السودان: فرار دولي من الخرطوم

• استمرار عمليات الإجلاء وإغلاق السفارات
• الأمم المتحدة تحذر من توسع الصراع... وترسل سفناً
• مخاوف من تمدد صراع البرهان وحميدتي... ومصر تحذر من كارثة وإثيوبيا تدعو للاستفادة من تجربتها

نشر في 25-04-2023
آخر تحديث 24-04-2023 | 20:45
سودانيون ينتظرون الخروج من الخرطوم (رويترز)
سودانيون ينتظرون الخروج من الخرطوم (رويترز)
مع تقطع السبل بآلاف الدبلوماسيين الأجانب وموظفي الإغاثة والطلاب وعائلاتهم، سابقت دول العالم الزمن لإجلاء الآلاف من رعاياها من الخرطوم وضاعفت عمليات إغلاق السفارات وإخلاء البعثات في عمليات معقدة أثارت مخاوف السودانيين من أن الساعات المقبلة ستشهد مواجهات دامية بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ضاعف تسابق دول العالم على إجلاء رعاياها ودبلوماسييها وإغلاق سفاراتها في الخرطوم، المخاوف من دخول الصراع الدامي المستمر منذ 10 أيام بين قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مرحلة أكثر حدة مع خطر تمدده إلى المنطقة كلها.

وفي غياب أي أفق لإنهاء الحرب، التي أدت في 10 أيام إلى مقتل 420 شخصاً وإصابة نحو 4 آلاف، تمكنت عواصم غربية وإقليمية من فتح مسارات آمنة لإخراج رعاياها بضمان البرهان وحميدتي، ومساعدة فاعلة من السعودية، ومشاركة واسعة من قوات خاصة غربية.

وفي أقوى تحذير، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس أن أعمال العنف المتواصلة في السودان بين الطرفين المتحاربين قد «تمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها»، مبيناً أن الوضع يستمر في التدهور بقتل مئات الأشخاص وجرح الآلاف.

وقال غوتيريش، الذي أذن بالنقل المؤقت داخل السودان وخارجه لبعض موظفي الأمم المتحدة وأسرهم، «علينا جميعاً أن نبذل كل ما في وسعنا لإبعاد السودان عن حافة الهاوية»، مجدداً الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

وقبله، حذر البيت الأبيض أمس من أن العنف في السودان بازدياد والوضع اليوم أخطر مما كان عليه بالأمس، مشيراً إلى أنه يعد قطعاً بحرية للمساعدة في حال رغب الأميركيون في المغادرة.

وأوضح البيت الأبيض أنه يراقب بالمسيرات قافلة تقودها الأمم المتحدة إلى بورتسودان تضم أميركيين، داعياً غير الراغبين في المغادرة إلى الاحتماء بأماكن آمنة وتفادي الخروج إلى الشوارع.

وقال «لدينا أصول عسكرية في المنطقة لكن الوقت ليس مناسباً لإجراء عملية إجلاء واسعة»، مضيفاً: «نحن على اتصال مباشر وحثيث مع القادة العسكريين في السودان على جميع المستويات منذ اندلاع المعارك ونعمل عن كثب مع الفصائل المتحاربة لحثها على الالتزام بوقف إطلاق النار».

وكتب السفير النرويجي أندريه ستيانسن «أنا خائف على مستقبل السودانيين»، مضيفاً «الآن، الأسلحة والمصالح الشخصية هي أكبر أهمية من القيم والكلمات. كل السيناريوهات سيئة».

وحذرت وزيرة خارجية سلوفينيا من أن النزاع في السودان وصل إلى أبعاد إقليمية، داعية البرهان وحميدتي إلى وقف التصعيد، والأطراف الدولية لاستخدام نفوذها لإيصال المساعدات الإنسانية والتنسيق بشكل أفضل لوقف الحرب ودعم المدنيين لتلافي اتساع رقعة الحرب.

وبينما دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الفرقاء إلى التعامل بإيجابية وتجنيب السودان نتائج كارثية، ناشد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد طرفي النزاع وقف إطلاق النار والاستفادة من تجربة إثيوبيا.

في تفاصيل الخبر:

في غياب أي أفق لوقف المعارك الطاحنة المستمرة منذ 10 أيام بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تسارعت أمس عمليات إجلاء الرعايا والدبلوماسيين الأجانب وإغلاق السفارات بالخرطوم، في وقت أرسلت الولايات المتحدة قطعاً بحرية للمساعدة إلى جانب الجسور الجوية والقوافل البرية.

ومع استمرار أزيز الرصاص ودوي الانفجارات في الخرطوم ومدن أخرى، تمكنت عواصم غربية وإقليمية من فتح مسارات آمنة براً وبحراً وجواً لإخراج الرعايا الأجانب بضمان الطرفين المتصارعين، البرهان وحميدتي.

وغداة إصدار الرئيس الأميركي أمراً بغلق السفارة، حذر البيت الأبيض أمس من أن العنف في السودان في ازدياد والوضع اليوم أخطر مما كان عليه أمس، مشيراً إلى أنه يعد قطعاً بحرية للمساعدة في حال رغب الأميركيون في المغادرة.

وأوضح البيت الأبيض أنه يراقب بالمسيرات قافلة تقودها الأمم المتحدة إلى بورتسودان تضم أميركيين، داعياً غير الراغبين في المغادرة للاحتماء في أماكن آمنة وتفادي الخروج إلى الشوارع.

وقال البيت الأبيض: «لدينا أصول عسكرية في المنطقة لكن الوقت ليس مناسباً لإجراء عملية إجلاء واسعة»، مضيفاً: «نحن على اتصال مباشر وحثيث مع القادة العسكريين في السودان على جميع المستويات منذ اندلاع المعارك ونعمل عن كثب مع الفصائل المتحاربة لحثهم على الالتزام بوقف إطلاق النار».

عمليات الإجلاء

وشهدت عطلة نهاية الأسبوع تسارعاً في عمليات الإجلاء، ونفذتها دول عدة مثل الكويت والسعودية ومصر والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والتحقت بها الصين وكندا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا واليونان وتشيكيا والسويد وإيرلندا والدنمارك والنرويج وهولندا وسويسرا وتركيا وغيرها.

وأعلن مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إجلاء ألف من رعاياه في «عملية معقدة وناجحة»، مؤكدا أن 21 دبلوماسياً من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم أخرجوا فيما غادر سفير الاتحاد الأوروبي الخرطوم، وانتقل إلى منطقة أخرى.

وأعلنت فرنسا أنها نقلت حتى الآن 388 فرنسياً وأعداداً كبيرة من ألمانيا والنمسا والدنمارك وفنلندا واليونان والمجر والمملكة المتحدة والسويد وسويسرا وجنوب إفريقيا وبوروندي وإثيوبيا وليسوتو والمغرب وناميبيا والنيجر وأوغندا ورواندا، فضلا عن السودان والولايات المتحدة وكندا والهند واليابان والفيليبين، إلى جيبوتي باستخدام طائرات عسكرية.

وبعد محاولة فاشلة الأربعاء، أعلنت ألمانيا إجلاء قواتها الخاصة 300 شخص، بينهم مواطنون وأفراد من جنسيات أخرى، في ثلاث طائرات.

وأكدت الحكومة البريطانية أن قواتها الخاصة «استفادت من نافذة فرصة ضيّقة» لإنجاز الإجلاء. وأشارت الى أنه «في ظل تواصل الاشتباكات العنيفة في الخرطوم وإغلاق مطارها الرئيسي يستحيل تنظيم عملية إجلاء أكبر».

وثمن وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد خلال اتصال مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان دور المملكة في إجلاء رعايا الإمارات ودول العالم الشقيقة والصديقة من السودان.

قوات خاصة غربية تقود قوافل المغادرين براً وبحراً وجواً... وعبدالله بن زايد يشكر بن فرحان

وأعلنت الخارجية الصينية أمس عن إجلاء الدفعة الأولى من مواطنيها بأمان إلى دول مجاورة للسودان، فيما أكدت إندونيسيا نقلها حتى الآن أكثر من 500 من مواطنيها إلى الميناء بانتظار نقلهم لجدة.

إغلاق السفارات

وفي حين أعلن الجيش السوداني عن اتصالات مع دول مختلفة لإجلاء البعثات والاستمرار بنفس درجة التنسيق الجارية، أغلقت العديد من السفارات أبوابها بالخرطوم، واضطرت الكثير من وكالات المنظمة الدولية لتعليق نشاطها في السودان.

وقرر الرئيس الأميركي جو بايدن مساء السبت إغلاق السفارة بعد إجلاء الدبلوماسيين، في عملية شارك بها 100 عنصر من القوات الخاصة في ثلاث مروحيات «ش-47 شينوك» أرسلت من جيبوتي إلى اثيوبيا ثمّ إلى السودان.


وصول طائرة إسبانية من السودان إلى مدريد وصول طائرة إسبانية من السودان إلى مدريد

وأكدت إسبانيا إغلاق سفارتها بعد تمكن قواتها من إجلاء 60 بينهم السفير وموظفو بعثتها. وأعلنت النرويج وسويسرا من جهتهما إجلاء دبلوماسييهما من الخرطوم.

ولاحقاً، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية إغلاق السفارة حتى إشعار آخر، مؤكدة أن البعثة في الخرطوم لن تكون بعد الآن نقطة لتجمع الأجانب الساعين للمغادرة.

وقالت الخارجية السويسرية إنها أغلقت سفارتها في العاصمة السودانية وأجلت موظفيها وعائلاتهم بسبب الوضع الأمني هناك.

وأعلن وزير الخارجية الهولندي فوبكه هويكسترا إغلاق السفارة في الخرطوم، والعمل على إجلاء 150 من رعايانا وعائلاتهم.

تمدد الصراع

ومع تسارع عمليات الإجلاء، تزايدت المخاوف على مصير السودانيين وسط خشية من احتدام المعارك مجددا متى انتهى إخراج الرعايا الراغبين بذلك.

وكتب السفير النرويجي أندريه ستيانسن «أنا خائف على مستقبلهم»، مضيفاً «الآن، الأسلحة والمصالح الشخصية هي أكبر أهمية من القيم والكلمات. كل السيناريوهات سيئة».

وحذرت الأمم المتحدة من أنه «في حين يفرّ الأجانب القادرون على ذلك، يزداد تأثير العنف على الوضع الإنساني الحرج أساسا في السودان».

وأيضاً، حذرت وزيرة خارجية سلوفينيا من أن النزاع في السودان وصل لأبعاد إقليمية، ودعت البرهان وحميدتي لوقف التصعيد، والأطراف الدولية لاستخدام نفوذها لإيصال المساعدات الإنسانية والتنسيق بشكل أفضل لوقف الحرب ودعم المدنيين لتلافي اتساع رقعة الحرب.

وبينما دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الفرقاء إلى التعامل بإيجابية وتجنيب السودان نتائج كارثية، ناشد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد طرفي النزاع وقف إطلاق النار والاستفادة من تجربة إثيوبيا.

وأكد وزير الخارجية السعودي خلال اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي أهمية وقف التصعيد العسكري وتوفير الحماية للمدنيين وتوفير الممرات الإنسانية الآمنة للراغبين في المغادرة.

وفي اتصال مماثل، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين طه ضرورة وقف إطلاق النار وحقن دماء الشعب السوداني والعودة إلى الحوار.

قصف ومعارك

وعلى الأرض، استهدف الجيش السوداني مواقع قوات الدعم السريع وسط الخرطوم بحري وقرب الطريق القومي شرق النيل.

وبعد انتهاء هدنة عيد الفطر، اندلعت اشتباكات بالتزامن مع قصف معسكر للدعم السريع في الجريف شرق النيل.

وغداة فرار سجناء من سجن «سوبا» جنوب الخرطوم، جدد الجيش دعوته لأفراد قوات الدعم السريع، المنتشرين أيضاً على امتداد شارع «عبيد ختم» بالخرطوم ومطارها والقصر الرئاسي، للانضمام إلى صفوفه والخروج مما وصفه بدائرة التمرد.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية مقتل 420 شخصا وإصابة 3700 آخرين في السودان منذ اندلاع المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف الشهر الجاري.

وأوضحت نقابة أطباء السودان أن هذه الاشتباكات تسببت بمقتل 273 ومدنياً وإصابة 1579، وتوقف 55 مستشفى عن العمل من أصل 79.

back to top