تصعيد بين واشنطن وموسكو بعد أول صدام مباشر في حرب أوكرانيا

• سباق محفوف بالمخاطر بين البلدين على حطام المسيرة «MQ-9»
• روايتان للحادثة واحتمالات التصعيد غير المقصود تتعزز
• مقاتلات بريطانية وألمانية تعترض طائرة روسية فوق إستونيا

نشر في 16-03-2023
آخر تحديث 15-03-2023 | 20:38
بوتين يشغل جهاز محاكاة لهليكوبتر في مركز تدريب بمدينة أولان أودي شرق سيبيريا أمس (أ ف ب)
بوتين يشغل جهاز محاكاة لهليكوبتر في مركز تدريب بمدينة أولان أودي شرق سيبيريا أمس (أ ف ب)

بقي التصعيد سيد الموقف بين واشنطن وموسكو بعد ساعات من حادثة سقوط مسيرة أميركية في تصادم جوي مع مقاتلة «سوخوي - 27 « فوق البحر الأسود، في حادث يعتبر أول مواجهة مباشرة بين البلدين منذ بدء الحرب الأوكرانية قبل أكثر من عام.

وانطلق سباق محفوف بالمخاطر بين روسيا والولايات المتحدة على حطام المسيرة الأميركية «MQ - 9»، التي غرقت في البحر الأسود.

وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي: «بوضوح نحن لا نريد أن نرى أن يضع أي شخص غيرنا يده عليها»، في حين ذكر مدير الاستخبارات الخارجية الروسية أن «لدينا إمكانات تقنية لانتشال حطام المسيرة الأميركية من مياه البحر الأسود، وسنعمل على استعادته».

وقدّم الجيشان الروسي والأميركي روايتين مختلفتين لهذه المواجهة المباشرة، التي عززت احتمالات وقوع تصعيد غير مقصود.

ووصفت موسكو ما حدث بأنه «استفزاز» أميركي وتدخل مباشر في حرب أوكرانيا، في حين استدعت واشنطن السفير الروسي واعتبرت أن «رسالة الكرملين فشلت»، وأنها ستواصل عملياتها الجوية فوق البحر الأسود.

واتهمت المخابرات الروسية واشنطن بإجراء استطلاع نشط في البحر الأسود باستخدام وسائل تكنولوجية مختلفة، مؤكدة أنها على علم بالأهداف الاستخباراتية التي تسعى لتحقيقها. ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول أميركي أن المسيرة أقلعت من رومانيا، مضيفاً أنها كانت تراقب شبه جزيرة القرم من المجال الدولي.

وفي تفاصيل الخبر:

وسط مخاوف من تمدد النزاع الدائر في أوكرانيا ليشمل أطرافاً أخرى بصورة مباشرة خصوصاً حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تبادلت الولايات المتحدة وروسيا أمس الاتهامات بالتسبب في التصادم الجوي بين المسيرة الأميركية «إم كيو - 9» والمقاتلة الروسية «سوخوي-27 « فوق البحر الأسود، وقدّم الطرفان روايتان مختلفتان لأول مواجهة مباشرة بينهما منذ بدء الغزو قبل أكثر من عام في حين تعززت المخاوف من حصول تصعيد غير مقصود.

وغداة تحطم المسيّرة الأميركية، التي تتمتع «بقدرات خارقة»، وصفت موسكو ما حدث بأنه «استفزاز» أميركي، في حين استدعت واشنطن السفير الروسي واعتبرت أن «الرسالة فشلت»، وأنها ستواصل عملياتها الجوية فوق البحر الأسود.

وفي الرواية الأميركية، قال قائد سلاح الجو في أوروبا وإفريقيا الجنرال جيمس هيكر: «كانت طائرتنا MQ - 9 تقوم بعمليات روتينية في المجال الجوي الدولي عندما اعترضتها طائرة روسية وصدمتها، وتسبب هذا العمل غير الآمن وغير المهني من قبل الروس في تحطم الطائرتين»، مشدداً على أن «الطائرات الأميركية والحليفة ستستمر في العمل في المجال الجوي الدولي وعلى الروس التصرف بشكل مهني وآمن».

وقالت القيادة الأميركية، في بيان، «قبل الاصطدام، ولمرات عدة، ألقت طائرتا سوخوي - 27 الوقود على المسيرة MQ - 9 وحلقتا أمامها على نحو متهور وغير سليم بيئياً وغير مهني».

وأعلنت واشنطن أنها استدعت السفير الروسي لديها إلى وزارة الخارجية للتعبير عن «اعتراضها الشديد» بعد الحادث الذي تعرّضت له المسيّرة الأميركية، التي يمكن تسليحها بصواريخ «هيلفاير» وكذلك بقنابل موجهة بالليزر ويمكنها أن تطير لأكثر من 1100 ميل على ارتفاعات تصل إلى 15 ألف متر.

الرواية الروسية

وخلافاً لرواية القيادة الأميركية، اعترف الجيش الروسي بأن اثنتين من مقاتلاته اعترضتا أمس الأول مسيّرة أميركية تغلق نظام التعريف الخاص بها قرب شبه جزيرة القرم وتتجه نحو الحدود، لكنه أكد أنهما لم تصطدما بها ولم تتسببا في سقوطها فوق البحر الأسود.

وقالت وزارة الدفاع الروسية: «بعد مناورة عنيفة بدأت المسيّرة MQ- 9 رحلة خارجة عن السيطرة وهوت وارتطمت بسطح المياه»، موضحة أن مقاتلتيها لم تطلقا النار ولم «تحتكا» بالطائرة.

ولاحقاً، اتهمت المخابرات الروسية واشنطن بإجراء استطلاع نشط في البحر الأسود باستخدام وسائل تكنولوجية مختلفة، مؤكدة أنها على علم بالأهداف الاستخباراتية التي تسعى لتحقيقها.

ورفض المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي في وقت لاحق الرواية الروسية، مؤكداً أنه إذا كانت موسكو تريد إيصال رسالة لواشنطن بعدم الطيران فوق البحر الأسود فإن «هذه الرسالة فشلت»، وستواصل العمل وفقاً لما تنص عليه القوانين الدولية.

وقال كيربي، لشبكة سي إن إن، «دون الخوض بالتفاصيل، اتخذنا خطوات لحماية حقوقنا بشكل خاص فيما يتعلق بتلك المسيّرة بشكل خاص، وبوضوح نحن لا نريد أن نرى أن يضع أي شخص سوانا يده عليها».

وبعيد استدعائه لتسليمه رسالة احتجاج، قال السفير الروسي أناتولي أنتونوف إن المسيرات الأميركية تجمع بيانات استخباراتية تستخدمها كييف لضرب القوات والأراضي الروسية، مضيفاً أن على الولايات المتحدة أن تكف عما وصفها بعمليات التحليق العدائية بالقرب من الحدود الروسية والإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة.

لا تصعيد

وأكد السفير أن روسيا لا تريد مواجهة مع الولايات المتحدة، وتفضل عدم خلق وضع يمكن أن تحدث فيه اشتباكات أو حوادث غير مقصودة، متسائلاً: «كيف سيكون موقف الولايات المتحدة لو اقتربت مسيرات روسية من نيويورك أو سان فرانسيسكو؟».

وأوضح أن روسيا أبلغت عن منطقة التصادم بأنها موقع عمليات عسكرية خاصة وحذرت من دخولها، مشيرا إلى أنه تبادل وجهات النظر مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي كارين دونفريد، التي نقلت مخاوف واشنطن له.

وأكد دبلوماسيون من حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل الواقعة، لكنهم قالوا إنهم لا يتوقعون أن يؤدي الأمر إلى تصعيد وإلى مواجهة أخرى.

وقال مصدر عسكري غربي إنه سيتم تفعيل القنوات الدبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة للتخفيف من أثر الحادثة، التي تعد أول مواجهة مباشرة بين البلدين منذ بدء حرب أوكرانيا، تتسبب في تصاعد المخاوف من مواجهة مباشرة تشمل «الناتو».

وفي نوفمبر الماضي، تسببت أنباء عن هجوم صاروخي في شرق بولندا في إثارة القلق لفترة وجيزة قبل أن تخلص مصادر عسكرية غربية إلى أنه صاروخ أطلق من منظومة دفاع جوية أوكرانية عن طريق الخطأ وليس صاروخا روسياً.

ووصف زعيم الأغلبية الديموقراطية بمجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر تحطم المسيرة الأميركية بأنه «عمل طائش» آخر من الرئيس فلاديمير بوتين، محذراً من أن الإجراءات العدوانية الروسية قد تؤدي إلى تصعيد غير مقصود.

واتهمت رئيس مجلس الأمن الأوكراني أوليكسي دانيلو روسيا بالسعي إلى «توسيع» النزاع. ودافع المتحدث باسم سلاح الجو الأوكراني يوري إلهنات عن نشر المسيرات الأميركية، مشدداً على أن «البحر الأسود ليس داخلياً لروسيا مثلما احتلت بحر أزوف وتعتبره ملكاً لها لأنه يحده أيضاً دولاً أعضاء بالناتو من بينها تركيا ورومانيا».

وفي حين طالب وزير الدفاع البريطاني بن والاس روسيا باحترام المجال الجوي الدولي، اعترض سلاحا الجو الملكي البريطاني والألماني، طائرة روسية تحلق بالقرب من المجال الإستوني للتزود بالوقود، في أول مهمة للشرطة الجوية التابعة لحلف الناتو.

وفي تطور آخر، أُطلقت ذخيرة تحتوي على مادة الفوسفور الأبيض، أمس الأول، من مواقع روسية على منطقة غير مأهولة في مدينة تشاسيف يار في باخموت، التي أصبحت هدفاً رئيسياً للكرملين وتحولت بفعل القتال المستمر على مدى أشهر إلى أكثر معارك المشاة دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وأفادت سلطات دونيتسك المالية للكرملين بأن القوات الروسية تسيطر على نحو 50 في المئة من أراضي باخموت، وأن معارك قاسية تجري حاليا بالمنطقة الصناعية للمدينة.

في غضون ذلك، أسقط الدفاع الجوي الروسي 3 صواريخ فوق مدينة بيلغورود الحدودية مع أوكرانيا.

back to top