استراتيجية وطنية لخدمات صحية آمنة ونموذجية

في كل عام يعاني ملايين المرضى إصابات أو يموتون بسبب سوء الرعاية الصحية، والعديد من الممارسات والمخاطر الطبية المرتبطة بالرعاية الصحية تعدّ تحديات رئيسة لسلامة المرضى، نعم هناك من يموت بسبب سوء الرعاية الصحية حول العالم، وقد وضعت إحدى الدراسات الأميركية الأخطاء الطبية كثالث سبب للوفاة.

مما سبق يتضح أنه من أجل الحصول على خدمات صحية عالية الجودة، يجب أن تكون سلامة المرضى من الركائز الأساسية التي تعمل المؤسسات الطبية عليها من خلال سياسات واضحة، وقدرات قيادية، وبيانات دقيقة، ومشاركة فعالة للمرضى في رعايتهم، فما الذي يمكن فعله لتحقيق واستدامة التحسين الواسع النطاق في مجال سلامة المرضى؟

نعتقد أن التعاون والتنسيق الواسع والهادف بين أصحاب القرار ومقدمي الخدمات في مجال الرعاية الصحية يمكن أن يقود للتقدم في هذا المجال، ليس داخل المستشفيات فقط، بل عبر سلسلة خدمات الرعاية الصحية المختلفة، ويعد ضمان سلامة ورفاهية القوى العاملة في الرعاية الصحية جزءا لا يتجزأ من أي جهد لتعزيز سلامة المرضى، وإن مشاركتهم الهادفة ضرورية لتحسين السلامة، وتتطلب سلامة الأنظمة الصحية التحول من التدخلات التفاعلية الجزئية إلى استراتيجيات استباقية يتم توقع المخاطر وإنشاء عمليات ضمان سلامة المرضى على مستوى النظام وتطبيقها في جميع مراحل وخدمات الرعاية الصحية، وهذا الأمر بدوره يتطلب تعاونا قويا بين الجميع لتحقيق رعاية أكثر أمانا وتقليل الضرر الذي يلحق بالمرضى.

ويمكن لخطة العمل الوطنية أن ترتكز على أربعة مجالات تأسيسية ومترابطة، لخلق أنظمة فعالة وآمنة:

أولاً: الثقافة والقيادة والحوكمة: ضرورة قيام القادة وهيئات الحوكمة وصناع السياسات بإظهار وتعزيز التزاماتها المهنية الراسخة بالسلامة كقيمة أساسية وتعزيز تنمية ثقافة السلامة في المؤسسات الصحية.

ثانياً: مشاركة المريض والأسرة: المشاركة الحقيقية للمريض والأسرة من خلال شراكتهم الهادفة في جميع جوانب تصميم الرعاية وتقديمها وعملياتها.

ثالثاً: سلامة القوى العاملة: يعد ضمان سلامة المنظمة والقوى العاملة ومرونتها شرطا مسبقا ضروريا للنهوض بسلامة المرضى، فنحن بحاجة إلى العمل نحو منظور ونهج موحد وشامل قائم على نظام يضمن القضاء على الضرر الذي يلحق بكل من المرضى والقوى العاملة.

رابعاً: نظام التعلم المستمر: إنشاء وصياغة شبكة التعلم المستمر من خلال مؤسسات الرعاية الصحية على المستويات الوطنية والإقليمية لتشجيع المشاركة والتعلم والتحسين على نطاق واسع.

ويمكن لأي منظمة أن تنطلق من خلال تبني هذه الاستراتيجيات التي تخلق التربة الخصبة لمبادرات السلامة كي تُزرع وتترسخ في المنظومة الصحية.