أين نحن؟

تمثّل دبي مثالاً فذاً لبقعة الأرض الجميلة. هي في الموقع الجغرافي الأفضل الذي استغل لأبعد الحدود، موقع أي بلد يمثّل ضرورة قصوى للنمو الاقتصادي فيه، بولندا والمكسيك على سبيل المثال استغلتا موقعيهما كنافذتين لأسواق تجارية كبرى في أوروبا (بالنسبة لبولندا) والولايات المتحدة الأميركية (بالنسبة إلى المكسيك)، كذلك الأمر لفيتنام وبنغلادش، فهما طرق تجارة للصين حين تصدر للغرب.

كان من المحتمل أن تقع إمارة دبي فريسة للعطالة السياسية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، لكنها، وبقيادة واعية، استطاعت تجاوز كل الصراعات في المنطقة، وأصبحت القمة التجارية لإقليم يستحوذ على 60 في المئة من نفط العالم.

دبي اليوم هي شركة الصرافة الكبرى بالنسبة إلى إيران والعراق وللمنطقة ككل، وتجلس على غصن عالٍ تراقب ما يجري، وحققت دبي اقتصادياً أكثر بكثير من جيرانها المصدّرين للنفط، فهي الميناء الكبير لإعادة التصدير، وهي المركز لمعلومات التكنولوجيا، وهي كذلك مركز ضخم للسياحة والسفر.

هناك الكثير عن دبي كتبه الاقتصادي شارما في كتابه «نهوض وسقوط الأمم قوى التغيير، لما بعد عالم الأزمات».

كل التوفيق لإمارة دبي ولدولة الإمارات ولبقية دول الخليج، لكن، ماذا عن هُنا في الكويت وموقعها الجغرافي كبوابة تاريخية لتجارة الترانزيت بحراً وبراً في عصر ما قبل النفط؟

وكان يمكن وضع هذا الموقع بعد ذلك ليكون مرجلاً كبيراً لإيجاد مصدر للدخل ينفع البلاد والعباد في عالم ما بعد النفط، أو في دنيا بطالة وطنية قادمة قريباً جداً... ماذا حدث؟!

أين الكلام عن ميناء مبارك الكبير وتطوير المنطقة الشمالية، وتأهيل الكويت لتكون بوابة للعراق وإيران، ما جدوى جسر جابر؟ وهل انتفعت به الدولة لكويت 2035؟ وأين ذهبت أحلام الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد حين طوى في صدره هموم الغد القريب، وقرأ بعين ثاقبة أزمات الاقتصاد والبطالة، وفكّر في حلول لها، هل رحل كل ذلك معه لقبور النسيان؟!

ماذا لدينا اليوم في بلد كتابنا وكتابكم، وتم تشكيل حكومة وتم قبول استقالتها، وانتخابات لمجلس وإبطال له، ثم انتخابات ثم بطلان، والطريق للعجز السياسي الاقتصادي ليس له نهاية؟

ماذا لدينا من ثقافة سياسية غير خلافات الأسرة وصراعات مراكز النفوذ، ومَن يكون هذا الوزير ومَن هذا النائب؟

ماذا لدينا غير تلك الصور المزيفة الحالمة لصور باهتة تملأ صفحات الإعلام تروج لوجاهة أشخاص كوهمٍ وخيالات لا قيمة لها في عالم الحقيقة؟... ماذا تدرون؟... ماذا تقرأون؟ ماذا تستوعبون؟... كان الله في العون.