اصمتوا الله يخليكم

نشر في 13-04-2023
آخر تحديث 12-04-2023 | 18:04
 حسن العيسى

كتب شارما كتاب «نهوض وسقوط الأمم» عن إمارة دبي أن الأمور منضبطة فيها، فإذا كنت تقود السيارة بسرعة عالية في شارع الشيخ زايد فلن تجد شرطياً يستوقفك، ولكنك ستتسلم رسالة بريدية تخبرك بقيمة المخالفة، وإذا وقع حادث مروري، فلن تعرف كيف خرجت إليك سيارة شرطة المرور في لحظات لتنظم الأمر.

الأهم مما سبق، يقول الكاتب، أن في دبي تشعر الأقليات الدينية والعرقية الكثيرة بالأمان، بسبب سياسة التسامح التي تفرض بالقوة، فهناك أكثر من مئة قومية وطائفة دينية من العمال الباكستانيين إلى لاعبي الكرة الإنكليز، وستجد كنائس المسيحيين ومعابد الهندوس ودور عبادة لطائفة السيخ، وهناك طبعاً مساجد الشيعة والسنة.

ذلك التسامح الديني غير موجود تماماً في الدول المحافظة الدينية، وكأن الكاتب يقصد الكويت، فنحن نذكر قبل أعوام بسيطة حين تفاخرت السلطة هنا بإغلاق منزل صغير في جنوب البلاد استأجرته طائفة دينية هندية من الهندوس لإقامة شعائرها بهدوء، وهلل لهذا «الانتصار» الديني الكبير الكثيرون من أهل البلد بعد أن حرضوا ضد هذه الطائفة، وتريدون بعد ذلك أن تكون الكويت بلد الانفتاح السياحي والتجاري ونافذة الحريات؟! على ماذا يا شعب ويا سلطة؟!

في بداية الثمانينيات أغلقتم أبواب الجنسية المباركة على غير المسلمين بتحريض من نواب الجماعات الدينية السياسية، ومباركة السلطة التي صوتت مع توجه مجلس الأمة في ذلك الوقت... لماذا تأتيكم الكفاءات من الهند والسند والصين والغرب طالما عقولكم متحجرة وتعتبرون أنفسكم فوق كل البشر، وليس لديكم غير برميل النفط ولولاه لما كان هناك فرق بيننا وبين اليمن الحزين أو أفغانستان المنكوبة أو الصومال الجائع؟

في السياق ذاته، كان مانشيت هذه الجريدة أمس، يتحدث عن قرارات الهيئة العامة للقوى العاملة بقصر «منح المسميات العليا في شركات القطاع الخاص من رئيس ومدير تنفيذي على المواطنين... إلخ» نفهم ضرورة التكويت، وتوفير فرص العمل للشباب من الجنسين لأهل البلد، لكن ماذا لو لم نجد كفاءات عالية المواصفات لشغل هذه الوظائف من أبناء البلد؟ هل يجب هنا تعيين مدير «شكلي» كويتي كواجهة بينما الإدارة الحقيقية للوافد؟! هل نذكر في قطاع التعليم أنه قبل سنوات قليلة لم يكن لدينا معلمون كويتيون لمادة الفيزياء غير أربعة؟!

ماذا تريدون الآن غير نقل أمراض القطاع العام إلى القطاع الخاص مهما اختلفنا أو اتفقنا عن دور هذا القطاع في التنمية الحقيقية؟! ماذا نقول عن تلك القرارات غير المدروسة والتي «ستطفش» الكفاءات الأجنبية من الدولة؟! الكلام معكم ضائع... لا تحدثونا عن خطة كويت 2035 اسكتوا رحم الله والديكم... اصمتوا تماماً.

back to top