300 ألف كدرة

نشر في 02-04-2023
آخر تحديث 01-04-2023 | 17:10
 حسن العيسى

إذا كان عباقرة وزارة الداخلية يتوهمون أن الكويتيين يمكنهم أن يستغنوا عن الوافدين كافة من دون استثناء، فماذا ينتظرون؟ أغلقوا حدود الدولة وأبعدوا الثلاثة ملايين وافد الذين يشكّلون ثلثَي سكان البلد، ودعونا نرى كيف يمكن أن تعمل وتنتج هذه الدولة القائمة على خدمات الوافدين من أقصى نقطة عند حدود النويصيب حتى أبعد نقطة حدود لمركز العبدلي!

المنتصر بالله وزير الداخلية يُظهر، بكل مناسبة، حماسه الشديد لأهل الكويت وحبّه لهم، فمع كل شكوى من المواطنين، سواء كانت بالحق أو بالباطل، تسارع وزارته لتلبية نداء الواجب بترضية جاهزة ومعلّبة تزيّن صفحات الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي، ويرد، في المقابل، جمهور المادحين الشاكرين للوزارة بإرسال دعوات الشكر والامتنان لهذا الوزير، حفظه الله.

ولأنّ الكثيرين من شعب الله المحتار يشكون من زحمة أزمات المرور وجنون الشوارع، مع أنه يبدو أن أغلب المستعملين للطرق السريعة والمتسابقين بعوالم الخبال لتملُّك الطرق هم فئات كثيرة من أبناء هذا الوطن الغالي، فالجميع يركبون السيارات ويدورون من شارع الملل إلى شارع آخر للسأم، ومن مول إلى مول آخر يبحثون عن أضواء وبهجة غائبة في بلد أصبح فيه الفرح عملة نادرة وتائهة في زحام الأعراف والعادات والتقاليد التي ننفرد بها دون بقية الأشقاء الخليجيين، تهدد وزارة الأفراح والليالي المِلاح (وزارة الداخلية)، عبر جهازها المروري، بأنها ستسحب 300 ألف رخصة قيادة من الوافدين...!

فبتلك الضربة السحرية يسوّق للكثير من العنصريين المتعالين الكارهين للوافدين بأن أزمة المرور ستُحلّ، فلا زحام ولا يحزنون، مع أنها أزمة مثلها مثل كل أزمات الدولة، وليدة فشل إداري وفساد سياسي متأصل بعظام النظام، لكن لا بأس، فلا بدّ من البحث عن كبش فداء نعلّق عليه ذلك الفشل المتواصل، فالسمكري الذي يصلح مجارينا هو من الوافدين، والميكانيكي الذي يضبط عرباتنا هو من الوافدين، والصبّاغ، والخبّاز، والبنّاء، وعدّوا - من دون نهاية - كل الخدمات التي توفرها «البروليتاريا الرثّة» (عمال خدمات)، بالتعبير الماركسي، وهي التي لا تضيف شيئاً لفائض القيمة بالدول المنتجة، بينما عماد العمل في بلدان الريع هم من الوافدين.

ما العمل مع عبقرية هذه الإدارة واعتباطية قراراتها؟! استغنوا عن كل الوافدين، أو اعزلوهم في أقفاص خاصة، تفتحونها حسب الحاجة... ودعونا نرى كيف ستحيون!

سيمون سميث يذكر في كتيّبه «الكويت 1950 - 1965»... «إذا كان هناك طاعون غامض قد يتسبب في موت جميع الكويتيين (لا قدّر الله)، فسوف يستمر الاقتصاد بنفس الطريقة التي يسير بها في الوقت الحاضر».

back to top