«لعنة الساعة» تعيد لبنان إلى الصراع الطائفي

البلد يسير على توقيتين مسيحي وإسلامي ودعوات الفدرالية تأخذ زخماً

نشر في 27-03-2023
آخر تحديث 26-03-2023 | 18:21
برج ساعة الحميدية في بيروت
برج ساعة الحميدية في بيروت

وضعت «لعنة الساعة» لبنان خارج الزمن، وأيقظت شياطين الانقسام الطائفي والمذهبي حتى تكاد البلاد تقف على مشارف التقسيم، ويعيش اللبنانيون حرباً أهلية كلامية وعبر وسائل التواصل، بسبب الخلاف القائم على موضوع اعتماد التوقيت الصيفي أو التوقيت الشتوي، وبدا الانقسام إسلامياً ـ مسيحياً، فالمسلمون يريدون البقاء على التوقيت الشتوي إلى ما بعد شهر رمضان المبارك، أما المسيحيون فعملوا على تقديم الساعة انسجاماً مع التوقيت العالمي، في انقسام تفجّرت خلاله كل الموبقات الخطابية والكلامية، بين مسؤولين سياسيين وحتى بين الناس.

خطورة ما يجري أنه يترافق مع الكثير من الدعوات إلى اعتماد الفدرالية أو التقسيم أو الانفصال أو الطلاق بفعل الأزمة السياسية والاقتصادية القائمة، وكأن لبنان يعود إلى صراع الهويات، وفيما كانت السنوات السابقة حافلة بالانقسام السني - الشيعي، فإن ما تشهده البلاد حالياً هو انقسام إسلامي - مسيحي، قابل لأن يأخذ منحى متوسعاً أكثر ليشمل مجالات مختلفة.

تبقى المشكلة في آلية اتخاذ القرار، والذي ظهر فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منفذاً لمطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ إن الأخير هو الذي طلب تأخير اعتماد التوقيت الصيفي، فيما بدا رئيس الحكومة رافضاً لذلك بسبب الإرباك الذي سيتسبب به هذا الإجراء. ولكن مع إصرار رئيس المجلس وما إن وصل رئيس الحكومة إلى مكتبه حتى أصدر مذكرة فجّرت كل الأحقاد المتبادلة.

يأتي هذا الانقسام على وقع انقسام مستمر حول الملفات السياسية ولا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية، فيما قد تشكل الخطوة مناسبة للمزيد من التقارب بين الكتل المسيحية بما يتعلق بمقاربة الاستحقاق الرئاسي، إلا أن ما يجري يوضح بما ليس فيه مجال للشك أن الصراع أعمق بكثير من استحقاقات سياسية أو اختلاف في المقاربات، لا بل هو أعمق بكثير وأخطر، ويقوم على أساس بنيوي يرتبط بانقسام طائفي بالنظر إلى مواقف القوى المسيحية، إضافة إلى البطريركية المارونية. في مقابل مواقف رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب.

وعلى وقع استمرار هذا النوع من الصراع والانقسام، فإن التضارب في الوجهات السياسية مستمر أيضاً وخصوصاً في مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مما يسهم في تأخير إنجاز الاستحقاق أكثر فيما كانت مواقف وفد صندوق النقد الدولي واضحة جداً حيال المخاطر التي يواجهها لبنان لا سيما أن تقرير الصندوق يشير إلى صعوبة بالغة في معالجة الأزمة. وهو ما علّقت عليه مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف لدى مغادرتها لبنان بالقول: «ما قيل في العلن بصراحة لم يكن فقط جديّاً بل كان مخيفاً»، مضيفةً أنّ «التوقعات للبنان، هذا البلد الّذي يمرّ بالفعل بأشدّ الأزمات الاقتصاديّة، خطيرة. لا أستطيع أن أخبركم عن مدى ضرورة تذليل العقبات أمام المسار الانتخابي الرّئاسي، وبالتّالي تمكين الحكومة من إطلاق الإصلاحات». وأكّدت أنّه «لم يتبقَّ المزيد من الوقت، وهذه كانت رسالتي إلى قادة لبنان».

بعض المعلومات تتحدث عن تطابق في المواقف الأميركية السعودية حيال الاستحقاق الرئاسي، وسط خلاف مع الرؤية الفرنسية التي تقوم على مبدأ المقايضة والموافقة على انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. خصوصاً أن باريس تبلغت بشكل رسمي وفي أكثر من مرة عدم موافقة السعودية على خيار فرنجية، وهذا كان أساس الاجتماع الذي عقد بين السفيرة الفرنسية آن غريو ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وربطاً بالموقف الفرنسي فإن رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط غادر إلى باريس حيث سيلتقي فيها عدداً من المسؤولين صباح الاثنين للبحث معهم في الاستحقاق الرئاسي أيضاً، وسيقدم جنبلاط وجهة نظره حول صعوبة تطبيق مسألة المقايضة بسبب رفضها داخلياً وخارجياً.

back to top