بالعربي المشرمح: منظومة الإعلام المفسد!

نشر في 10-03-2023
آخر تحديث 09-03-2023 | 19:54
 محمد الرويحل

قبل انتشار الصحافة الإلكترونية أو ما يسمى مواقع التواصل الاجتماعي كانت الصحافة الورقية هي التي تنقل الأخبار، ولرزانة العمل الصحافي ومهنيته كان نشر خبر غير صحيح عن شخصية عامة أو وزارة أو شخصية اعتبارية تنفي الصحيفة في اليوم التالي وتعتذر، في حين نرى اليوم تلفيقا متعمدا لنشر الأخبار الكاذبة وترويج الإشاعات بشكل مقزز ومناف للأخلاق والآداب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتوجيه الرأي العام دون وعي وطني وأخلاقي للمهنة، ودون احترام للمتلقي، والهدف هو إرضاء أطراف الصراع والاسترزاق غير المشروع على حساب الوطن والمواطن.

أصبحت الساحة الإعلامية كالمستنقع تدار بطريقة منظمة وممنهجة لتوجيه الرأي العام وتغيير ثقافته وتغيير الفكرالمجتمعي والسياسي وفرض واقع جديد من خلال إعلام فاسد لا يعي خطورة ما يقوم به على مستقبل البلد ومواطنيه، وأصبح ما يبث عبر هذه المواقع من إشاعات وتغيير لهوية المجتمع وقيمه وثقافته واقعا مؤلما جعل المجتمع الكويتي منقسماً على نفسه ومصدقاً لكل ما ينشر وفاقداً الثقة بمؤسساته الدستورية، ويتبع كل ما ينشر دون التأكد من المنشور أو الناشر وهدفه.

يقال إن رجلاً أراد بيع خروف له فربطه بحبل وسحبه خلفه للسوق وشاهده أربعة لصوص أرادوا سرقة الخروف دون عنف أو قوة، فاتفقوا على إيهامه وخداعه، فتفرقوا على طول الطريق المؤدي الى السوق ليقابله الأول ويقول له: لماذا تسحب الكلب خلفك؟ فأجابه بأنه خروف لا كلب، واعتقد أن اللص مجنون فأكمل مشواره ليلتقي بالثاني الذي قال له: ما لك تسحب الكلب خلفك؟ فشك في الأمر، ونظر خلفه فوجد خروفا لا كلباً كما يدعي اللص، فقال: إنه خروف أيها المجنون، وأكمل مسيرته ليلتقي باللص الثالث الذي طرح عليه السؤال نفسه: فأصابه الشك والريبة، كيف لثلاثة أشخاص يؤكدون أن ما يسحبه كلب لا خروف كما يظن، وهو يفكر وفي حيرة من أمره التقى بالرابع الذي كرر عليه السؤال نفسه، وهنا اقتنع بأنه فعلاً يسحب كلبا بدلاً من الخروف الذي شك أنه أخطأ بينهما، ففك الحبل وترك الخروف الذي اعتقد أنه كلب ليسرقه اللصوص الذين أقنعوه بأن خروفه كلب.

هذه القصة تحكي لنا ما يفعله الإعلام المفسد الذي يطلق إشاعة ويكررها غيره حتى يصدقها الناس، ولنا دليل في تشويهه لشخصيات وطنية كثيرة قدمت تضحيات عديدة، فيحاول تشويه مجلس الأمة والدستور ودولة المؤسسات حتى نفقد الثقة بكل مكتسباتنا.

يعني بالعربي المشرمح:

اكذب، اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس، وهي نظرية النازي غوبلز، كما قال أيضا: أعطني إعلاما كاذبا أعطيك شعبا بلا وعي، وهذا الإعلام المفسد الذي نعيشه هذه الفترة ليس بفاسد فقط، بل مفسد للمجتمع والنظام السياسي والاجتماعي ومدمر لمؤسساته، الأمر الذي علينا أن نعي ذلك جيداً، وألا ننجرف خلف ما ينشره هذا الكيان المدمر، بل علينا التحذير منه ومحاربته بكل ما نملك من وسائل.

back to top