موضي الحمود: الإصلاح يبدأ بإدارة حكيمة ومصارحة حقيقية

• خصّت طلاب «الجوهر» بلقاء في ميادين السياسة والتربية وحقوق المرأة

نشر في 26-03-2023
آخر تحديث 25-03-2023 | 16:55

رأت الوزيرة السابقة، الناشطة المخضرمة في ميادين السياسة والمرأة والتربية والتعليم، د. موضي الحمود، أن «جوهر الإصلاح الحكومي يبدأ بتحديد مشاكلنا والاعتراف بها، فنحن نحتاج إلى إدارة حكيمة تضع الأولويات، وتتّجه نحو إصلاح حقيقي ومجابهة ومصارحة حقيقية عبر مؤتمر أو حوار وطني، غير أنّنا - مع الأسف - ندور حول قضايا هامشية ونترك القضايا الجوهرية، كما أنّ مجلس الأمة يتكلم دائمًا في القشور ويترك جوهر الإصلاح».

وفي معرض تعليقها على إبطال المحكمة الدستورية، أخيرًا، انتخابات مجلس الأمة لعام 2022، وإقرارها عودة البرلمان السابق الذي انتُخب عام 2020، كشفت الحمود أن «المجلسين لم يؤدّيا دوريهما بشكل جيد، وإذ نتحدّث عن ارتفاع سقف التقاضي في الكويت، لا يمكننا إغفال أنّنا خرجنا من مشكلة ووقعنا في مشكلة أكبر، لكنّني على ثقة بأن المسيرة الديموقراطية تصلح نفسها بنفسها، وقد سبق أن تعرّضنا للكثير من الأزمات، غير أنّني متفائلة بوجود مَخرج، فالكويتيون يتمتّعون بحيوية استثنائية، ويمتلكون طاقات شبابية مبدعة ومميّزة قادرة على تطوير البلد».


الحمود مع عبدالعزيز زمان الحمود مع عبدالعزيز زمان

رهاننا على شبابنا وليس على سياسيّين محدودي الرؤية

وكانت الأكاديمية والكاتبة القديرة، التي سبق أن تولّت 3 حقائب وزارية، قد خصّت برنامج الجوهر للتدريب الإعلامي بحلقةٍ حواريةٍ مطوّلة، نظّمتها أكاديميّة لوياك للفنون - «لابا»، عقب تدريبات مكثفة لشباب وشابات من الكويت ولبنان ومصر حول أسس الحوار الإعلامي، بإشراف الإعلامية المتميّزة رانيا برغوت.

مواجهة المد الرافض لدور المرأة

بدايةً، اعتبرت الحمود أن «المجتمع لا ينهض إلا بجناحيه، المرأة والرجل، ولا مفاضلة بينهما، وقد أثبتت الكثير من النساء في الكويت والوطن العربي قدراتهنّ وإنجازاتهنّ في شتّى المجالات، وعلينا أن نواجه المدّ الرافض لدور المرأة خارج المنزل، من خلال توعية المجتمع».

وتابعت، في سياق ردها على المشاركة زينة نصرالله، (خريجة تخصص الإعلام)، قائلةً: «ما زلت أنتقد مجلس الأمة ومواقفه السلبية ضد المرأة. فعلى الرغم من أنّها أخذت حقها السياسي بوجود مجموعة من الوزيرات والعضوات بمجلس الأمة، فإنه بعد حل المجلس بالأمس لم يعد لدينا أي نائبة».

وأضافت: «حاولت خلال مهامي الوزارية المضيّ بالتخطيط والإصلاح، وكانت تشغلني قضية حرمان المرأة من حق الرعاية السكنية، وتمكّنا من إقرار هذا الحق، فوجود المرأة في مناصب اتخاذ القرار يساعد على إدراك قضاياها وقضايا الطفل والأسرة وإجازات الأمومة وغيرها».

مجتمعنا ليس ذلك المجتمع الديموقراطي المتكامل الأركان حيث نجد فيه نوعاً من المحافظة والقبلية والفئوية

وعن حق المرأة الكويتية بإعطاء جنسيتها لأبنائها، أعربت عن عدم اعتقادها بـ «تحقق ذلك قريبًا، فهو يحتاج إلى الوقت والوعي واعتماد معايير محددة تختار أبناء الكويتية المؤهلين لخدمة الكويت بطاقاتهم وخبراتهم، إلى جانب الكفاءات الوطنية والخبرات الوافدة».

الحمود التي شغلت منصب وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي، وكانت قبل ذلك نائبة مدير جامعة الكويت لشؤون التخطيط، أسفت «لواقع جامعة الكويت والتعليم بشكل عام في ظل انعدام الاستقرار السياسي وعدم وضع التعليم أولوية، كما أنّ الخلل يكمن بالشق الإداري في الجامعة التي تحتاج اليوم إلى التطوير، علمًا بأنّها كانت من الجامعات المزدهرة في المنطقة». وسألت: «كيف يمكن أن نرى نتائج الخطط، ووزارة التربية تعاقب عليها 10 وزراء في غضون 13 سنة، أغلبهم قضى فترة لا تتجاوز الأشهر؟!».

الأصولية أثّرت على الجانب الثقافي غير أنّ الرقابة خفّت كثيراً اليوم

وعن مقالها حول «كفاءة الكويت حين أعادت بناء الجهاز الحكومي بفترة وجيزة بعد العدوان»، قالت الدكتورة موضي: «لم تكن إعادة الإعمار بالعملية السهلة، لكننا لم نستثمر فرصة التغيير بالشكل الصحيح. كان يمكننا التغيير في أسلوبنا الإداري والتعليمي وبناء مؤسسات حقيقية، لكن للأسف تفاقمت بيروقراطية الإدارة المعقدة، وفقدنا الكثير من الكفاءات الوافدة، وأبقينا عمالة غير مؤهلة بجزء كبير منها، كما اقتصر التغيير على الوجوه والأشكال في الحكومات، ولم نشهد أي تغيير في الفكر والممارسات ولا في اقتباس التقدم العالمي، مثل اعتماد الحكومة الإلكترونية، علما أن الفرصة جاءت مع جائحة كورونا، لكننا صممنا النظام الآلي بعقلية المندوب. هناك حبل سري بين مشاكلنا والتخلف».

الكتابة الورقية

الكاتبة في جريدة «القبس»، والتي طالبت بفتح سقف الإعلام من دون قيود، كشفت أن مقالاتها «ما زالت معرضة لمقص الرقيب والحجب أحيانا. وعلى الرغم من أن أبنائي أهدوني موقعا إلكترونيا، غير أنني أحب الكتابة الورقية».

على ثقة بأنّ المسيرة الديموقراطية تصلح نفسها بنفسها... ومجلسا 2020 و2022 لم يؤدّيا دوريهما بشكل جيد

من جهته، تطرق المشارك محمد البهبهاني، طالب التمريض، إلى حماس الضيفة تجاه الحكم الذي أتى لمصلحة الدكتور الراحل شفيق الغبرا، حيث قالت: «كان الحكم انتصارا فعليا للحرية الأكاديمية وحرية الرأي والانتقاد وحرية الفرد داخل المجتمع»، وتحدثت عن «هامش حرية كبير للكتابة الأكاديمية وغيرها، وهذه ميزة، ولو أن الكتاب يتعرضون لرفع قضايا عديدة بحقهم، وهي ظاهرة لم تكن بارزة في العقود السابقة، لكننا سنواصل الكتابة والانتقاد، وليرفعوا القضايا، فالقضاء ينصفنا».

ورداً على سؤال المشاركة حصة التميمي، خريجة النقد والأدب المسرحي، أجابت الحمود: «لم نشهد منذ عام 1986 ولغاية عام 2009 أي خطط، إنما فقط برامج عمل حكومية، علما أن الدكتورة معصومة المبارك بدأت بوضع الخطط عام 2008 عندما تولت وزارة التخطيط والتنمية الإدارية، وبعد تسلمي مهام الوزارة تابعت ذلك».

وعن سبب تراجع الكويت بعدما كانت درّة الخليج، قالت: «كنا سباقين، لكن محنة الغزو أثرت كثيرا على بنيان الدولة، إضافة إلى غياب المنهج والمنظور الصحيح لتطوير الدولة، ومن ثم تعطيل وحل مجالس الأمة المتعاقبة. لكن اللوم لا يقع كله على الحكومة، فنحن مسؤولون كشعب عن اختياراتنا لأعضاء مجلس الأمة. والحل يتطلب إرادة حقيقية للتغيير واستقرارا سياسيا ونفسيا وتعديل قانون الانتخاب، إلى جانب تطوير التعليم وخلق فرص عمل في القطاع الخاص، لاسيما مع التكدس الوظيفي في القطاع الحكومي».

القلق حافز للانطلاق نحو الأمام بشرط ألا يتحول إلى يأس

أما المشارك زياد أمان، الصيدلي المحب لعالم الإعلام، فتساءل عن مستقبل الكويت، حيث أشارت الدكتورة موضي إلى أن «القلق حافز للانطلاق نحو الأمام، بشرط ألا يتحول إلى يأس. فوالدي مثلا لم يكن راضيا عن دخولي الجامعة، كونه من القدامى المحافظين، في حين أن والدتي شجعتنا على العِلم، ولو تملكني اليأس حينها لما وصلت إلى هذه المرحلة. لذلك، لا تيأسوا إطلاقا، لأن الخير موجود فيكم أنتم الشباب، بقدراتكم وسِعة اطلاعكم وخلقكم العديد من الفرص التي لم نستطع أن نخلقها».

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

ضيفة «الجوهر» التي بدأت رحلتها عام 2004 عندما عُينت رئيسة للجامعة العربية المفتوحة، تتحضر اليوم لتولي رئاسة مجلس الإدارة التأسيسي لجامعة عبدالله السالم الحكومية، التي ستنطلق في سبتمبر المقبل.

ولفتت الحمود إلى أنها «لن تكون نسخة مكررة عن الجامعات القائمة، إنما جامعة من الجيل الرابع الذي يعتمد التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والمناهج التعليمية والبحثية الحديثة»، وتحدثت عن الجامعة العربية المفتوحة بما «مثلته من نموذج مختلف ومتميز، قائم على التعليم عن بعد، حتى قبل جائحة كورونا»، كاشفة عن إعجابها بـ «النموذج التعليمي في سنغافورة».


صورة جماعية صورة جماعية

سنواصل الكتابة والانتقاد وليرفعوا القضايا... فالقضاء ينصفنا

لا يمكن الوقوف بوجه التقدم والانفتاح

بدورها، المشاركة قمر موسوي، خريجة هندسة الميكانيك والرسامة ومغنيّة الكورال، تحدّثت عن تشجيع د. موضي الحمود لريادة الأعمال الشبابية، إذ قالت الأخيرة: «الوظائف الحكومية لم تعد تحتمل، هناك بطالة مقنّعة والعالم بأسره يشجّع المشاريع الصغيرة، ودورنا كجامعات احتضان الشباب ودعمهم وتأهيلهم، فالمستقبل لم يعد للقطاع الحكومي ولا للرتابة البيروقراطية».

وعمّا إن كانت تطمح لحقيبة وزارية رابعة، أجابت الحمود: «يجب أن نترك الفرصة للشباب، ويبقى دورنا أن نؤازرهم، فهم يحملون الأمانة». وتابعت ردًّا على المشاركة رانيا العدوي، المتخصّصة في الكيمياء وإدارة الأعمال، أنّ «التحدي الأكبر كان في المجال السياسي، حيث المواجهات وضغوط البرلمان وضرورة إثبات قدراتي كسياسية وكامرأة، فالتحدي مضاعف».

وحول توقّعاتها لمستقبل الكويت لو بقيت الحركات الأصولية متحكمة بمرافق الدولة، تحدّثت الحمود عن «تلاقح فكري عجيب في الكويت، فهناك التيار الأصولي وهناك العلماني والليبرالي والنيو ليبرالي. لا مشكلة باعتناق كل مرء الفكر الذي يشاء، لكن المهم ألا تؤثر الأصولية في التشريع، وهنا الأمر المقلق»، كاشفةً أنّ «الأصولية أثّرت على الجانب الثقافي لجهة منع بعض الكتب من المعارض وإيقاف بعض المسرحيات، نتيجة الرقابة المتشددة، غير أنّ الرقابة خفّت كثيراً اليوم. فهذه الحركات هي عبارة عن مد وجزر وعندما تخف في الوطن العربي ستخف في الكويت، فلا يمكن إطلاقًا الوقوف بوجه التقدم والانفتاح. وأرى حاليًّا بوادر انفتاح وتوجّه نحو مزيد منه». وفي سياق إجابتها عن المشارك بشير الرفاعي، طالب هندسة الاتصالات والشريك المؤسّس لمنصّة إعلامية، أملت أن «تزول عثرات الوطن العربي، فنحن نراهن على شبابنا وليس على سياسيّين محدودي الرؤية».

المجتمع لا ينهض إلا بجناحيه المرأة والرجل ولا مفاضلة بينهما

نضال تاريخي

أمّا المشاركة زمزم الشطي، الحائزة درجة ماجستير في الإعلام، فتطرّقت إلى دور د. موضي الحمود لجهة منح المرأة الكويتية حقها بالمشاركة السياسية. فسردت الحمود نضالهنّ التاريخي على مدى ثلاثين عامًا، كعضوات في الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية إلى جانب جهود المؤمنات بدور المرأة الكويتية الشجاعة وقدراتها المتميزة، والتي لا ينقصها سوى منحها الفرصة. وقالت: «لا نغفل تأثير الضغوط على فرص نجاح المرأة في انتخابات مجلس الأمة، فمجتمعنا ليس ذلك المجتمع الديموقراطي المتكامل الأركان، حيث نجد فيه نوعًا من المحافظة والقبلية والفئوية. لذلك، نحتاج إلى سنوات للتخلص منها عبر قرارات حكومية تعزّز الانصهار، ووعي مجتمعي يحثّ على اختيار المرشحين وفق برامجهم».


الحمود تهدي إلى السقاف نسخة من إصدارها
الحمود تهدي إلى السقاف نسخة من إصدارها

إهداء إلى السقاف

وخلال اللقاء، قدّمت الحمود نسخة من كتابها الثاني الذي شمل عددًا من مقالاتها، كإهداء إلى رئيسة مجلس إدارة «لوياك» والعضو المنتدب لأكاديميّة «لابا»، السيّدة فارعة السقاف وفريق عملها، تقديرًا لجهودها في احتضان المواهب والطاقات الشابّة. من جهتها، توجّهت السقاف بالشكر إلى د. الحمود، وحيّت جهود الإعلامية برغوت والمشاركين في «الجوهر» وفريق العمل. وفي الختام، تمّ قطع قالب حلوى احتفاءً بعيد الأم وجرى تبادل التهاني بحلول الشهر الفضيل.

يُذكر أنّ برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي، هو الأول من نوعه في المنطقة، يُنفّذ في موسمه الثالث برعاية شركة المركز المالي الكويتي (المركز)، جريدة «الجريدة»، شركة الصناعات الهندسية الثقيلة وبناء السفن (هيسكو) وفندق فوربوينتس شيراتون. يقدّم البرنامج للشباب العربي ورش عملٍ إعلامية مكثفة على يد أبرز الإعلاميّين العرب، لتدريبهم على فنون ومهارات الحوار الإعلامي، لمحاورة ضيوف رياديّين تركوا بصمة في شتّى المجالات بالوطن العربي.

back to top