إقالات واستقالات في كييف... وأزمة الدبابات تُربك الغرب

• برلين محاصرة بين ضغوط الحلفاء وتحذيرات موسكو
• بوتين يخطط لتعبئة 200 ألف جندي

نشر في 25-01-2023
آخر تحديث 24-01-2023 | 20:31
جنود أوكران يقصفون مواقع روسية في باخموت أمس 	(رويترز)
جنود أوكران يقصفون مواقع روسية في باخموت أمس (رويترز)
شهدت كييف حملة إقالات واستقالات واسعة في مؤشر على توتر سياسي داخلي كان مكتوماً منذ بدء الغزو الروسي، في حين لا تزال قضية إرسال دبابات إلى أوكرانيا تُربك الحلفاء، في وقت تجد برلين نفسها في هذه الأزمة عالقة بين ضغوط الحلفاء الغربيين وتحذيرات موسكو.

مع تعقّد أزمة حصولها على دبابات «ليوبارد 2» من الحلفاء بسبب تحفظات ألمانيا، ضربت أوكرانيا أمس سلسلة إقالات شملت جمعاً من القيادة العليا بفضيحة فساد تتعلق بالتربح من المعدات والإمدادات العسكرية والثراء ورحلات الاستجمام في خضم الهجوم الروسي، الذي دخل عامه الثاني اليوم.

وبعد كشف وسائل الإعلام عن عمليات شراء إمدادات للجيش بأسعار مُبالغ بها، أصدر الرئيس فولوديمير زيلينسكي أمراً بعزل حكام أقاليم دنيبرو (وسط) وزابوريجيا (جنوب) وسومي (شمال) وخيرسون (جنوب) والعاصمة كييف، بحسب ممثل الحكومة بالبرلمان تاراس ميلنيتشوك.

كما أقال زيلينسكي نائبَي وزير المجتمعات والتنمية فيشيسلاف نهودا وإيفان لوكريا، ونائب وزير السياسة الاجتماعية فيتالي موزيتشينكو، ونائب وزير الدفاع فياشيسلاف شابوفالوف، المسؤول عن الدعم اللوجستي وإمدادات الغذاء للجيش، ونائب المدعي العام وأوليكسي سيمونينكو، وفق وزير شؤون مجلس الوزراء أوليه نيمشينوف.

وامتثل زيلينسكي لطلب استقالة نائب رئيس مكتبه، كيريلو تيموشينكو، الذي تسبب سابقاً في ضجة لاستخدامه الخاص لسيارة قدّمتها «جنرال موتورز» للقيام بمهمات إنسانية وتجاوزه مهامه بإدارة الرئاسة والسفر في إجازات ورحلات استجمام، والمشاركة في أنشطة سياسية.

وتقدم تيموشينكو، الذي ارتبط اسمه بفضائح قبل الغزو وخلاله، بالشكر لزيلينسكي على الثقة وفرصة العمل من أجل أوكرانيا وقت الحرب، ودافع عن رحلاته، وآخرها لإسبانيا، باعتبارها عملاً رسمياً.

وقالت وزارة الدفاع، في بيان، إن «اتهام شابوفالوف بالفساد لا أساس له، لكن مغادرته ستسمح بالحفاظ على ثقة المجتمع والشركاء الدوليين، وضمان موضوعية الجهود الرامية لكشف ملابسات هذه القضية».

وبعد تردد عن فضائح الفساد والثراء الشخصي في جهاز الدولة، اتخذ الرئيس الأوكراني، أمس الأول، نهجاً أكثر حسماً لمواجهة سوء السلوك وأعلن إجراء تغييرات في المناصب العليا بالحكومة والأقاليم ووقع مرسوماً يمنع المسؤولين على مختلف المستويات من السفر «لأي غرض غير حكومي».

وقبل أيام، أقالت الحكومة نائب وزير تنمية البلديات فاسيل لوزينسكي بشبهة تلقيه رشوة بقيمة 400 ألف دولار، لتسهيل إبرام عقود شراء معدات ومولّدات بأسعار مُبالغ فيها، في أوج أزمة نقص الكهرباء بعد ضربات روسيا لمنشآت الطاقة.

أزمة الدبابات

على جبهة موازية، تعقّدت أزمة تسلّم أوكرانيا دبابات ليوبارد، مع تمسّك حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس بموقفه المتحفظ عن إرسالها، وتأكيد وزير دفاعه الجديد بوريس بستوريوس ضرورة التأني قبل اتخاذ أي قرار.

ورغم دعوته الدول الأوروبية، التي تمتلك دبابات ليوبارد 2 بالبدء فوراً في تدريب الأوكرانيين على إدارتها من دون أي معارضة، قال بستوريوس، في مؤتمر مشترك مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، «لسنا معزولين عندما يدور الحديث عن تزويد القوات الأوكرانية بالسلاح والدعم المطلوب، لكن من الصواب أن نتأنى بعض الوقت وسنتحرك سريعاً في حال اتخاذ قرار إيجابي»، مضيفاً: «هناك اتفاق مع ستولتنبرغ على ضرورة ألا يتحول حلف الناتو الى طرف مباشر في الحرب».

بدوره، أعرب ستولتنبرغ عن ثقته بالتوصل قريباً لحل لأزمة الدبابات، مؤكداً أنه «في هذه اللحظة الحرجة من الحرب، على الحلفاء مد أوكرانيا بنظم أثقل وأكثر تقدماً، وفعل ذلك على نحو أسرع، لأن الطريق الوحيد لسلام دائم هو أن يتضح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لن ينتصر في ساحة المعركة».

وأكد ستولتنبرغ ضرورة أن تكون القوات الأوكرانية قادرة على دحر الروس، «ليس فقط من أجل النجاة، ولكن للفوز واستعادة الأراضي والوجود كدولة مستقلة ذات سيادة في أوروبا».

«البنتاغون» تقدّر حاجة كييف ب 500 دبابة وبايدن مستعد لتسليم 10 «أبرامز» لتشجيع شولتس

وطلبت بولندا تصريحاً رسمياً من ألمانيا للموافقة على تسليم نحو 15 دبابة ليوبارد 2 إلى أوكرانيا، لكنّها دعت الاتحاد الأوروبي لتعويضها مقابل تكلفة إرسالها. وعلى الفور، حذّر المتحدث باسم «الكرملين»، دميتري بيسكوف، من أن «تسليم كييف دبابات ليوبارد لا يبشر بالخير لمستقبل العلاقات مع ألمانيا وسيترك أثراً لا يُمحى»، خصوصاً في ظل غياب أي حوار مع برلين أو مع دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

وفي واشنطن، صرح منسق الاتصالات بمجلس الأمن القومي، جون كيربي، بأن إدارة الرئيس جو بايدن لم تتخذ قراراً نهائياً بشأن إمكانية إرسال دبابات أبرامز إلى أوكرانيا.

ولاحقاً، قال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع (البنتاغون)، إن بايدن «مستعد لإرسال 10 دبابات أبرامز لأوكرانيا لفك عقدة «ليوبارد» ودفع المستشار أولاف شولتس للتخلي عن التعنّت وتغيير حساباته الأخرى»، مشيراً إلى أن «اجتماع ستولتنبرغ في برلين لا يعكس تقدّماً».

وفيما حرص المسؤول على تأكيد «متانة» التحالف الغربي ضد موسكو، شدد على أن كييف تحتاج إلى 500 دبابة لمواجهة ما يحضرّ له بوتين من جولة عمليات هجومية جديدة مع اقتراب فصل الربيع.

الإرباك الغربي

وزاد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني حالة الإرباك الغربي بتأكيده أن إرسال دبابات إلى أوكرانيا مسألة «يتعين معالجتها بشكل ثنائي من قبل الدول المعنية»، ولا وجود لأي التزامات من جانب روما تجاه كييف بهذا الصدد.

ونفى تاياني انخراط روما في حرب ضد موسكو ودعمها لمبادرات الحوار للوصول الى الهدف النهائي المتمثل في تحقيق السلام العادل. وفي حين قالت الحكومة البريطانية إنها لن تملي على الحلفاء نوعية الدعم الذي يجب تقديمه لأوكرانيا، أبلغ مسؤولون أميركيون شبكة سي إن إن، أمس، أن بوتين يخطط لتعبئة جديدة تصل إلى 200 ألف جندي.

بدوره، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن مسألة تزويدنا بالطائرات المقاتلة انتقلت من نقطة الجمود، وأبلغنا شركاءنا أننا سنحتاج هذا العام الحصول على جميع أنواع الأسلحة اللازمة لتحقيق النصر.

في غضون ذلك، حذر السفير الروسي في إستونيا، فلاديمير ليبايف، من أن الغرب يخطط لمنح إستونيا أسلحة يمكن أن تستخدمها كتهديد ضد سان بطرسبورغ مستقبلاً. وبعد إعلان روسيا وإستونيا خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية، رد المتحدث باسم «الكرملين» على إمكانية إغلاق إستونيا للملاحة الروسية بقوله: «ضمان حرية الملاحة بموجب القانون الدولي، وننطلق من أن هذا سوف يستمر».

على صعيد ذي صلة، كشف رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو عن مقترح من أوكرانيا لإبرام اتفاق عدم اعتداء، متهماً الغرب بتجهيز مسلحين يمكنهم زعزعة استقرار الوضع في بلاده.

back to top