مع الحالمين

نشر في 09-04-2023
آخر تحديث 26-04-2023 | 18:20
 حسن العيسى

بعد أن تمضي هذه الأيام السياسية السوداء، ماذا نتوقع في الأيام القريبة القادمة؟ لا شيء يستأهل التفكير به طويلاً في إدارة الجمود السياسي، لكن يمكن لنا أن نتخيّل أن السلطة ستحل مجلس الأمة الحالي، وتدعو الناس إلى انتخابات جديدة، وقبل هذا لا بدّ من حكومة قائمة تطلب عدم التعاون مع المجلس، وهذا الافتراض والحلم الكبير عند هذه المجموعة من الحالمين سيكون بعيداً عن الواقع، فتشكيل حكومة يتطلّب اتفاقاً بين أصحاب السلطة على رئيس الحكومة، وعلى الشروط التي قد تُفرض عليه في اختيار الوزراء، وهذا غير حاصل، ولم يكن حاصلاً في الماضي، لكنّ الأمور كانت تتم بالترقيع لفترات محدودة، ثم تعود صراعات بيت الحكم كما كانت، ونظلّ نراوح في المكان ذاته سياسياً، ونتراجع أكثر وأكثر على كل الصُّعد من دون استثناء.

ممكن، أيضاً، تصوّر - عند نوعية أخرى من الحالمين - أنه ستكون هناك مفاجأة بحلّ المجلس وتعليق الدستور، ويسبق ذلك خطاب سياسي بأن الأمور وصلت إلى حدود لا يمكن قبولها، وكل ما سبق يؤهّل الكثير من الناس البسطاء (السذّج) نفسياً، وكذلك عند الانتهازيين السياسيين، بتحقّق حلم المستبد المستنير الذي سينقل البلد من حالة المراوحة في المكان إلى المنافسة مع دول الخليج، وستكون الكويت «سنغافورة الخليج» في الانفتاح الثقافي والليبرالي وحكم القانون، وستكون الكويت أرض «الحليب والعسل» للاستثمارات والسياحة الأجنبية، وتوفير فرص العمل للشباب، ويمضي الحالمون إلى أكثر من ذلك نحو الغرق في عنصرية سوداء في قضايا الجنسية بالنسبة إلى فئات عريضة بالمجتمع.

أصحاب هذا الحلم ينسون ما حدث عامَي ٧٦ و٨٦، وكيف تم خنق أنفاس القوى التقدمية في ذلك الوقت، وتمّت المراهنة على جماعات الإسلام السياسي لخلق شرعية موازية للشرعية الغائبة، والآن دون أن ننتظر «عالَم الاستبداد المستنير»، وماذا يمكن أن يحدث، تكفي مراقبة أداء السلطة الآن، وكيف تداهن تلك الجماعات في سلوكها العام، وبدلاً من الطريق إلى سنغافورة سيكون الطريق إلى كابول هو الأقرب للتصوّر.

ماذا يمكن أن يحدث في النهاية؟ لا أحد يعلم... دولة مؤسسات وحكم دستور وإجراءات بيروقراطية تحدد وتخبركم بالقادم... هذا أيضاً وهمٌ كبير... اصحوا منه... وابحثوا لكم عن ضاربة الودع، فهذا أجدى من التحليلات السياسية اليوم.

back to top