إيران: توتر في أول «جمهورية كردية»

«هجوم شيراز» قد يطلق يد «الحرس الثوري» لقمع الاحتجاجات
رئيسي: الاحتجاجات تمهّد للهجمات الإرهابية
محتجون يسيطرون على مقر حكومي بمهاباد وقوميون يدعون لحراك في «عيد كوروش»

نشر في 28-10-2022
آخر تحديث 27-10-2022 | 21:48
عمال يزيلون آثار الهجوم الدامي بالمزار الشيعي في شيراز أمس الأول (أ ف ب)
عمال يزيلون آثار الهجوم الدامي بالمزار الشيعي في شيراز أمس الأول (أ ف ب)
اتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي احتجاجات «الحراك الشعبي» المطالب بالتغيير، والتي دخلت أسبوعها السادس بالتمهيد لـ «هجمات إرهابية» غداة الاعتداء على مرقد في شيراز وتبناه «داعش»، في حين أسفر تجدد الاحتجاجات الحاشدة في عموم البلاد عن مقتل متظاهر برصاص الأمن، خلال صدامات بمهاباد، تخللها اقتحام مقر الحكومة بالمدينة الكردية.
شهدت مدينة مهاباد، الواقعة في محافظة أذربيجان الغربية، شمال إيران، والتي تسكنها أغلبية كردية، توتراً شديداً منذ مقتل شاب برصاص قوات الأمن، مساء أمس الأول.

ونزل المئات إلى شوارع مهاباد، خلال تشييع الشاب إسماعيل مولودي، الذي قُتل أمس الأول، خلال مشاركته في احتجاجات بالذكرى الأربعين لوفاة الشابة الكردية مهسا أميني، مرددين هتافات تدعو إلى الحرية، في حين طوّق غاضبون مخفراً للشرطة بالمدينة.

وتكتسب مهاباد أهمية رمزية لدى الأكراد، إذ احتضنت ما يعتبره القوميون الأكراد أول جمهورية كردية خلال الحرب العالمية الثانية، والتي لم تستمر إلا 11 شهراً.

وحذّر تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية من أن الأسوأ لم يأت بعدُ في إيران «حيث يحتفظ النظام بخيار القوة الأمنية الأشرس في البلاد؛ وهي الحرس الثوري». ونقلت الصحيفة عن علي ألفونة، الرجل البارز في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، قوله: «نحن في وضع حيث المتظاهرون غير قادرين على إسقاط النظام، والأخير غير قادر على إجبار الناس على العودة إلى ديارهم».

لكن المحللين قالوا، إنه كلما طال استمرار الاحتجاجات وزاد حجمها زاد الضغط على الحرس الثوري لقيادة الحملة القمعية.

وربما جاء الهجوم الدموي، الذي أسفر عن مقتل 20 شخصاً وتبناه تنظيم «داعش»، والذي استهدف أمس الأول مزاراً شيعياً في مدينة شيراز ونفّذه 3 مسلحين غير «إيرانيين»، ليعطي ضوءاً أخضر للسلطة لإطلاق يد الحرس الثوري لقمع الاحتجاجات كما جرى مع تحركات سابقة.

وربط الرئيس الإيراني الأصولي إبراهيم رئيسي، أمس، بين الاحتجاجات التي سماها «أعمال شغب» وبين الهجمات الإرهابية. وأكد وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان أن «إيران لن تسمح للإرهابيين والمتطفلين الأجانب الذين يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان بالعبث بأمنها القومي ومصالحها».

ووسط تشكيك معارضين إيرانيين في رواية السلطات عن هجوم شيراز واتهامهم أجهزة أمنية موالية بالتدبير للهجوم للفت النظر عن الاحتجاجات، دانت دول أجنبية وعربية الهجوم، بينها الكويت وروسيا والصين ومصر وتركيا والإمارات ولبنان.

في تفاصيل الخبر :



اعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن تظاهرات «الحراك الشعبي» المطالب بالتغيير، والتي دخلت أسبوعها السادس في البلاد، تمهد لـ «هجمات إرهابية»، وذلك بعد ساعات من الهجوم الدموي الإرهابي الذي استهدف ضريح شاه شيراغ الذي يعد مزاراً شيعياً مهماً في مدينة شيراز، والذي أدى إلى مقتل 20 شخصاً، وتبناه تنظيم «داعش»، بالتزامن مع احتجاجات حاشدة في عموم إيران لإحياء ذكرى أربعينية الشابة مهسا أميني، التي أطلقت وفاتها بعد احتجازها من شرطة الآداب لمخالفتها قواعد الحجاب الإلزامي، موجة «الحراك الشعبي».

أعمال الشغ ب

وقال رئيسي، في خطاب متلفز، خلال زيارته محافظة زنجان، أمس، إن «العدو ينوي إعاقة تقدم البلاد عبر أعمال الشغب التي تمهّد الطريق أمام أعمال إرهابية» في إشارة إلى الاحتجاجات المتواصلة منذ منتصف سبتمبر الماضي. وشدد الرئيس الأصولي المتشدد على أن هذا الاعتداء «لن يمر دون رد»، محملاً من وصفهم بـ «أعداء إيران» مسؤولية اللجوء للعنف.

كما دعا المرشد الأعلى علي خامنئي الإيرانيين إلى الاتحاد، وقال إن من يقفون وراء الهجوم «سيعاقَبون بالتأكيد»، مشدداً على أن «الجريمة النكراء أحزنت آلاف القلوب».

وقال خامنئي، في بيان تلاه التلفزيون الرسمي: «يجب علينا جميعا التصدي للعدو وعملائه الخونة أو الجهلاء. يجب على أجهزة الأمن والقضاء والنشطاء في مجال الفكر والشعب الاتحاد ضد الاستخفاف بأرواح الناس وأمنهم ومقدساتهم».

است غلال سياسي

ووسط تحذير من منصات معارضة من احتمال استغلال الحكومة الإيرانية للهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش» على شيراز وأدى إلى مقتل 20 وإصابة 40 لوأد الاحتجاجات المناهضة لنظام الجمهورية الإسلامية، قال رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري إن «مثيري الشغب شركاء الهجوم الارهابي الذي استهدف مرقد السيد أحمد بن موسى الكاظم بشيراز جنوب البلاد». كما توعد قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي بأن «نار غضب وانتقام الشعب الايراني الواعي ستلقن معسكر الشيطان جزاء عملهم المخزي».

«داعش» يتبنى الهجوم على مزار شيراز... وخامنئي يتوعد بالرد وإدانات دولية

وقال سلامي إن «الجريمة الوحشية مؤشر على أن أعداء الجمهورية الإسلامية لن يتوانوا عن ارتكاب أي جريمة من أجل نيل مآربهم الشيطانية حتى ولو كان ذلك بقتل الرجال والنساء والأطفال العزل أثناء إقامة الصلاة والتضرع لله عند أضرحة أهل بيت النبي».

وربط وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان بشكل مباشر بين الحادث والدعوات الدولية التي تطالب طهران بوقف قمع الاحتجاجات التي تأججت أمس الأول بالتزامن مع ذكرى أربعينية الشابة مهسا أميني، قائلا إن بلاده لن تسمح «للإرهابيين والمتطفلين الأجانب الذين يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان بالعبث بالأمن القومي ومصالح إيران». وجاء ذلك في وقت تجمع أنصار للنظام الإيراني أمام السفارة البريطانية في طهران للتظاهر ضد ما يصفونه بـ «تدخل لندن» بشؤون بلادهم.



إدانات ومعل ومات

وفي وقت سابق، أعلن «داعش» مسؤوليته عن هجوم شيراز، وفقا لوكالة «أعماق» التابعة للتنظيم المتطرف، دانت روسيا والصين ومصر وتركيا والامارات الاعتداء. وقالت وسائل اعلام ايرانية إن المهاجمين ليسوا إيرانيين، مضيفة ان اثنين منهم قيد الاعتقال. وأفادت مصادر بأن المهاجمين من افغانستان حيث لا يزال تنظيم «داعش» ينشط. ونشرت السلطات شريطا مصورا يظهر أحد المهاجمين، وهو يلاحق الزوار داخل ممرات المزار، ويُجهز على الجرحى بشكل وحشي.

قتيل واقتحام

في هذه الأثناء، قتلت قوات الأمن الإيرانية، أمس، شاباً جراء إطلاقها النار أثناء تظاهرات في مدينة مهاباد الكردية الواقعة بمحافظة اذربيجان الغربية. وذكرت منظمة «هنكاو» الحقوقية أن قوات الأمن قتلت الشاب الكردي بنيران مباشرة أصابت جبينه.

ووسط احتجاجات حاشدة في شوارع وأزقة مدينة مهاباد اقتحم متظاهرون مقر الحكومة بالمدينة، التي شهدت أمس الأول صدامات عنيفة أسفرت عن مصرع محتج بنيران الأمن. وترددت أنباء عن سيطرتهم على المقر بعد انسحاب قوات الحماية الحكومية.

كما ذكرت وكالة «ميزان» القضائية، أن الرائد بـ «الحرس الثوري» أمير كمندي قتل خلال مواجهات مع محتجين في العاصمة طهران أمس الأول.

«عيد كوروش»

وفي أعقاب تصاعد الانتفاضة الشعبية وتواصل الدعم العالمي لها، دعا عدد من الشخصيات والمجموعات إلى «جولة جديدة» من المسيرات والتظاهرات في الشوارع، وتشكيل سلسلة بشرية في عدد من المدن حول العالم.

ونشرت مجموعة «شباب أحياء طهران» بياناً، أشارت فيه إلى ذكرى الأربعين لمقتل الشابة نيكا شاكرمي، التي قُتلت في الاحتجاجات، وطلبت من المواطنيين النزول إلى الشوارع يومياً.

وفي إشارة إلى عيد ميلاد «كوروش»، الذي يبجله القوميون الفرس، ويُحتفَل به غدا السبت، كتبت هذه المجموعة: «سنحول نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر إلى جحيم للملالي ومرتزقتهم».

في غضون ذلك، أطلقت عدة منصات دعوات لتظاهرات حاشدة جديدة للمطالبة بتغيير النظام والقواعد الصارمة المفروضة في البلاد.

قلق أممي

ووسط ضغوط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه قمع حكومة طهران للتظاهرات، أكد المبعوث الأميركي الخاص روبرت مالي، أن البيت الأبيض يدعم حقوق الإيرانيين من خلال فرض عقوبات وتحديد الأشخاص الذين يقمعون الشعب.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إنه من وجهة نظر الولايات المتحدة، ربما تدرس روسيا طرقا لمساعدة إيران على قمع المحتجين الإيرانيين.

ومن ناحية أخرى، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتل، في مؤتمره الصحافي تعلیقا على تصريحات المسؤولين الإيرانيين حول دور الولايات المتحدة في خلق الاحتجاجات بإيران: السلطات الإيرانية تواجه الآن مشكلة خلقتها بنفسها، ولا تزال تتهم الولايات المتحدة بالتحريض على الاحتجاجات.

كما عبر 21 خبيرا حقوقيا في الأمم المتحدة عن قلقهم الشديد جراء استخدام الأمن الإيراني للرصاص الحي أثناء قمع الاحتجاجات. ووصفوا التقارير التي تتحدث عن العنف الجنسي والجسدي ضد النساء بـ «المرعبة». ودانت وزارات خارجية 12 دولة، في بيان، قمع النظام الإيراني للمتظاهرين والنساء.

على صعيد منفصل، تحدث زوجان نيوزيلنديان علقا في إيران عدة أشهر عن ارتياحهما بعد خروجهما منها أمس.

back to top