«الفتوى» لم تدافع عن مرسوم الحل!

• الإدارة تجاهلت الرد على الطعن في المراسيم ولم تدافع عن الأسباب ولا أعمال السيادة
• الجريدة. حصلت على مذكرة الدفاع أمام «الدستورية» المكونة من 4 صفحات فقط

نشر في 23-03-2023
آخر تحديث 22-03-2023 | 21:19
إدارة الفتوى والتشريع
إدارة الفتوى والتشريع
على عكس مذكراتها التي قدمتها أمام المحكمة الدستورية في طعون انتخابية ببطلان انتخابات مجالس سابقة، غاب عن المذكرة التي قدمتها إدارة الفتوى والتشريع، بصفتها محامي الحكومة أمام «الدستورية»، أي دفاع عن مرسوم حل مجلس أمة 2020. والمتابع لحكم «الدستورية» في الطعون المقدمة على حل مجلس الأمة ومنها طعن النائب أحمد الحمد، سيجد أن «الفتوى» فوتت على نفسها فرصة الدفاع عن مرسوم الحل، وركزت فقط على عدم قبول الطعن الانتخابي لتجاوزه النطاق المقرر قانوناً، وهو ما كان محل رفض من المحكمة، باعتبار أن الطاعن كان مرشحاً في انتخابات «أمة 2022» عن الدائرة الانتخابية الثانية، وبطلبه بإبطال الانتخابات في دائرته بسبب المخالفات الدستورية في الاجراءات الممهدة لها، فإنه لا يكون قد تجاوز طلبه. ورغم انتهاء مسألة الطعون الانتخابية بصدور حكم «الدستورية» بإعلان بطلان مجلس 2022 وعودة مجلس 2020، فإن باب الأسئلة مازال مفتوحاً، ويأتي على رأسها: لماذا لم تقم «الفتوى» بدورها الكامل؟ وهل تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من إبطال مجلس قائم وعودة مجلس منحل؟!

لم ينطق حكم المحكمة الدستورية بشأن إبطال مجلس الأمة 2022 بكل أسراره، وإذا كان رأي «الدستورية» دُوِّن في حيثيات الحكم، والطعون الانتخابية نُشِرت في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن هناك حلقة واحدة لم تكن قد كُشِفت بعد، وهي دفاع الحكومة عن مرسوم الحل وإجراءاتها.

«الجريدة» تتبعت دائرة العملية الدستورية بحثاً عن مذكرة إدارة الفتوى والتشريع للاطلاع على دفاعها عن مرسوم الحل وصحة وسلامة العملية الانتخابية الجديدة حتى تكتمل صورة أحكام البطلان، فكانت المفاجأة! إذ لم تتضمن مذكرة دفاع «الفتوى»، وهي محامي الحكومة أمام المحاكم بما فيها «الدستورية»، أي دفاع عن مرسوم حل المجلس الصادر أول أغسطس من العام الماضي!

6 صفحات إجمالي المذكرة الحكومية المقدمة إلى «الدستورية»، صفحة منها للغلاف، وأخرى لملخص الطعن الانتخابي، أما الصفحات الأربع المتبقية فلم تكن سوى دفاع عام ملخصه «عدم قبول الطعن الانتخابي لتجاوزه النطاق المقرر قانوناً».

وتجاهلت المذكرة تماماً ما ذكرته في مقدمتها من أن الطعون تتمثل في عدم دستورية المرسوم 136 لسنة 2022 بحل مجلس الأمة لانعدام وجود خلاف يستدعي الحل، ووجود عيوب جسيمة في إجراءات الاقتراع وإحصاء الأصوات وإعلان النتيجة.

وفي تفاصيل الخبر:

فجرت المذكرة التي قدمتها إدارة الفتوى والتشريع أمام المحكمة الدستورية قبيل صدور حكمها ببطلان مجلس 2022 وعودة مجلس 2020 مفاجأة من العيار الثقيل، إذ تبين أنها لم تتضمن أي دفاع عن مرسوم حل مجلس الأمة الصادر في الأول من أغسطس من العام الماضي، واقتصرت فقط على تجاوز الطاعن النطاق المقرر قانوناً، وهو ما كان سهلا على «الدستورية» رفضه.

وفيما يلي مذكرة الدفاع المقدمة من إدارة الفتوى والتشريع، التي حصلت «الجريدة» على نسخة منها ضد الطعن رقم 11/ 2022 المقدم من النائب أحمد الحمد: «تتلخص وقائع الطعن في أن الطاعن أقام طعنه للحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانياً قبل الفصل في الموضوع بندب أحد الأعضاء للانتقال إلى مجلس الأمة لاستخراج كشوف الناخبين من صناديق الانتخاب بالدائرة الأولى المؤشر فيها على أسماء من أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التي تمت بتاريخ 29/ 9/ 2022 بتلك الدائرة، ومطابقتها مع الكشوف المدوّن فيها أسماء المحظور عليهم التصويت في الانتخابات، مع تمكين الطاعن من الاطلاع عليها والتصريح بتصوير هذه الكشوف، مع إعادة فرز الصناديق الخاصة بالدائرة الأولى في اللجان الأصلية والفرعية، وتجميعها واحتساب الأصوات التي حصل عليها المرشحون.

الإدارة طالبت بعدم قبول الطعن لتجاوزه النطاق المقرر قانوناً وهو ما كان سهلاً على «الدستورية» رفضه

ثالثاً: بعدم دستورية المرسوم رقم 136 لسنة 2022 بحل مجلس الأمة، والمرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2022 بتعديل الجدول المرافق للقانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، وما يترتب على ذلك من بطلان عملية الانتخاب التي تمت بتاريخ 29/ 9/ 2022 في الدائرة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار.

رابعاً: بإبطال انتخابات المطعون ضدهم من السابع وحتى السادس عشر، وإعادة الانتخاب في الدائرة الأولى، تأسيسا على المخالفات الجسيمة التي شابت عملية التصويت».

الدائرة الأولى

وقالت الفتوى في مذكرتها: «على سند من القول من أن الطاعن مرشح لعضوية مجلس الأمة 2022 عن الدائرة الثانية، والتي انتهت بفوز من أعلن عنهم، ولم يكن من بينهم، مما حدا به إلى الطعن بتلك النتائج، واستند في ذلك إلى سببين: السبب الأول، ببطلان المرسوم رقم 136/ 2022 الصادر بتاريخ 2022/8/2 بحل مجلس الأمة، لانعدام وجود خلاف يستدعي الحل، مما ينتفي معه سبب الحل، وبعدم دستورية المرسومين بالقانون رقمَي 5 و6 لسنة 2022 لصدورهما في غير حالات الضرورة، بالمخالفة لشروط المواد 50,71,81,179 من الدستور. السبب الثاني: وجود عيوب جسيمة في إجراءات الاقتراع وإحصاء وإعلان النتيجة».

الدفاع

وأضافت الإدارة: «ندفع بعدم قبول الطعن لتجاوز الطعن الانتخابي النطاق المقرر قانونا، حيث تنص المادة الأولى من قانون إنشاء المحكمة الدستورية رقم 1973/14 على أن تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية، وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح، وفي الطعون الخاصة بانتخاب مجلس الأمة أو بصحة عضوياتهم، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزماً للكافة ولسائر المحاكم».

وتنص المادة الرابعة من القانون ذاته على أن «ترفع المنازعات إلى المحكمة الدستورية بإحدى الطريقتين الآتيتين: أ - بطلب من مجلس الأمة أو من مجلس الوزراء. ب - إذا رأت إحدى المحاكم أثناء نظر قضية من القضايا، سواء من تلقاء نفسها، أو بناء على دفع جدي تقدّم به أحد أطراف النزاع، أن تفصل في الدعوى يتوقف على الفصل في دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة توقف نظر القضية، وتحيل الأمر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه.

كما تنص المادة 12 من لائحة «الدستورية» على أن «تفصل المحكمة في جميع المسائل الفرعية».

مؤدى ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية - أن المشرع استلزم لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تكون هناك منازعة موضوعية، طرح أمرها أصلاً على إحدى المحاكم، وأن تقوم علاقة منطقية بين هذه المنازعة، بين ما يُثار عرضاً من تعلّق الفصل في دستورية النصوص التشريعية المرتبطة بها، فلا يستقيم، بالتالي، قبول المنازعة الدستورية إلا بقدر اتصالها بالمنازعة الموضوعية وبمناسباتها، ومقتضى ذلك ولازمه، أنه لا قوام للمنازعة الدستورية بمعزل عن المنازعة الموضوعية، وهذا الارتباط بين المنازعتين إنما يجد أساسه في نظام الرقابة على دستورية التشريعات ذاتها، والذي لا يتيح للمحكمة الخروج عليه من خلال منازعة هي في حقيقتها، طعن مباشر بعدم الدستورية، وبالتالي فإنه إذا تبين لها من الطلب الموضوعي أنه كان مقصوداً منه أصلا الطعن بطريق مباشر بعدم الدستورية لذاته، فإن الطلب يكون غير مقبول، مستشهدة بـ (طعن رقم 36 لسنة 2013 طعون خاصة بانتخابات مجلس الأمة 2013 جلسة 23 ديسمبر 2013).

محكمة موضوع

وجاء فيها أنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية «أن المشرّع وإن أتاح لكل ناخب أو مرشح أن يطلب إبطال الانتخاب، إلا أنه قصر حق الناخب أو المرشح في هذا الصدد على إبطال الانتخاب في دائرته الانتخابية، محدداً هذا النص مجال هذا الطلب، ونطاقه، والصفة المتطلبة في مقدّم الطلب، وإجراءات تقديمه وميعاده، وقد اختص المشرّع هذه المحكمة دون غيرها - طبقاً القانون إنشائها - بالفصل في الطعون الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس الأمة، أو بصحة عضوياتهم، وقوام هذه الطعون، الطلبات التي تقدم إليها بإبطال الانتخاب على الوجه المتقدم، وهذه المحكمة إنما تفصل تلك الطلبات بوصفها محكمة موضوع، تقصّياً لما يطرحه عليها الطالب من عناصر تفصل في وقائع معيّنة تنصبّ أساساً على ما ينازع فيه أصلاً متعلقاً بعملية الانتخاب في دائرته الانتخابية، وما يتصل بهذه العناصر والوقائع من قواعد قانونية واجبة التطبيق متعلقة بها، لتبسط المحكمة - في إطار اختصاصها المعقود لها في هذا المقام كمحكمة موضوع - رقابتها على عملية الانتخاب للتحقق من صحتها، والتثبت من سلامتها، والتأكد من التزام إجراءاتها بالقيود والضوابط الحاكمة، وإنزال حكم القانون على واقع ما هو مطروح عليها، وتغليب حكم الدستور على ما سواه من القواعد القانونية.

كما تتقصّى هذه المحكمة أيضاً أن ما يثيره الطالب عرضاً من مطاعن دستورية على النصوص التشريعية المتصلة بعملية الانتخاب، والتي تنعكس أثارها بحكم اللزوم على واقع ما ينازع فيه الطالب في إطار طعنه الموضوعي بدائرته الانتخابية، وذلك من خلال دفع بعدم الدستورية، تقدّر هذه المحكمة جدّيته، وتتحرى في شأنه وجه المصلحة الشخصية المباشرة لمبدي الدفع، كشرط لا غنى عنه لقبول المنازعة الدستورية، فالمصلحة في طلب إبطال الانتخاب لا تفيد بذاتها توافر المصلحة في المنازعة الدستورية، كما لا تعتبر هذه المصلحة متحققة بالضرورة، وبحكم اللزوم بناء على مجرد مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور، فإذا قبلتها المحكمة قضت في المسألة الدستورية، بوصفها محكمة دستورية، ثم قامت بإنزال قضائها على موضوع الطلب من بعد بإنزال قضائها على موضوع الطلب.

وقالت: لما كان البيّن أن قانون الانتخاب رقم 1962/35 قد رتّب مراحل العملية الانتخابية وقسّمها، وجعل لكل مرحلة منها مرحلة مستقلة عن الأخرى من ناحية الموضوع والإجراءات والجهة القضائية المختصة بنظر أية منازعة متعلقة بمراحل الانتخاب، وأن الاختصاص المقرر للمحكمة الدستورية، وفق قانون إنشائها وقانون الانتخاب، ينحصر فقط بالعملية الانتخابية من (تصويت، وفرز، وإعلان النتيجة)، دون أن يستطيل أمر اختصاصها على كل الأمور السابقة للعملية الانتخابية، سواء كانت متعلقة بالقيد في الجدول الانتخابي أو صدور مرسوم أو قرار الدعوة للانتخابات، أو استبعاد اسم المرشح من الترشيح في الانتخابات العامة، إذ يظل كل ما يتعلق بالمراحل السابقة على الانتخاب من حقوق وطعون متروك أمر الفصل فيه للقضاء المختص دون المحكمة الدستورية.

رأت أنه لا قوام للمنازعة الدستورية بمعزل عن الموضوعية وهذا الارتباط بينهما يجد أساسه في الرقابة على دستورية التشريعات ذاتها

ومتى كان الأمر كذلك، وكان من المقرر أن الطعن الانتخابي منوطا في الأساس بتعلّق الأمر في شأنه بعملية الانتخاب ذاتها، وما شابها من أخطاء، سواء في التصويت أو الفرز أو إعلان النتيجة، وما عسى أن ينعكس أثره على صحة عضوية من أعلن فوزه في تلك الانتخابات، وبالتالي، فإن ما يتخذ في مسائل القيد بالجداول أو في إجراءات الترشيح من أعمال وتصرفات وما ينجم عنها هي أمور سابقة - ولا شك - على العملية الانتخابية، ولا صلة لها بالعملية الانتخابية ذاتها.

واستشهدت «الفتوى» في مذكرتها بأن «الطعن رقم 8/ 2008 أمام المحكمة الدستورية على انتخابات مجلس الأمة جلسة 16/ 7/ 2008)، والطعن رقم 8 لسنة 2020 - طعون خاصة بانتخابات مجلس الأمة عام 2020م، جلسة 24 فبراير 2021.

أقوال مرسلة

وإذ كان الأمر كذلك، وكان الثابت من الأوراق أن (الطاعن) قد أقام طعنه في الانتخابات التي تمت في 2022/9/29 على أقوال مرسلة أطلقت على عواهنها دون دليل يدعمهما أو قرينة تظاهرها ومحض تشكيك في صحة عملية الانتخاب وسلامة إجراءاتها لا يعتدّ به أو يعول عليه، لا سيما أن الطاعن قد أرسل طعنه إرسالاً، فلا هو قيّده بأصوات معيّنة محددة جرى إهدارها لم يحدد لجنة من اللجان التي يطعن في صحة إجراءاتها، ولم يذكر في طعنه أي عناصر أو وقائع معيّنة تتعلق بعملية الانتخاب التي حصلت في دائرته الانتخابية يتوافر معها مناط قبول هذا الطعن - ابتداء - على النحو المتطلب قانوناً، وإنما أقام نعيه بمحض الادعاء بوجود عوار دستوري في مرسوم الحل والمرسومين بالقانون رقمي 5 و6 لسنة 2022، توصلاً لبطلان الانتخابات، وهو الأمر غير المقبول قانوناً، بمفهوم المخالفة للمادة 41 من قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة رقم 35 لسنة 1962 السالفة البيان، متجاوزاً بذلك النطاق المحدد للطعن الانتخابي، ويتمخض - في حقيقته - طعن دستوري مباشر رفع إلى هذه المحكمة بالمخالفة للأوضاع القانونية المقررة أمامها، ويتعين القضاء بعدم قبوله.

وبناء عليه طالبت من عدالة المحكمة الحكم بعدم قبول الطعن لتجاوز الطعن الانتخابي النطاق المقرر قانوناً، مع إلزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

دفاع الإدارة في 2012 بمواجهة الطعن على مرسوم الحل

في دفاعها عن مرسوم حل مجلس الأمة «فبراير 2012» أمام المحكمة الدستورية، ذهبت «الفتوى» إلى أن «ما أثارته الطاعنة في طلبها متعلقاً ببطلان المرسوم الأميري بحل مجلس الأمة، والمرسوم الأميري بدعوة الناخبين لانتخابات أعضاء مجلس الأمة، لا تختص هذه المحكمة بنظره، باعتبار أن هذين المرسومين فيما تناولاه يتصلان بأخص المسائل المتعلقة بعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية، وهي من الأعمال السياسية التي تتأبى بحكم طبيعتها أن تكون محلاً للتقاضي، تحقيقاً لسيادة الدولة وحفظاً لكيانها ورعاية لمصالحها العليا، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب عليها».

وأضافت وقتئذ أن «النظر في تلك الأعمال يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين يخرج زمام تقديرها عن اختصاص القضاء، فضلاً عن أن اختيار الوزراء وتشكيل مجلس الوزراء من الأمور التي تنحسر عنها ولاية القضاء باعتبارها من أعمال السيادة، وهو ما فتئ المشرع يؤكدها في قانون تنظيم القضاء رقم (23) لسنة 1990 بالنص في المادة الثانية منه على أنه ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة».

back to top