الصين تسرّع استراتيجية التواصل مع الغرب

نشر في 25-10-2022
آخر تحديث 24-10-2022 | 20:35
 ذي دبلومات في شهر سبتمبر، اختار الرئيس الصيني، شي جينبينغ، آسيا الوسطى كوجهة أول رحلة خارجية يقوم بها منذ يناير 2020. وبعد جولته في آسيا الوسطى بفترة قصيرة، حيث زار كازاخستان، وحضر قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أوزبكستان، سارع نائبه، وانغ كيشان، إلى كازاخستان لحضور القمة السادسة لمؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، وتؤكد هذه الزيارات المتلاحقة لكبار المسؤولين الصينيين إلى دول آسيا الوسطى زيادة أهمية الأمن القومي في محيط الصين الغربي، لاسيما في ظل احتدام الصراع الروسي- الأوكراني في الفترة الأخيرة.

وسّعت الصين حضورها في آسيا الوسطى عبر خطوتَين أساسيتَين: تحسين الروابط الملموسة بين الصين وجيرانها في آسيا الوسطى، ودعم بناء آلية أمنية متعددة الأطراف في المنطقة.



قبل أن يقترح شي جين بينغ مبادرة «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» رسمياً في عام 2013، تصاعدت الدعوات إلى إعادة تنشيط طريق الحرير البري القديم، حيث كانت آسيا الوسطى همزة وصل أساسية بين الصين وأوروبا، ولهذا السبب أيضاً، شدّد شي جينبينغ على أهمية السكة الحديدية بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان خلال جولته إلى آسيا الوسطى في الشهر الماضي. وفي ظل استمرار العمل على بناء سكتي حديد عابرتَين للحدود (تربطان بين الصين وباكستان ونيبال)، يبدو أن الصين تحاول بهذه الطريقة ربط حدودها الغربية بالدول المجاورة في آسيا الوسطى وجنوب آسيا. ويتعلق الهدف الأساسي باسترجاع مجد «طريق الحرير» وتحقيق الازدهار في المنطقة، لكن بعد إطلاق هذا النوع من المشاريع لربط المناطق، ظهرت مجموعة من المشاكل الأمنية، حيث جعلت الصين الرد على التهديدات الأمنية محور عمل منظمة شنغهاي للتعاون من جهة، ودعمت مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا من جهة أخرى، وكان حضور وانغ للقمة السادسة لهذا المؤتمر أحدث خطوة تتخذها الصين لتسريع تعاونها الأمني المتعدد الأطراف في المنطقة.

في عام 1992، دعا رئيس كازاخستان السابق، نور سلطان نزارباييف، إلى تأسيس مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، ويشمل هذا المؤتمر حتى الآن 27 دولة عضوا، و8 دول مراقِبة، وخمس منظمات دولية تحمل صفة المراقِب. تقع الأمانة العامة للمنظمة في عاصمة كازاخستان، ويتألف معظم أعضائها من بلدان في آسيا الوسطى وغرب آسيا وجنوبها. وقد تسلمت كازاخستان الرئاسة الدورية هذه السنة، فاستغلت توسّع الصين في آسيا الوسطى لتعزيز التعاون الأمني ومتعدد الأطراف مع بكين داخل «مؤتمر التفاعل» بهدف توسيع نفوذ هذا المؤتمر، وزيادة قدرة دول آسيا الوسطى على حماية أمنها القومي، وقد سُرَّت الصين طبعاً بتوسّع دور مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، لترسيخ التعاون الدفاعي بين الدول الأعضاء والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة. طرح شي جينبينغ هذه الرؤية في 2014، حين استضافت الصين القمة الرابعة للمؤتمر، في وقت تحاول الولايات المتحدة أن تتقرّب من دول آسيا الوسطى منذ فترة طويلة عن طريق التعاون الاقتصادي والدفاعي والتواصل السياسي، بهدف احتواء نفوذ الصين وروسيا في المنطقة، لكن دول آسيا الوسطى لا تريد أن تتورط في «لعبة لا غالب ولا مغلوب»، حيث تضطر إلى الاختيار بين شركائها. وفي ظل هذه الدوامة الجيوسياسية الشائكة، تعطي هذه الدول أهمية متزايدة لدعم الآليات الأمنية المتعددة الأطراف والمبنية على الثقة المتبادلة.

باختصار، من المتوقع أن تتسارع استراتيجية الصين التي تُركّز على محيطها الغربي من خلال تعميق الروابط الملموسة بين دول المنطقة ودعم مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، وفي المستقبل القريب، قد تسعى الصين إلى توسيع دورها في آسيا الوسطى عموماً.

* نيان بينغ

back to top