير قابلة أن تفكر في نقد تفكيرنا ذاته وتفكيكه ومراجعة قواعده ومسلماته من أعظم الأشياء إلى أصغرها، فالدولة الريعية (دولتنا) تدير كل مناشط الحياة من التعليم إلى الصحة والاتصالات الأرضية والبريد والكهرباء والماء وبناء السكن وحتى إنتاج الخبز والطحين، وتتحكم حتى في شكل المباني والبيوت والتي ما زالت بفكرها القديم تبني حدائق في كل منطقة، ولا تفكر في بناء ساحات ترابية تحتوي على ملاعب وأدوات ترفيه وإيجاد طرق آمنة للدرجات والسكوترات تخرج أطفالنا وشبابنا من معتقلات الغرف والشقق والسراديب.

كل دول العالم هجرت إدارة القطاع الإنتاجي، واكتفت بالجانب الرقابي والتخطيطي العام، أما التنفيذ فهو متروك للشركات المتخصصة، وفتحت أبوابها للشركات العالمية، وأفسحت المجال للمنافسة لمزيد من تحسين الجودة وانخفاض الأسعار، وبقينا نحن فريسة لغول ما يُعرف بالقطاع العام، فنتجت معضلات ومظاهر شاذة غريبة غاية في التعقيد، حتى ضربت عقولنا حيالها الحيرة، مع أن حلولها غاية في البساطة. إليكم أمثلة:

مثال علاج غلاء الأسعار يمكن القضاء عليه بتغيير فلسفة الجمعيات التعاونية، فبدلاً من صنم نظام تأجير المحلات والأرفف داخل السوق المركزي وخارجه يتم اعتماد منح المحل أو الرفوف لمن يقدم أرخص الأسعار للمستهلك بلا خلو ولا إيجار شهري، عندها ستهبط الأسعار لأدنى مستوى، أما إيجارات المحال خارج السوق المركزي فبعضها يذهب ريعه لميرانية المحافظات لإيجاد المشاريع الترفهية والخدمية بعد اعتماد نظام البلديات وكسر صنم المركزية.

مثال ثانٍ تعديل التركيبة السكانية حلها سهل بكسر صنم التوسع الكمي في المحال، ومنع بيع كل السلع المقلدة وغير المطابقة لمواصفات الجودة والأمان سواء كانت أغذية أو أجهزة أو أدوات أو ملحقات أو إكسسورات أو ملابس؛ لأن هذه المحال تضم عدداً ضخماً من العمالة الأجنبية التي لا فائدة منها ولا فائدة أصلاً من هذا النشاط، إضافة لذلك كما أشرنا إنشاء شركة خدمات شاملة لاستقطاب الكفاءات الوطنية والأجنبية لتقديم أفضل وأرخص الخدمات وإنهاء العمالة الهامشية.



مثال ثالث حل تقليل المصروفات وتعظيم الاحتياطات والوفورات، فلكم أن تتخيلوا تفتيت صنم القطاع العام وتخصيص محطات إنتاج الكهرباء والمياه سيوفر ثلاثة مليارات إضافة إلى توفير مليار ونصف المليار قيمة دعم محطات توليد الكهرباء وإنتاج الماء.

مثال رابع تحسين الخدمة الصحية باعتماد التأمين صحي للمواطنين بقيمة 1000 دينار لكل كويتي بإجمالي مليار ونصف دينار فيوفر مليارا ويتمتع المواطنون بأفضل خدمة صحية.

مثال خامس تحسين الوضع والأداء التعليمي بدفع الحكومة لكل طالب كويتي في مرحلة رياض الأطفال 3000 دينار وكل مرحلة بعد ذلك تدفع الحكومة لكل طالب كويتي 4000 بعد اعتماد أفضل المدارس الخاصة، ووضع خطة بمعايير قياس للأداء وفق المعايير الدولية ومقاييس الجودة يتم إنهاء أي مدرسة لا تلتزم بتحقيقها.

بعد الإطاحة بهذا الصنم ستنتهي كل المظاهر الشاذة مثل جريمة الغش وستتبخر الحاجة لدروس خصوصية، ونتخلص من مهزلة بيع الأبحاث الجاهزة ومشكلات نقل المدرسين والمدرسات والواسطات وغيرها، وستكون مخرجات التعليم في القمة على المستوى الإقليمي بل العالمي.

هذا ما اكتشفته المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والنرويج التي في مستوانا اقتصاديا وفي حجمنا السكاني، فوجدنا واقعهم ينشق عن معجزات أبهرت عيوننا، ونحن ما زلنا عاكفين على أصنامنا وكأننا كما قال شوقي، رحمه الله، «لا تَمُرُّ بِهِمْ إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ»، فما أحوجنا إلى تحطيم هذه المسلمات المنغرسة في عقولنا الباطنة وعقولنا الظاهرة وتطوف عليها عقولنا في خشوع وخضوع أذاقنا الوبال والجمود والانحدار!

back to top