الطب تخصص والإدارة تخصص آخر

نشر في 28-04-2023
آخر تحديث 27-04-2023 | 18:59
 د. هشام كلندر

هل يمكن أن يعمل الممرض في الصيدلية؟ وهل يمكن أن يعمل الصيدلي في المختبر؟ وهل يمكن أن يعمل فني المختبر كإداري؟ وهل يعقل أن يعمل الإداري كطبيب؟ إذاً، لماذا يعمل الطبيب في الإدارة؟ وما الضابط لذلك؟ أليس الطب تخصصاً والإدارة تخصصاً مستقلاً؟ أم أن الإدارة شيء مكمل والجميع يستطيع أن يعمل فيه؟ وإذا كان العمل الإداري يمكن للجميع العمل فيه فلماذا نرى أن الطبيب غير المتخصص في الإدارة هو من يدير المستشفى؟ ولماذا لا يديره الصيدلاني، أو الممرض، أو فني الأشعة، أو غيرها من وظائف؟

في البداية أنا طبيب وفي الوقت نفسه دراستي العليا كانت في تخصص الإدارة والقيادة، وأدعي أني أستطيع فهم الخلفية العلمية وكذلك الممارسة العملية لهذا الموضوع، ولكن في البداية أريد أن أؤسس لمفاهيم عامة، وهي أن هناك بعض الوظائف، وإن كانت تخصصاً بحد ذاتها، تدخل في عمل أغلب الوظائف، مثال الجميع مطالب بالجودة في أعماله، ومع ذلك يوجد تخصص يتعلق بالجودة، والجميع مطالب بممارسة الأمور الإدارية في أعماله، مع ذلك يوجد تخصص الإدارة.

ففي الوظائف الطبية الجميع مطالب بممارسة مفاهيم الصحة العامة في أعماله، ومع ذلك يوجد تخصص قائم بذاته يتعلق بالصحة العامة، ومن هذا المنطلق قد نجد نزوح الكثير من الأطباء الفنيين لهذه المجالات فهل هذا صحيح أم خطأ؟

التنظير بأن تخصص الإدارة جزءاً من عمل الجميع أو كان جزءاً من التحصيل العلمي للموظف ليس كافيا، فبالأمس القريب لاحظنا أن أبرز الأطباء الذين كانوا في المشهد الإعلامي في أزمة جائحة كوفيد19 هم الجراح، والصيدلاني، وطبيب الأسنان، وغيرهم.

نعم الكل يمكن أن يتكلم في مجاله بإسهاب ويكون له رأي معتبر في المجالات الأخرى، أما أن يقول الجراح على سبيل المثال أنا قد درست علم الأوبئة أو الصحة العامة وكانت ضمن دراستي، مما يخولني أن أتصدى وأكون مرجعاً لذلك وأعمل في هذا المجال، فالرد عليه إذاً كذلك طبيب الصحة العامة يقول أنا أفضل من يتكلم عن العمليات الجراحية لأنها كانت ضمن دراستي العلمية.

الإدارة الصحية تتطلب المعرفة في التخطيط والتنظيم، والقيادة، والتوظيف والحوكمة، والاستدامة، والتفويض، وإدارة الموارد البشرية، وإدارة الجودة والسلامة، وإدارة التغيير، وفهم المنظمات، والسلوك التنظيمي، وغيرها من مفاهيم، بلا شك يطور المدير هذا العلم من خلال معرفته وخبرته في العمل في المنظمة، ولكن، حتى لو تملك الفن بالتنفيذ فمازلت تحتاج للمعرفة بكيفية الإنجاز، أي أن الفن له علاقة بتطبيق المعرفة بجانب الخبرة في الأداء.

نزوح كثير من الأطباء أصحاب التخصصات الإكلينيكية إلى الوظائف الإدارية، بالشكل العشوائي الموجود وغير المدروس هو ضياع لخبرات إكلينيكية وعبث إداري وهدر مالي! يجب أن نعلم أن الإدارة الصحية تخصص بذاته.

back to top