السودان.. عيد برائحة الدم

فشل مسعى الأمم المتحدة لعقد هدنة.. وأطراف النزاع يتبادلان إطلاق النار

نشر في 21-04-2023 | 17:29
آخر تحديث 21-04-2023 | 17:41
سوداني يرفع علامة الدعم بالقرب من جنود الجيش السوداني الموالي لقائد الجيش عبدالفتاح البرهان
سوداني يرفع علامة الدعم بالقرب من جنود الجيش السوداني الموالي لقائد الجيش عبدالفتاح البرهان
شهدت عدة أحياء بالعاصمة السودانية الخرطوم تبادلاً لإطلاق النار اليوم الجمعة في اليوم الأول من عطلة عيد الفطر بعدما بدأت قوات من الجيش في الانتشار سيراً على الأقدام للمرة الأولى منذ اندلاع القتال قبل نحو أسبوع مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وقال شهود إن جنوداً وعناصر من الدعم السريع تبادلوا إطلاق النار في مناطق سكنية في شمال المدينة وغربها ووسطها، بما في ذلك خلال صلاة العيد في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

وأودت المواجهات بحياة المئات وتدفع البلاد إلى كارثة إنسانية.

ولم يُكتب حتى الآن النجاح للجهود الدولية للتوسط في هدنة مؤقتة خلال عطلة عيد الفطر، ولم تتمكن دول أجنبية من بينها الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وإسبانيا من إجلاء مواطنيها.

مرحلة جديدة من المعارك

وبدلاً من الالتزام بوقف لإطلاق النار، يبدو أن قوات الجيش تدخل مرحلة جديدة من المعارك على الأرض وتخوض مواجهات مع قوات الدعم السريع في الأحياء السكنية بعدما كانت تعتمد لحد كبير على الضربات الجوية.

وقال الجيش في بيان إنه بدأ «مرحلة التنظيف التدريجي لبؤر وجود الجماعات المتمردة حول العاصمة».

وكان محمد صابر الترابي، وهو من سكان الخرطوم ويبلغ من العمر 27 عاماً، يرغب في زيارة والديه على بُعد 80 كيلومتراً من المدينة للاحتفال معهم بالعيد.

وقال إن الحظ لم يُحالفه وإن اشتباكات تحدث في كل مرة يحاول فيها مغادرة المنزل.

وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أمس إنه لا يرى حالياً طرفاً آخر ليفاوضه وأن لا خيار إلا الحل العسكري.

وسُمع دوي إطلاق نيران من أسلحة ثقيلة في أنحاء الخرطوم ومدن أخرى، وأظهرت لقطات نشرتها القوات المسلحة اليوم الجمعة استقبالاً حافلاً وهتافات لقوات من الجيش تحمل أسلحة نصف آلية.

وتحققت رويترز من أن موقع تصوير الفيديو في شمال المدينة لكنها لم تتمكن على الفور من التحقق من تاريخ التقاطه.

ضحايا الصراع

وقالت منظمة الصحة العالمية إن 413 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب الآلاف في الصراع الذي يدفع السودان إلى كارثة إنسانية في ظل تعرض المستشفيات لهجمات وفرار ما يصل إلى 20 ألفاً إلى الجارة تشاد.



وكان حوالي ربع سكان السودان يعانون بالفعل من الجوع الشديد قبل اندلاع الصراع.

وأوقف برنامج الأغذية العالمي واحدة من كبرى عمليات المساعدات العالمية التي يقدمها في السودان يوم السبت بعد مقتل ثلاثة من موظفيه.

وقال شهود إن الآلاف تحدوا المواجهات اليوم الجمعة للفرار من الخرطوم، ويتجه بعضهم جنوباً إلى ولاية الجزيرة وبعضهم شمالاً إلى ولاية نهر النيل، فيما يسعى آخرون لمواصلة الطريق إلى مصر.

ويتشارك السودان في حدود مع سبع دول ويقع بين مصر والسعودية وإثيوبيا ومنطقة الساحل المضطربة في أفريقيا، ولذا فإن أعمال العنف قد تؤدي إلى توترات إقليمية.

واندلعت الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني يوم السبت، الأمر الذي أخرج خطة مدعومة دولياً للانتقال إلى الديمقراطية المدنية عن مسارها بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في احتجاجات حاشدة، وبعد عامين من انقلاب عسكري.

ويتبادل الطرفان الاتهامات بإفشال عملية الانتقال.

قتلى في دارفور

تقوض المواجهات الدائرة اليوم الجمعة جهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتوصل لهدنة، وذلك رغم العدد الكبير من الاتصالات التي تلقاها البرهان أمس من وزراء من كل من الولايات المتحدة وقطر والسعودية والرئيس التركي وغيرهم من القادة وكبار المسؤولين من حول العالم.

ونددت قوات الدعم السريع بالجيش وقالت إنه ينفذ هجوماً كاسحاً يستهدف الأحياء السكنية.

وخارج العاصمة، يخوض الجانبان مواجهات في دارفور بغرب السودان حيث تم توقيع اتفاق سلام جزئي في عام 2020 يتعلق بصراع استمر لفترة طويلة وأدى لتوجيه اتهامات دولية للبشير بارتكاب جرائم حرب.

وقال سايرس باي منسق مشاريع منظمة أطباء بلا حدود في الفاشر بشمال دارفور إن مستشفى ولادة جرى تحويله لعلاج الضحايا امتلأ عن آخره وتنفد الإمدادات منه بسرعة، وتم إغلاق بقية مستشفيات المدينة.

وأضاف أن معظم المصابين الذين استقبلهم المستشفى منذ يوم السبت والبالغ عددهم 279 كانوا من المدنيين الذين أصيبوا برصاصات طائشة، وكثير منهم من الأطفال، وأشار إلى أن 44 منهم لقوا حتفهم.

وذكرت مجموعة أطباء أخرى أن ما لا يقل عن 26 شخصاً لقوا حتفهم وأصيب 33 في مدينة الأبيض غربي الخرطوم أمس الخميس.

وتحدث شهود عن اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وأعمال نهب واسعة النطاق.

وقال غوتيريش للصحفيين بعد اجتماع عبر الإنترنت مع قادة الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات أخرى أمس الخميس إنه يتعين السماح للمدنيين المحاصرين في مناطق الصراع بالخروج من هذه المناطق والحصول على العلاج الطبي والغذاء والإمدادات الأخرى.

وقال قائد الجيش السوداني البرهان لقناة الجزيرة إنه سيدعم هدنة بشرط السماح للمواطنين بالتحرك بحرية، وهو أمر قال إن قوات الدعم السريع تمنعه حتى الآن.

back to top