دعومات

نشر في 31-03-2023
آخر تحديث 30-03-2023 | 17:09
 د. هشام كلندر

تعدى مجموع الدعومات في آخر 10 سنوات، 40 مليار دينار على حسب الميزانيات، وكانت موزعة على 20 بنداً من المصروفات، واستحوذ الدعم المقدم من الدولة لوقود تشغيل المحطات، على المركز الأول في قائمة الدعومات، بمبلغ تجاوز 17 مليار دينار دون أن تحرك الحكومات المتعاقبة ساكنا لإدارة هذه الملفات، على الرغم من أنها دائما تتحجج بالعجوزات، فلم تحاول وضع حلول مستدامة لهذا الهدر في الميزانيات، وسوء استغلال بعضهم للدعومات، دون تحقيق العدالة بين جميع الفئات.

ومثال آخر على هذه الدعومات الدعم المقدم للخدمات الصحية للمواطنين بالخارج «العلاج بالخارج» والذي تعدى 3 مليارات، أليس أولى أن تصرف هذه المبالغ في بناء منظومة صحية محكمة وتلبي جميع الاحتياجات، فنتفادى هذا الهدر المستمر دون تحقيق فائدة توزي المصروفات؟ وكذلك القصة نفسها تتكرر في دعم بدل الإيجار بمبلغ يتعدى ملياري دينار، فلماذا التأخر في بناء المدن الإسكانية، لتفادي الهدر في الميزانية، وتحقيق الاستقرار والراحة النفسية للمواطنين؟ أنا لست ضد مبدأ الدعومات، بل مع ضبطها، ومنع سوء استغلالها، فكيف يصف من يملك الملايين بالدور على السكن مع الفقير المسكين؟ وكيف يتساوى من يملك عشرات السيارات مع من عنده سيارة واحدة اشتراها بالأقساط ومدين للبنك، وكيف؟ وكيف؟ وكيف؟

يجب دراسة ملف الدعومات، وخلق مداخيل للدولة بشرط ألا تمس الأسر متوسطة الدخل، وأن يتم البدء بمن يتاجر بهذه الدعومات على حساب المواطن البسيط دون رقابة وسيطرة محكمة.

الأفكار لحلول هذا المجال كثيرة، وقد تنفع في قادم الأيام عندما تشح الموارد، ويفرض عليك الواقع العمل بكفاءة أعلى، لا بأسلوب العشوائية وجو من الفوضى الإدارية وهدر الكثير من الموارد الوطنية. للأسف أن كثرة الدخل والموارد، في بعض الأحيان، تسهم بسوء الخدمات، وتترك فوضى في إدارة الأزمات، وقد قيل إن الحاجة أم الاختراع، والبعض لا يتعلم إلا في الأزمات، ويتحسف على يوم كانت الموارد متوافرة وفائضة عن الحاجات، فلنعمل من اليوم ولا ننتظر ذلك اليوم الذي، إن أتى، سيفرض علينا واقعاً جديداً لا يكون فيه خيارات أخرى لنا.

وقديماً قيل:

إِذا هَبَّت رِياحُكَ فَاِغتَنِمها

فَعُقبى كُلُّ خافِقَةٍ سُكونُ

وَلا تَغفَل عَنِ الإِحسانِ فيها

فَما تَدري السُكونُ مَتى يَكونُ

وَإِن دَرَّت نِياقُكَ فَاِحتَلِبها

فَما تَدري الفَصيلُ لِمَن يَكونُ.

back to top