بوتين: العالم يسير نحو السيناريو الأسوأ

واشنطن تسرّع نشر قنابل نووية دقيقة بأوروبا... وروسيا تهدد بإسقاط الأقمار الصناعية التجارية

نشر في 28-10-2022
آخر تحديث 27-10-2022 | 21:24
رجل يعبر فوق جسر مدمّر بفعل القصف في منطقة باخموت شرق أوكرانيا أمس (أ ف ب)
رجل يعبر فوق جسر مدمّر بفعل القصف في منطقة باخموت شرق أوكرانيا أمس (أ ف ب)
لوّحت روسيا بتهديد غير مسبوق ضد الولايات المتحدة بشأن الحرب في أوكرانيا، في وقت كشفت صحيفة أميركية أن الولايات المتحدة قررت تسريع نشر القنابل التكتيكية النووية المطورة في أوروبا.
في أعنف هجوم يشنّه على الدول الغربية، اعتبر الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​، أنّ «الغرب يتجاهل مصالح الدول الأخرى وقيمها وثقافاتها، ويسعى لكي يخضع له الجميع»، مشدداً على أن روسيا تدافع عن حقها في الوجود والعالم يسير نحو السيناريو الأسوأ.

وفي كلمة ألقاها خلال في الجلسة العامة لمنتدى «فالداي» في موسكو، قال بوتين: «الغرب يدّعي التحضّر لكنه يغيّر قواعد اللعبة دائما بحسب مصالحه، وقاد انقلابا ًفي أوكرانيا وأشعل الحرب فيها وارتكب عدداً من الأخطاء المنهجية، وقتل قاسم سليماني​ على أراضي دولة ثالثة».

وأضاف: «يبدو أن الأمور تتطور وفق السيناريو السلبي وتتحول إلى أزمة متعددة الأوجه»، مؤكدًا أنّ الغرب «الذي يتجاهل مصالح الدول الأخرى وقيمها وثقافاتها، ويسعى لكي يخضع له الجميع، سيضطر للحديث بشأن المستقبل في نهاية المطاف»، موضحًا أنّ «العالم يشهد تآكلا في مبدأ الأمن الجماعي واستبدال ​القانون الدولي​ بقواعد بديلة».

واشار الى أن «الغالبية العظمى من الدول تطالب الآن بالديموقراطية في الشؤون الدولية، ولا تقبل الإملاءات المفروضة على الدول»ـ مضيفاً :»أمام البشرية طريقان، إما المضي قدما نحو الانهيار أو العمل على نظام جديد معا».

قنابل دقيقة

الى ذلك، وبينما كان من المفترض أن يتم نشرها وفقًا للخطة الأصلية، في ربيع عام 2023، كشفت صحيفة بوليتيكو الأميركية أن الولايات المتحدة قررت تسريع نشر القنابل التكتيكية النووية «B61-12» المطورة في أوروبا، وسيتم تسليمها إلى قواعد «ناتو» بأوروبا في وقت مبكر من ديسمبر.

ووفق الصحيفة، صرّح مسؤولون أميركيون في اجتماع مغلق لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، بأن هذه القنابل الدقيقة ستصل في وقت أبكر مما كان مخططا له.

رغم ذلك، وبعد يوم من مناورات نووية روسية، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة لا ترى أسبابا لرفع مستوى جاهزية قواتها الاستراتيجية.

واعتبر بلينكن أن «المعلومات الروسية حول تحضير أوكرانيا لتفجير قنبلة قذرة مفبركة، وأن الجانب الروسي يتهم الآخرين بما يفعله أو يخطط له». وأضاف أن واشنطن «حذرت روسيا من استخدام ذلك ذريعة لأي تصعيد».

تهديد «غير مسبوق»

وفي موسكو، هدد نائب مدير شؤون الحد من الأسلحة وحظر الانتشار النووي في «الخارجية» الروسية، قسطنطين فورونتسوف، بأن الأقمار الصناعية الأميركية بما فيها تلك التجارية قد تصبح أهدافا مشروعة لضربها إن استخدمت في النزاع بأوكرانيا.

ولم يذكر فورونتسوف أي شركات أقمار صناعية على وجه التحديد، إلا أن إيلون ماسك قال هذا الشهر إن شركة سبيس إكس لتصنيع الصواريخ التي يمتلكها ستواصل تمويل خدمة الإنترنت ستارلينك في أوكرانيا.

«أوامر» واشنطن

من ناحيته، اتّهم الناطق باسم «الكرملين»، دميتري بيسكوف، أمس، كييف بأنها انسحبت من مفاوضات السلام مع موسكو في مارس، بناء على «أوامر» واشنطن، في وقت «كان قد تمّ التوصّل إلى توازن صعب جدًا».

القوات الروسية تحرز تقدماً حول باخموت وتتلقى دعماً من «فاغنر»

وقال: «النصّ كان في الواقع جاهزًا، ثمّ فجأة، اختفى الجانب الأوكراني عن الرادارات، وقال إنه لم يعد يريد متابعة المفاوضات».

وأشار بيسكوف إلى أن بوتين اعتبر أن «رفضًا من هذا القبيل للاتفاقيات التي سبق أن تم التفاهم عليها، حدث بشكل واضح بناء على أوامر من واشنطن».

وكان رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، عمر سيسوكو أمبالو، أكّد، أمس الأول، في كييف أن بوتين عبّر قبل يوم، في لقاء معه، «عن فكرة مفادها أنه مستعد للتفاوض مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي».

وسارع زيلينسكي إلى نفي أي إمكان للتفاوض مع موسكو ما دام الجيش الروسي «يضرب البنى التحتية» الأوكرانية.

وقال: «فلنبدأ برفع الحصار على الأقل عن البحر الأسود»، مع اتهام كييف لموسكو بأنها تتعمد تأخير إبحار 170 سفينة محملة بالحبوب من أوكرانيا في اتجاه دول عدة بإفريقيا وآسيا.

وأضاف أن «رغبة الرئيس الروسي في الحديث ليست في رأيي أكثر من خطاب أعد سلفا».

والمحادثات بين كييف وموسكو متعثّرة منذ مارس، ويتبادل الطرفان الاتهامات بالتسبب في هذا الجمود.

أساليب «جنونية»



على صعيد آخر، اتهم الرئيس زيلينسكي، القادة الروس بـ «الجنون» في جهودهم للسيطرة على بلدة باخموت الشرقية.

وكانت المدينة، التي تقع في منطقة دونيتسك، وكان عدد سكانها قبل الحرب 70 ألف نسمة، مركزاً للهجمات الروسية منذ أشهر.

وعلى الرغم من التقدم الأوكراني الذي يلوح في الأفق على مدينة خيرسون الرئيسية، فإن الهجمات مستمرة بقوة، وفق زيلينسكي، وسيكون الاستيلاء على المدينة انتصاراً رمزياً لروسيا.

وقال زيلينسكي في خطابه الليلي من كييف: «هذا هو المكان الأكثر دلالة على جنون القيادة الروسية. إذ إنهم يقودون الناس يوماً بعد يوم ولشهور، إلى الموت هناك، ويركزون أعلى مستوى من القصف المدفعي».

وبينما تكافح روسيا في أماكن أخرى بأوكرانيا، فإنّ قواتها أحرزت تقدّماً حول باخموت في الأسابيع الأخيرة.

وتقع المدينة على طريق رئيسي يؤدي إلى مدينتَي سلوفيانسك وكراماتورسك الخاضعتين لسيطرة أوكرانيا.

ويقول محللون إن المدينة ليست لها قيمة عسكرية كبيرة في حد ذاتها، رغم أنها إذا سقطت، فإنها ستعيد مدناً أخرى إلى نطاق المدفعية الروسية، وتساعد في تغيير الخطاب الروسي بشأن الصراع الذي تتراجع فيه قوات موسكو تدريجياً.

وأفادت تقارير بأن القوات الروسية النظامية في المنطقة تلقّت دعماً من مرتزقة «فاغنر» شبه العسكريين.

ويقال إن مؤسس المجموعة، يفغيني بريغوزين، يريد الاستيلاء على المدينة كجائزة سياسية.

وأقر قائد المرتزقة، الأحد، بالوتيرة البطيئة للتقدم الروسي في باخموت، قائلاً إن القوات لا تكسب سوى ما بين «100 الى 200 متر في اليوم».

في المقابل، تواصل القوات الأوكرانية التقدم في الجنوب باتجاه خيرسون، حيث أمرت روسيا المدنيين بالإخلاء.

وفي الوقت الذي لم يتحدث زيلينسكي عن أي جديد بشأن التقدم المباشر، فإنه قال إن قواته «تعزز مواقعها في كل مكان على الجبهة، وتقلّل من قدرات المحتلين، وتدمر لوجستياتهم وتحضّر أخباراً جيدة لأوكرانيا».

لكنّ مسؤولين في كييف حذّروا من أن القوات الروسية تقوم بالتنقيب في أنحاء المدينة، بينما تشير تقارير إذاعية رصدت إلى إرسال مجندين روس «حُشدوا» حديثاً إلى هناك لدعم الدفاعات.

«القيصر» ينزع صمام الأمان عن «قنبلة الطاقة» ويعتزم تفجيرها في «الميلاد»

قال الكاتب الأميركي توماس فريدمان إن العالم يخشى أن يُقدِم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قصف أوكرانيا بالسلاح النووي التكتيكي مع تعثّر قواته هناك، لكنّه أوضح أن «القيصر» يعكف الآن على تحضير سلاح مختلف.

وأبرز فريدمان، في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز، نشره موقع الجزيرة أمس، أن الرئيس الروسي ينزع الآن صمام الأمان عن قنبلة الطاقة بشقّيها النفط والغاز أمام أعين العالم وبمساعدة غير مقصودة من الغرب، ويمكنه تفجيرها بسهولة هذا الشتاء.

وأوضح أن أسعار البنزين والغاز المستخدمين للتدفئة في الغرب ستبلغ عنان السماء لو فجّر بوتين قنبلته تلك، التي يتوقع الكاتب أن الرئيس الروسي يعتزم تفجيرها خلال أعياد الميلاد المقبلة.

وقال إن بوتين يأمل أن تؤدي التداعيات السياسية المترتبة على ارتفاع أسعار الطاقة إلى انقسام التحالف الغربي الداعم لأوكرانيا، ويأمل أن تدفع العديد من البلدان، بما في ذلك أميركا، للبحث عن مخرج من خلال التوصل إلى اتفاق مع موسكو في أسرع وقت ممكن.

وأشار فريدمان إلى أن بوتين يخوض الآن حربا بريّة في ساحة المعركة بأوكرانيا، وحربا أخرى في مجال الطاقة على جبهتين هدفها كسر إرادة هذا البلد وإرادة حلفائه.

وأوضح أن بوتين يحاول تدمير شبكات الكهرباء بأوكرانيا وشلّ قدرتها على توليد الطاقة وإغراق البلد في شتاء بارد وطويل، بينما يحضّر لرفع تكاليف الطاقة في جميع البلدان الحليفة لكييف. وهو أمر مخيف برأي الكاتب، حيث لا تملك أميركا والغرب استراتيجية للطاقة يمكنها التخفيف من تأثير قنبلة الطاقة التي يستعد بوتين لتفجيرها.

وتطرّق فريدمان لجملة من العوامل التي ستؤدي لا محالة لارتفاع أسعار الطاقة الشتاء القادم إلى مستويات غير مسبوقة، من بينها الحظر الذي يستعد الاتحاد الأوروبي لفرضه على واردات النفط الخام المنقولة بحراً من روسيا، اعتبارًا من 5 ديسمبر المقبل، لحمل موسكو على الانصياع لبيع نفطها بالسعر الذي حدده الاتحاد وأميركا.

وإذا أضفنا إلى هذا الحظر تحرّك ألمانيا وبولندا لوقف واردات الطاقة الروسية المنقولة عبر خطوط الأنابيب، فإن ذلك يعني حظر 90 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي الحالية من النفط الروسي.



back to top