أين يسير العالم؟

نشر في 30-03-2023
آخر تحديث 29-03-2023 | 18:29
 حسن العيسى

قبل يومين، وجّه الخبير الاقتصادي جيفري ساكس أعنف هجوم على سياسة الولايات المتحدة في الصراع الروسي - الأوكراني، وكرر - لعدة مرّات - عبارات قوية مثل «عيب عليكم»، وجّهها للقيادة الأميركية التي دفعت العالم في صراع أضحى مأزقاً لدول أوروبا الغربية ولبقية دول العالم، عدا ربما «دولنا النفطية» التي استفادت من ارتفاع أسعار النفط لفترات محدودة.

يرى ساكس أن الدول الغربية الأوروبية أضحت في موقف الخادم الذي يتلقّى أوامر السيد الأميركي، ولو كان ذلك ضد المصالح الأوروبية آخر الأمر، فأميركا تخوض حرباً بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا، وترفض كل محاولة سلام أو إجراء مفاوضات لتحقيقه، والذي يدفع الثمن الغالي من اقتصاده ومن دماء أبنائه هو الشعب الأوكراني، والأوروبيون هم الأكثر تضرراً من استمرار النزاع. اقتصاد الدول الأوروبية يدفع ثمناً غالياً لهذه الحرب بمقاطعة النفط والغاز الروسي، وفرض تسليح أوكرانيا بالأسلحة الأوروبية بإملاءات أميركية، بقية دول العالم الفقيرة زادت معاناتها، ولكن لا أحد منها يجرؤ على تحدي الغطرسة الأميركية، وإذا فعلت فستتعرض للعقوبات الاقتصادية، تلك العقوبات التي تصيب طرفاً ثالثاً ليس متورطاً في الصراع الحالي.

فرنسا ماكرون حاولت أن تخطّ سياسة أكثر استقلالاً واعتدالاً نحو البحث عن فرص سلام، وانتهت بفشل كبير من الضغوط الأميركية، أيضاً هنغاريا عضوة دول المجموعة الأوروبية اختطت طريقاً أكثر اعتدالاً.

ويستغرب جيفري ساكس غياب أي مفاوضات نحو حلول وسط بين بوتين وبايدن، بعد مضيّ أكثر من عام على تلك الحرب، واللوم علي الإدارة الأميركية التي وجدت فرصتها في هذه الحرب لخنق روسيا، وتأكيد هيمنتها على العالم، وهذا ليس جديداً على السياسة الأميركية، فهي ثابتة على هذا النهج منذ سقوط الاتحاد السوفياتي وتفككه في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، فقد رفضت أي قروض أو مساعدات مالية له بعد تفككه، وحاصرته بضمّ عدة دول كانت تدور بالفلك السوفياتي في الماضي، بضمّها لحلف الناتو، على خلاف وعودها للراحل غورباتشوف وبعده يلتسين.

كل ما سبق شكّل عقيدة بوتين نحو الغرب الآن، لكنه بدوره، أيضاً، أنه يصح عليه المثل الكويتي «بغاها طرب صارت نشب»، فإذا كان أراد توجيه رسالة لدول حلف الناتو بغزو أوكرانيا، إلّا أنه خلق الذرائع لدول مثل السويد وفنلندا المحايدتين للانضمام للحلف.

هل يتجه العالم نحو حرب عالمية ثالثة إذا حوصرت روسيا تماماً؟ لا ندري.

الأقرب للمعقول أنه قد تنتهي بالطريقة اللبنانية بصيغة «لا غالب ولا مغلوب»، مع أن الشعب اللبناني هو المغلوب على أمره.

من ناحية أخرى، فقد حققت الصين نجاحاً كبيراً لملء فراغ الاستفراد الأميركي بقرارات عزل الدول التي تبقى على الحياد، وكانت وساطتها بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية خير مثال.

أين يمضي هذا العالم بصراعات الحمق المجنونة؟ لا ندري... الكبار أبخص.

back to top