رفض سياسي وشعبي لدعوات تعليق الدستور

• قوى سياسية وشخصيات اعتبارية طالبت بالتصدي لها وإنهاء الأزمة وفق نصوصه

نشر في 09-04-2023
آخر تحديث 08-04-2023 | 18:17
مجلس الأمة
مجلس الأمة
لم تغض قوى سياسية وشخصيات اعتبارية الطرف عن الدعوات التي يطلقها البعض بتعليق الدستور، بل حرصت على شجب مثل هذه الدعوات ومطالبتها بالتصدي لها وقطع الطريق أمامها، مغتنمين في الرد فرصة للتذكير بالخطاب التاريخي الذي ألقاه سمو ولي العهد نيابة عن سمو الأمير في 22 يونيو الماضي.

أصدر التحالف الوطني الديموقراطي بياناً شجب فيه بشدة ما يتداول في مواقع التواصل الاجتماعي عن تعليق العمل بالدستور، وأكد التحالف أنها أماني للبعض تتعارض مع خطاب سمو الأمير، الذي ألقاه نيابة عنه سمو ولي العهد بقولهما: «لن نحيد عن الدستور ولن نقوم بتعديله ولا تنقيحه ولا تعطيله ولا تعليقه ولا حتى المساس به، حيث سيكون في حرز مكنون فهو شرعية الحكم وضمان بقائه والعهد الوثيق بيننا وبينكم».

من جهتها، أصدرت الحركة التقدمية الكويتية بياناً علقت فيه على الأحداث الأخيرة في الساحة السياسية جاء فيه «في ظل أزمة سياسية مستحكمة تعاني منها البلاد، تتطلب معالجات حكيمة ومسؤولة وملتزمة بأحكام الدستور، فقد انتشرت دعوات وتواترت إشاعات عن محاولة تكرار تجربة الانقلاب على الدستور، التي سبق أن رفضها الشعب الكويتي في النصف الثاني من السبعينيات والنصف الثاني من الثمانينيات».


الحركة التقدمية الكويتية الحركة التقدمية الكويتية

وأكمل البيان «إزاء هذه الدعوات الخطرة، فإنّ الحركة التقدمية الكويتية تهيب بالشعب الكويتي التحلي باليقظة وتوحيد صفوفه لقطع الطريق على مثل هذه التوجهات الخطرة والضارة، وإلزام السلطة بالإسراع في معالجة الأزمة المحتدمة ضمن إطار الالتزام بالدستور والمبادئ الديموقراطية، بدءاً من طيّ صفحة مجلس 2020 المرفوض شعبياً إلى غير رجعة فور تشكيل الحكومة، وعدم شرعنة وضعه الشاذ».

الحاكم والمحكوم

وكان الوزير السابق أنس الصالح علق على ذلك قائلاً: الترويج لتعليق العمل بأحكام الدستور كمخرج للأزمات السياسية يعكس انعدام فهم للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وأساس الوثيقة للنظام الذي تقوم عليه الدولة، وهذا ما أكدت عليه القيادة السياسية حفظها الله في خطاب يونيو من العام الماضي والنطق السامي لافتتاح مجلس الأمة 2022.

وعلق عضو المجلس المبطل سعود العصفور على مثل هذه الدعوات بالتذكير بمقتطفات من خطاب القيادة السياسية الذي ألقي في 22 يونيو من العام الماضي بأن «الدستور شرعية الحكم وضمان بقائه والعهد الوثيق بين الشعب والحاكم»، متسائلاً في الوقت نفسه «الفريق اليائس الذي يدعو إلى تعليق الدستور من أين يستمد شرعيته؟!».

من جهته، ذكر النائب مهلهل المضف: «اننا نعيش في هذه الأيام مرحلة عصيبة في تاريخ الكويت، حيث الفوضى والعشوائية، وانعدام الرؤية وغياب القيادة، مرحلة تتصارع وتتناحر السلطات الثلاث في وقت غير مسبوق على الكويت وشعبها، فالمصير الذي كنا نخشاه ونحذر منه في السنوات الأخيرة بات واقعاً نعيشه اليوم مع شديد الأسف، فالبلد أصبح مشلولاً وسلطاته معطلة تماماً والفراغ أصبح سيد الموقف».

وقال المضف، في كلمة له تعليقاً على الأوضاع السياسية، «ليعلم الجميع أننا كشعب لم نختر هذا الوضع، ولم نكن سبباً فيه، فهذا المشهد المؤسف والحال البائس الذي أوصلنا إليه انعدام الرؤية وفشل الإدارة مع غياب الحكمة لدى السلطة، وترك الصراع بين بعض أبناء الأسرة وأدواتها يمزق البلد ويصل إلى مستويات غير مسبوقة أدت إلى تعطيل البلد والانقلاب على الدستور وهدم المؤسسات، وإذا استمر هذا الصراع فسيقودنا حتماً إلى الانهيار».

خارطة الطريق

وتابع المضف: «إن العهد بين الكويتيين وأسرة الحكم هو الدستور الذي ارتضيناه كعقد ونظام تقوم عليه الدولة، وهو الضمانة بعد الله وصمام الأمان وخارطة الطريق للخروج من الأزمات، والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة، فتعطيل الدستور والانقلاب عليه وعلى مبادئه ومفاهيمه كما رأينا مؤخراً من تعطيل الحكومة وتأخير تشكيلها، مما ترتب عليه تعطيل جلسات مجلس أمة 2022، الذي أبطلته المحكمة الدستورية بحكم أهدر حق الأمة وإرادتها وسيادتها، وما ترتب عليه من عودة مجلس 2020 المرفوض شعبيا، والذي بكل أسف مازال بعض أعضائه يتشبثون به على حساب الدستور والشعب، مما ساهم بشكل كبير في دخول البلد بحالة فوضى».

وأضاف: «نحن ندعو إلى العودة إلى الدستور، وأن يكون هو المنهج في حل الخلافات والصراعات، فهو الضمانة لعدم تغول سلطة على أخرى، فما سمعناه في الأيام الأخيرة من طلب رئيس الحكومة من رئيس المجلس الأعلى للقضاء تقديم الاستقالة (إن صح ونطلب من رئيس الحكومة التوضيح) هو أمر مرفوض وشكل من أشكال التعدي على الدستور، لكننا نتساءل أيضاً: من قادنا إلى هذا الوضع؟ ومن جر السلطة القضائية وأدخلها كطرف في الصراع السياسي؟ فالمحكمة الدستورية كان واجباً عليها وفرضاً ولزاماً أن تنأى بنفسها عن أي محاولات لإقحامها في الخلافات السياسية بين المجلس والحكومة، فمنذ إبطال مجلس الأغلبية 2012 إلى إبطال مجلس 2022 ومحاولات إقحام القضاء في الخلافات السياسية مستمر».

واستطرد: «لأننا نؤمن بأن القضاء هو الملاذ والحصن، طالبنا ومازلنا نطالب بتطوير القضاء وتعديل قانون المحكمة الدستورية من خلال إقرار التشريعات اللازمة، لكن مع الأسف المجلس الأعلى للقضاء هو من يعارض هذه التشريعات، لذلك نحن مع إصلاح القضاء والمحكمة الدستورية وإعادة تشكيلها، وهذا أمر من الأولويات ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الإطار الدستوري».

النطق السامي

وأردف المضف: «كما أوجه كلمة إلى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، وإلى سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وأقول إن الشعب استبشر بالعهد الجديد الخير، وانه عهد القضاء على الفساد وعهد التطور والرخاء، لكن مع الأسف الشديد الشعب يعيش حالة من الإحباط والخيبة بسبب ما يحصل من إفراغ للدستور من محتواه وتعطيل للجلسات وتفريغ للمناصب القيادية وتناحر من أجل مشاريع شخصية ليس الوطن والمواطن من ضمن اهتماماتها وأولوياتها».



وأضاف: «لذلك يا سمو الأمير ويا سمو ولي العهد إن النطق السامي في تاريخ 22 يونيو 2022 وما حمله من مضامين ومبادئ هدفها تصحيح مسار المشهد السياسي الذي أصبح أكثر تعقيداً وسوءاً أصبح يتطلب الاستعجال بالإصلاح السياسي، فلا انفصام بين التصحيح والإصلاح، وبين التمسك بالدستور والتمسك بالإصلاح السياسي».

وتابع: «لذلك يا سمو الأمير ويا سمو ولي العهد لابد من تفعيل مضامين الخطاب وبدء عملية الإصلاح السياسي حتى لا نقع ونكرر هذه الأزمات التي سحقت طموح الشباب وآمال الشعب ومستقبل الدولة، وأنا شخصياً مؤمن بأن تكون رؤية رجالات الكويت المؤسسين للدستور بتبني النظام البرلماني كعنوان للإصلاح السياسي وعلى رأسه تعديل النظام الانتخابي إلى القوائم النسبية وغيرها من قوانين الإصلاح السياسي المستحقة، ففشل أبناء الأسرة المتكرر في إدارة الحكومة أصبح لا يحتمل وثمنه باهظ على الوطن والشعب والأجيال القادمة».

back to top