جزيرة فيلكا المنكوبة

نشر في 24-03-2023
آخر تحديث 23-03-2023 | 17:00
 خالد الردعان

فيلكا من أجمل الجزر الكويتية التي تضم آثاراً لأقدم الحضارات في العالم منذ ما يزيد على 3000 عام قبل الميلاد، ومن ثم عاش فيها الإغريق وأطلق عليها اسم (إيكاروس) تيمناً بجزيرة إيكاروس الإغريقية الشهيرة.

تبلغ مساحة فيلكا نحو 43 كيلو مترا مربعا، وهي مساحة ليست بسيطة لجزيرة قريبة نسبياً من المدينة، فالرحلة لها من منطقة رأس الأرض في السالمية قد تستغرق بالقارب 20 دقيقة، وتتضاعف المدة الزمنية في حالة الذهاب بالعبارة.

قبل أيام قليلة قمنا برحلة إلى الجزيرة في عطلة نهاية الأسبوع مع مجموعة من الزملاء الناشطين في المجتمع المدني والتطوعي، وكان الهدف الرئيس أن تكون رحلة ترويحية نزور خلالها المواقع الأثرية في الحزيرة، وعلى وجه الخصوص أن الأجواء حينها كانت بديعة وجميلة جداً، وتم ترتيب الإجراءات المبدئية بحجز قارب يتسع لعددنا حيث كنا بحدود 20 شخصاً، وفي الحقيقة كانت الخيارات محدودة جداً لكن اتفقنا أن نقوم بالحجز من إحدى الشركات الحكومية التي وجدنا من موظفيها في رأس الأرض بالسالمية حسن الاستقبال وصالة استراحة بسيطة لا بأس بها فيها الخدمات الأساسية (مقاعد ودورات مياه ومصلى)، إلا أنني فوجئت عند وصولنا للجزيرة بعدم وجود ميناء خاص أو مسنة فيها أدنى المتطلبات لسلامة زوار الجزيرة عند النزول من القوارب أو العبارة أو مقر للخدمات التي قد يحتاجها الزوار.

في الحقيقة رأينا جزيرة منكوبة فيها بيوت مهجورة وبعضها مسكون من ملاكها القدامى الذين تم تهجيرهم منها بسبب أفكار ومشاريع تتدارسها الجهات الحكومية وأجهزة تم تأسيسها لتطوير الجزيرة إلا أنها أصبحت أسوأ بكثير مما كانت عليه، ولم نر هذه الخطط أو التصاميم أو الأفكار منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً.

المحزن أن الجزيرة جميلة جداً، وأغلب الزوار الذين صادفناهم أثناء الرحلة هم من الأجانب وزيارتهم للسياحة والتعرف على الجزيرة الوحيدة في الكويت شبه المأهولة، وهي من الجزر القليلة التي لدينا، نحن الدولة النفطية التي لديها أموال وودائع في بنوك عالمية بفوائد لا تذكر، ولديها فرصة استثمارية قد لا تكلفها أموالاً طائلة إنما تتطلب تخصيص أجزاء منها كفرص استثمارية لشركات كبرى جادة في إقامة المشاريع، ولديها خبرة في هذه الأنواع من المشاريع السياحية، ولديها أرض أصبحت بكراً تستطيع إقامة أجمل منتجعات وإقامة مراسٍ عالمية وميناء صغير لاستقبال سفن الكروز التي أصبحت تصل الى عدد من المناطق البحرية الخليجية، وأصبحت شائعة الاستخدام لدى الخليجيين في السنوات الأخيرة، مع العلم أن في الجزيرة العديد من الأماكن الأثرية التي تستحق الزيارة، والتي تحتاج الاهتمام أيضاً من قبل الجهات المختصة، وأن تكثف جهودها للحفاظ على هذه الأماكن التراثية ومحتوياتها البسيطة في عين المسؤولين، والتي لا تقدر بثمن لدى أصحاب الخبرة ومحبي الآثار، حيث إن الأمن في هذه المواقع شبه منعدم ولا تحتوي على أبسط الطرق الحديثة للمراقبة مثل كاميرات المراقبة.

لو يجلس شخص مسؤول على سواحل الجزيرة ويفكر بأبسط طرق الاستثمار، وإن كانت بدائية فسيجد مئات من الأفكار لهذه الجزيرة المنكوبة، بصراحة أبحث عن كلمات أقيم بها الجزيرة إلا أنني لا أجد، لأن أغلب الكلمات التي أجدها قد تحط من قدر هذه الجزيرة الجميلة التي لم تجد من يهتم بها، بل وجدت أناساً جشعين أعينهم الضيقة طامعة بها.

back to top