تكاليف الرعاية الصحية قنبلة موقوتة

نشر في 03-03-2023
آخر تحديث 02-03-2023 | 19:37
 د. هشام كلندر

عندما نلقي نظرة عامة على ما تعنيه عبارة «تكاليف الرعاية الصحية»، فإن التكلفة مصطلح يعني شيئا مختلفا اعتمادا على من يستخدمها، وهذا الأمر قد يعوق إجراء مناقشة صريحة ومثمرة حول كيفية معالجة التحدي بأننا ننفق المزيد والمزيد على الرعاية الصحية (أعتذر على الرعاية الطبية) دون رؤية وقيمة مماثلة لما يتم إنفاقه.

عندما يتحدث السياسيون عن التكاليف فهم يشيرون إلى الإنفاق على القطاع الصحي، وعندما يتحدث القائمون على إدارة القطاع الصحي وأطباء المستشفيات عن تكاليف الرعاية الصحية، فإنهم عادة ما يشيرون إلى تكاليف الإنتاج، والأموال التي يتم إنفاقها على الموارد اللازمة لرعاية المرضى، وعندما يتحدث قادة الأعمال والمال عن مصطلح تكاليف الرعاية الصحية فيقصدون المبلغ الذي ينفقونه على خطط التأمين الصحي لموظفيهم، وعندما يتحدث العامة عن تكاليف الرعاية الصحية يشيرون غالبا لما يدفعونه مقابل مراجعة الطبيب، وكلف الأدوية التي يتم شراؤها من الصيدلية وغيرها.

في هذه الأمثلة هناك خلط بين ثلاثة مصطلحات، وهي التكلفة والسعر والإنفاق:

1- التكلفة: إن الاستخدام الأبسط لـ«تكاليف الرعاية الصحية» يتعلق بتكلفة إنتاج خدمات الرعاية الصحية، على سبيل المثال من أجل إجراء فحص بالأشعة المقطعية للمريض، يجب على المستشفى شراء ماسح ضوئي، ويجب أيضا أن يدفع للتقني لإجراء الفحص واختصاصي أشعة لقراءتها، ناهيك عن دفع تكاليف مبنى المستشفى نفسه، والكراسي في غرفة الانتظار، وموظف الاستقبال في مكتب المعلومات، وموقف السيارات بالخارج، وهي مكونات تكلفة الفحص وغالبا تحتاج لمتخصصين لمعرفة تفاصيلها.

2- السعر: هو المبلغ الذي تدفعه شركة التأمين للمستشفى مقابل حصول المريض على الفحص، فالمشكلة الكبرى أن أسعار السلع والخدمات الطبية لا علاقة لها بقيمتها الحقيقية، ولا تعكس القيمة مدى تحسين الصحة.

3- الإنفاق: هو المصطلح الأهم من بين الثلاثة، وأسهل طريقة لتعريفه ضرب مثال على الإنفاق الوطني فيتم تعريفه بإجمالي الإنفاق الوطني على الرعاية الصحية على مدار عام، وهو بازدياد بشكل رهيب.

من أسباب الارتفاع السريع في الإنفاق على الرعاية الصحية ارتفاع أسعار كل شيء من عمال الرعاية الصحية إلى الأدوية إلى الأجهزة والتكنولوجيا المتطورة، لكن السبب الأكثر إثارة للقلق في زيادة الإنفاق هو كمية الخدمات التخصصية عالية التقنية، الذي يصل إلى 30 في المئة من إنفاقنا على الرعاية الصحية يذهب نحو الأشياء التي لا تجعل المرضى أكثر صحة، ناهيك عن الهدر الموجود في القطاع الصحي، حيث أوضحت أحد الدراسات أن 40٪ من الصرف في القطاعات الحكومية يكون هدرا وعلى صور مختلفة.

المشكلة الحقيقية، إذاً، ليست مجرد أن ننفق بنسبة أكبر وأكبر فقط، بل في أن ننفق بشكل عشوائي، فعندما يتحول الإنفاق على الرعاية الصحية إلى تكاليف رعاية صحية، فهذا يعني أن الاستهلاك المفرط للخدمات غير المجدية والمبالغة فيها جزء من المشكلة.

back to top