الاتفاق السعودي الإيراني... الفائزون والخاسرون وما بينهما

نشر في 13-03-2023
آخر تحديث 12-03-2023 | 19:00
 أ.د. غانم النجار

كان أظرف تعليق سمعته على الاتفاق السعودي ــ الإيراني الأخير هو أن «الصين الشيوعية الكافرة، صالحت بين الشيعة والسنة»، فللسياسة مساراتها المختلفة، ومن عاش بالوهم المذهبي مات بالحسرة السياسية.

عندما يحدث اتفاق بين أطراف نزاع مزمن، فهو يعبر أولاً عن رغبة تلك الأطراف. كما أن الاتفاق الأولي ليس تحالفاً، ولكنه إبداء رغبة في تفكيك الملفات العالقة، دون ضوء في نهاية النفق.

المحادثات الإيرانية ــ السعودية تأخرت كثيراً، ولكن أن تبدأ متأخراً خير من ألا تبدأ أبداً.

إن نجح الاتفاق الأولي، وتحول لسياسات، والتزامات، وعالج بصورة عملية ملفات ساخنة، فإن الرابحين الرئيسيين هما السعودية وإيران، ومنطقة الخليج، أما الرابح الآخر فهو الصين.

عندما وقعت إيران اتفاقها النووي، واشتعلت الحرب اليمنية في 2015، كتبت حينها أن ذلك قد يؤدي إلى اتفاق كبير قادم، لأنهما استخدما آخر الأوراق لديهما، وأن الوصول إلى قمة النزاع دون نتائج سيؤدي إلى التفكير بالاتفاق، إلا أنه لأسباب كثيرة تأخر، ويبدو أن تداعياته قد أثمرت الاتفاق الأخير.

النزاع السعودي ـ الإيراني ليس جديداً، وهو في منطقة تعد من أكثر المناطق بالعالم إنتاجاً للحروب النظامية والأهلية، وما يؤديه ذلك من آثار سياسية ودمار وخراب مستمر.

خلال قرابة العقد من الزمان، شاركت في العديد من اللقاءات والحلقات النقاشية، سواء المعلن أو ما يتبع قواعد تشاثام هاوس، كان موضوع النزاعات في المنطقة حاضراً على الدوام، ومن أبرزها النزاع السعودي ـ الإيراني.

تشكلت حينها رؤية، على الأقل لعدد من المهتمين، بأنه لا يمكن حل المشكل الأمني إلا بمنظومة أمنية إقليمية بمشاركة كل الأطراف، وكل ما هو دون ذلك لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانكشاف، والإضرار بأمن الجميع دون استثناء، وأن محوري تلك المنظومة هما السعودية وإيران، وعدم تشكيل تلك المنظومة سيؤدي إلى دخول أطراف خارجية غير معنية بالاستقرار فيها.

الحقيقة المؤكدة هنا، وبغض النظر عن انعدام الثقة بين الأطراف المعنية، أنه لابد من الاستثمار في السلام، فهو أجدى، وأكثر نفعاً للناس من الحرب، بالأصالة كانت أم بالوكالة.

بطبيعة الحال، إن اتفاقاً من هذا النوع لن تكون ضمن مكوناته حقوق الإنسان أو حرية التعبير أو تأصيل الديموقراطية، وهي ضحية لعدم الاستقرار، تستخدمها الأنظمة في المنطقة، ولكن بوادر السلام قد تؤدي إلى مزيد من الانفتاح.

مازال الطريق طويلاً نحو تفكيك الملفات المتفجرة، ومازال الخاسرون بسبب الاتفاق قادرين على تخريب المسار، إلا أن السلام كقيمة يستحق الاستثمار فيه، ومن المؤكد أن دول الخليج المستفيدة من تحقيق نتائج مفيدة للاتفاق لديها دور تلعبه في إنجاحه لكي يصل إلى بر الأمان.

back to top