هل سيشهد الاقتصاد العالمي حالة تراجع عن العولمة؟

نشر في 24-04-2023
آخر تحديث 24-04-2023 | 17:36
تبادل السلع
تبادل السلع

يُقصد بالعَوْلَمَة الاقْتِصَادية على الصعيد العالمي سرعة تبادل السلع والخدمات التي أصبحت متاحة بفضل الإلغاء التدريجي للحواجز التجارية في إطار اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية المُبرمة منذ 1995، وكذلك بفضل تَطَوّر وسائل النقل والمواصلات.

وشهدت عَوْلَمَة الاقْتِصَاد العالمي انتعاشًا كبيرًا حتى أثناء فترة الجائحة، إلا أنَّ التغييرات الأخيرة في سياسة الحكومات يمكن أن تنذر بعهد جديد من تراجع العَوْلَمَة، حسبما تشير ورقة بحثية للباحثين الاقْتِصاديين ينيلوبي جولدبيرج وتريستان ريد تمَّت مناقشتها في مؤتمر بروكينغز حول النشاط الاقْتِصَادي في 31 مارس.

بدأت السياسات الحكومية والاتجاه العام في التحول نحو تراجع العَوْلَمَة في عام 2015 مع تزايد القلق بشأن تأثير سوق العمل على واردات الولايات المتحدة من البلدان منخفضة الأجور، مما أدى إلى تَأْجِيج الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصينـ لكن الآثار الاقْتِصَادية، على الرغم من كونها ذات مغزى، لم تكن كافية لتراجع اتجاهات العَوْلَمَة المستمرة منذ عقود، وفقًا للورقة البحثية.

في المقابل، أثارت الجائحة تساؤلات حول هشاشة سلاسل التوريد العالمية وتزايدت المطالبات «بإعادة توزيع» الإنتاج محليًا، ولكن بعد تراجع مؤقت في عام 2020، زادت التجارة بشكل حاد، حيث احتفظت الشركات الأميركية، في معظمها، بعلاقاتها مع الموردين الأجانب، بل وتوسعت الشركات الجديدة.

وزادت التجارة من مرونة الاقْتِصَادات خلال الجائحة، على سبيل المثال، استوفت واردات أقنعة الوجه من الصين وكوريا الطلب الذي لا يمكن أن يضاهيه الموردون الأميركيون. ومع ذلك، أدى الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، من خلال الكشف عن اعتماد أوروبا على روسيا في الطاقة، إلى خلق مطالب جديدة لإعادة التوطين والتجارة فقط مع الدول الصديقة (friendshoring).

وعلى سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة في أكتوبر 2022 قيودًا شاملة على صادرات أشباه الموصلات بهدف منع الصين من التقدم التكنولوجي. وأوضح المؤلفان أنه يمكن اعتبار هذه التَطَوّرات إرهاصات لعصر جديد، خاتمين ورقتهما البحثية بأفكار «تخمينية للغاية» حول العواقب المحتملة على المدى الطويل إذا بدأ في الواقع تراجع العَوْلَمَة، من بينها:

- قد يؤدي اقتصار التجارة فقط على الدول الصديقة إلى زيادة مرونة البلدان في مواجهة الصدمات الجيوسياسية، مثل الحرب، ولكنها حتمًا ستقلل من قدرتها على الصمود أمام الصدمات الأخرى، مثل الأوبئة.

- يمكن أن يتباطأ النمو والابتكار في ظل تراجع عَوْلَمَة الاقْتِصَاد العالمي، حيث يشكل الفصل بين الولايات المتحدة والصين تهديدًا خاصًا.

- يمكن أن يساهم انخفاض المنافسة الأجنبية في شكل التجارة والهجرة في ارتفاع الأسعار والأجور في الولايات المتحدة.

- مع تحول الاقْتِصَادات المتقدمة إلى الداخل، يمكن أن يتباطأ الحد من الفقر والتنمية في البلدان الصغيرة منخفضة الدخل التي اعتمدت على الصادرات.

وقالت جولدبيرج «إننا في مشهد متغير، ونرى انعكاسات ذلك بوضوح في السياسة. ولكن يبدو أن الأيام القادمة حُبلى بالأحداث وتأثيرات اقتصادية كبيرة».

back to top