شي إلى موسكو كصانع سلام... وترحيب غربي بمذكرة توقيف بوتين

• الرئيس الروسي يتفقد القرم في الذكرى الـ 9 لضمّها... وبلير يرفض مقارنة غزو العراق بأوكرانيا

نشر في 19-03-2023
آخر تحديث 18-03-2023 | 19:52
تتجه الأنظار إلى موسكو التي يزورها الرئيس الصيني شي جينبينغ غداً، بعد تحقيقه اختراقاً دبلوماسياً كبيراً على الساحة الدولية، برعاية بلاده مصالحة بين إيران والسعودية؛ البلدين الكبيرين في منطقة الخليج التي لطالما اعتُبرت منطقة نفوذ أميركي. ويأتي ذلك فيما لاقى قرار المحكمة الجنائية الدولية المفاجئ بتوقيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترحيباً غربياً.
يُجري الرئيس الصيني، شي جينبينغ، غداً زيارة إلى روسيا «كصانع سلام»، مستفيداً من التقارب الذي ساهم في تحقيقه بين السعودية وإيران، وهو إنجاز يأمل بتكراره في النزاع الأوكراني.

ورأى الرئيس الصيني، الذي يسعى إلى تعزيز دور بلاده على الساحة الدولية، كيف أشادت الولايات المتحدة بدورها كوسيط في استعادة العلاقات بين الخصمين الكبيرين في الشرق الأوسط في 10 الجاري.

وأكّد الناطق باسم «الخارجية» الصينية وانغ ون بين أن شي يعتزم «تأدية دور بنّاء في تعزيز محادثات السلام». وأفادت تقارير اعلامية بأن شي جينبينغ يعتزم التحدث إلى نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قريبا، وهو احتمال رحّب به البيت الأبيض، قائلا إنه «أمر جيد جدا». وحتى ذلك الحين، يأمل الغربيون أن يستغل شي هذه الزيارة لموسكو لدعوة «صديقه القديم» فلاديمير بوتين إلى وقف الحرب.

وقال مدير معهد الشؤون الدولية في جامعة الصين الشعبية في بكين، وانغ ييوي «وقف الحرب هو رغبة الجميع، إذ تخاطر أوروبا بخسارة الكثير، وقد لا تتمكن الولايات المتحدة من دعم أوكرانيا للفترة التي يعتقدون أنهم يستطيعون ذلك». تقدّم بكين، الحليف المهم لموسكو، نفسها على أنها طرف محايد في الصراع في أوكرانيا.

ومع ذلك، رفضت الصين إدانة الغزو الروسي، وانتقدت بشدة المساعدة التي تقدّمها واشنطن لكييف، مما أدى إلى اتهامها بتوفير غطاء دبلوماسي لروسيا أثناء غزوها أوكرانيا.

وقالت الخبيرة في السياسة الصينية بجامعة مونكلير الأميركية، إليزابيث ويشنيك، إن «بكين لم تفعل شيئا يُذكر لتعزيز السلام في أوكرانيا، بما أن أي جهد موثوق به سيتمثل في الضغط على روسيا، أو على الأقل توجيه أصابع الاتهام إليها».

وتهدف زيارة شي، التي تأتي بعدما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق فلاديمير بوتين، الجمعة، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، إلى «إظهار الدعم الذي يمكن أن يقدمه لحليفه الاستراتيجي دون الذهاب إلى أبعد من المساعدة التي قد تؤدي إلى فرض عقوبات»، وفق ما أوضحت الخبيرة.

ونشرت الصين، في فبراير، وثيقة من 12 نقطة، تدعو إلى الحوار واحترام سيادة كل دولة منخرطة في النزاع الأوكراني. كما سلطت الضوء على مبادرة الأمن العالمي التي تهدف إلى «تعزيز السلام والتنمية المستدامين»، لكن في الحالتين، انتقد الغربيون عدم وجود حلول ملموسة.

وبالنسبة إلى الأستاذ المساعد في جامعة سنغافورة الوطنية، جا إيان تشونغ، يبدو أن المواقف الأخيرة للصين هي «محاولة لعرض» مبادرة الأمن العالمي و»خلق زخم لسياستها الخارجية، وإعادة مشاركتها على الصعيد الدولي».

لكنّه أشار إلى أنه في نهاية المطاف «مضمون مقترحاتها خلال الاجتماعات مع الرئيسين الأوكراني والروسي» هو ما سيجعل من الممكن القول ما إذا كانت الصين «تكثف جهودها بفعالية» من أجل السلام.



وظهرت قدرات الوساطة التي تتمتع بها بكين بوضوح في الملف الإيراني - السعودي، في منطقة لطالما اعتبرت واشنطن نفسها فيها وسيطا متميزا.

وقالت الأستاذة المساعدة في جامعة ساوث كاليفورنيا، أودري وونغ، إن هذا الاتفاق يخدم السرد القائل إن الحكومة الصينية «تجلب تغييرا إيجابيا» في مواجهة «الأعمال المزعومة المزعزعة للاستقرار من جانب واشنطن».

ومع ذلك، فإن التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا سيكون «أصعب بكثير» من التفاوض على الاتفاق السعودي - الإيراني، كما حذّر وانغ ييوي، مشيرا إلى التأثير «المحدود» للصين على روسيا والدعم الأميركي لكييف. لكن يمكن لبكين، حسب قوله، أن تسهم في «هدنة شبيهة بهدنة الحرب الكورية»، من شأنها إنهاء القتال، لكن من دون أن تحسم مسألة سيادة الأراضي.

في غضون ذلك، أيّد الرئيس الأميركي جو بايدن قرار المحكمة الجنائية الدولية المفاجئ، أمس الأول، إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبرا أن بوتين «ارتكب جرائم حرب» تبرر قرار توقيفه، في حين اعتبر المستشار الألماني أولاف شولتس أن مذكرة «الجنائية الدولية» في لاهاي تظهر ألا أحد فوق القانون، وخطوة أقرب للعدالة.

ورغم تذكّيره بأنّ الولايات المتحدة لا تعترف بالولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، اعتبر بايدن أن قرارها يبعث «إشارة قوية جداً».

ورفضت موسكو «القرار الباطل»، مذكّرة بأنها لا تعترف بالولاية القضائية للمحكمة أسوة بواشنطن وبكين، وقال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إن المحكمة «منحازة ومسيّسة وغير كفؤة ودمية في أيدي الغرب».

أما الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، فقد رأى أن القرار يظهر عدم خشية الغرب من تصعيد أزمة أوكرانيا وخروجها عن السيطرة خلال الأشهر الـ 6 المقبلة، محذّراً من أن العالم يقترب من حرب عالمية ثالثة.

ورغم أن القرار سيصعّب السفر على بوتين، فإن المحكمة ليس لديها شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامرها، وتعتمد كلياً على تعاون الدول الأعضاء فيها، والتي نادراً ما تقوم بتنفيذ مذكرات التوقيف، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر برئيس.

وعلى سبيل المثال، تمكّن الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، من زيارة عدد من الدول الأعضاء في المحكمة الدولية بما فيها جنوب إفريقيا والأردن رغم مذكرة توقيفه. ورغم إطاحته في 2019، لم يسلّمه السودان.

وقالت أستاذة القانون الدولي، سيسيلي روز، إنه من غير المرجح أن ينتهي المطاف ببوتين في قفص الاتهام «ما لم يتغيّر النظام في روسيا».

لكن كريم خان، ذكّر بمحاكمة العديد من القادة مثل الرؤساء السابقين ليوغسلافيا، سلوبودان ميلوسيفيتش، وليبريا تشارلز تايلور، وصرب البوسنة رادوفان كارادجيتش، وقائد جيشها راتكو ملاديتش.

وفيما قام بوتين، أمس، بزيارة إلى «القرم» في الذكرى التاسعة لضمها في 16 مارس 2014، شدد مكتب الرئيس الأوكراني فلولوديمير زيلينسكي على أن «القرم» أرض أوكرانية، وستتم استعادتها بالدعم الدولي، فيما رفض رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير المقارنات بين الغزو الأميركي للعراق الذي أيده، قبل 20 عاماً وحرب أوكرانيا، موضحاً أن صدام حسين كان يمارس الوحشية ضد شعبه ودخل في حربين، واستخدم الأسلحة الكيماوية لقتل 12 ألف شخص في يوم واحد وقوات التحالف التي دخلت العراق وأطاحته، لا يمكن مساواتها بغزو بوتين لأوكرانيا، وهي «دولة لديها رئيس منتخب ديموقراطيا لم يبدأ أي صراع إقليمي أو ارتكب أي اعتداء على جيرانه».

back to top