مرافعة: تنظيم القضاء!

نشر في 26-01-2023
آخر تحديث 25-01-2023 | 19:49
 حسين العبدالله

الحاجة إلى تعديل قانون تنظيم القضاء لإحداث المزيد من الضبط الفني والإداري لمنظومة القضاء باتت كبيرة، في ظل التحديات التي تمر بها المنظومة، والحاجة المُلحَّة إلى تطويرها، وصولاً إلى جودة العمل وكفاءته، وسرعة إنجاز ما هو معروض عليها.

وآخر تنظيم واجه تلك المنظومة كان قبل 30 عاماً عندما كان عدد الجهاز القضائي من قضاة ووكلاء النيابة لا يتجاوز 300 قاضٍ، وعدد مبانيه لا يتجاوز المبنى أو المبنيين القضائيين.

وبعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً، وتجاوز أعداد المنضمين والعاملين في الجهاز القضائي لأكثر من 1300 عنصر قضائي، ووجود أكثر من سبعة مبانٍ قضائية تتبع المحاكم والنيابة العامة وتقدم الخدمات القضائية، فإن الحاجة باتت ضرورية لضبط الجانبين الفني والإداري، والعمل على ضمان سيرهما بما يعكس جودة العمل وكفاءته، ويسهم بتقديم الخدمات القانونية في تلك المنظومة بأسرع وقت وبأسهل النظم، وبما يتفق مع أحكام الدستور ومبادئ العدل والمحاكمة العادلة.

وقبل تلك المراجعة لقانون تنظيم القضاء نأتي إلى تقييم وضع المنظومة القضائية والفنية، وسبل تطويرها، ورفع جودة أعضائها، والنظر في تقييم أداء الأجهزة الفنية التي يعتمد عليها القضاء في رفع كفاءة أعضائه، وهي أجهزة التفتيش القضائي ومعهد القضاء، فضلاً عن إنشاء مكاتب أو أقسام ترافق تلك الأجهزة، من أجل ضبط جودة العمل القضائي، بهدف قياس معدل فصل القاضي وإنجازه لعمله بكل كفاءة.

كما يتعيَّن النظر في ظل المراجعة المُلحَّة لقانون تنظيم القضاء العمل على تأقيت المناصب القضائية، ووضع قواعد ثابتة للانتقال بين الأعضاء في النيابة والقضاء ومنافذ التعيين والإعارة إلى القضاء، فضلاً عن ضرورة التوسع في التفتيش على جميع الأعمال التي يقوم بها عضو القضاء، مهما بلغت درجته القضائية، لأن القانون الحالي لا يسمح بالتفتيش على السادة القضاة ممن يحصلون على درجة مستشار، أو التقدم بطلب ضدهم لدى التفتيش القضائي إلا بعد عرض الأمر على المجلس الأعلى للقضاء.

ورغم نص قانون تنظيم القضاء الحالي على إنشاء عدد من الأجهزة لجهات التفتيش القضائي، فإن تجربتها لا تلبي الطموح الذي يعكس الغاية الحقيقية من وجودها، ويسهم في تطوير جودة العمل القضائي، نظراً لضعف إمكانياتها، وغياب الدعم عنها من قِبل الأجهزة التنفيذية، كوزارة العدل وديوان الخدمة المدنية، رغم نص قانون تنظيم القضاء على وجودها، إلا أن جهازاً، كالتفتيش القضائي، لا يحظى بدعم لإقرار هيكل تنظيمي له يعمل من خلاله على تنفيذ أجندته في ضبط وتطوير المنظومة، ولا يوكل له، وللأسف، حتى الآن موظفون إداريون يسهمون في ممارسته لعمله المهم، بسبب إهمال مطالبه الحقة!

أخيراً، يتعيَّن العمل على تعديل قانون تنظيم القضاء، بعد تقييمه ومراجعته على نحو جاد يزيل كل العراقيل الواردة في القانون الحالي، وتعمل تلك التعديلات على استحداث آليات جديدة تسهم في رفع جودة العمل القضائي وكفاءته، وضبط أبعاده الفنية والإدارية، بما ينعكس على خدمة العدالة.

back to top