الغضب يجتاح إيران وكل الأجهزة والمؤسسات تتخلى عن بزشكيان
• التظاهرات تتمدد في المدن والجامعات بدعم الشرطة... والحرس يمنع نشر قوات أو إنزال الباسيج
• البرلمان يرفض الميزانية لأول مرة... وعودة رئيس المصرف المركزي تصدم الأصوليين
مع تسارع الأحداث في إيران بشكل دراماتيكي وتوجهها نحو انفجار شعبي لا تحمد عقباه، وجد الرئيس مسعود بزشكيان نفسه وحيداً في مواجهة أزمة اقتصادية غير مسبوقة لا يملك أي خطة لمواجهتها، وازدادت تعقيداً مع رفض التيار الأصولي في البرلمان والأجهزة الأمنية والعسكرية والإعلامية مجاراته والوقوف معه لتهدئة الغضب الشعبي الآخذ بالتمدد في المحافظات الرئاسية وانضمام حتى أنصاره إليها.
ولليوم الثالث على التوالي، امتدت الاحتجاجات على تدهور الوضع الاقتصادي بسرعة من بازار طهران إلى بعض المدن الأخرى مثل أصفهان وشيراز ومشهد وتبريز وكرج وزانيان وحمدان ووصلت الى جزيرة قشم (قسم)، وشملت الطلاب في عدة جامعات، كما انضم حتى من صوتوا لبزشكيان إلى قطار الغضب الشعبي العارم، منددين بضعف قدرته على إدارة الشؤون الاقتصادية، وسياسات حكومته.
وفي أول خطوة من نوعها، رفض البرلمان الميزانية الأكثر تقشفاً، التي قدمها بزشكيان، واعتبرها رئيس اللجنة الاقتصادية للمجلس غلام رضا تاجكردون غير مدروسة، لأنها تتضمن زيادة الضرائب بشكل عشوائي، وترفع رواتب الموظفين بدون وجود أي خطة مدروسة لتعويض الخزينة أو تحصيل العملة الصعبة التي تحتاجها لتغطية العجز، وفيها تلجأ الحكومة لرفع مداخيلها عبر طرق غير عقلانية.
ووفق تاجكردون، فإن الحكومة سوف تستمر في التلاعب بسعر العملة والذهب في الأسواق عبر المصرف المركزي لتغطية الميزانية مما أدى إلى إشعال فتيل احتجاجات الشارع والتجار.
وأكد أحد مساعدي قائد شرطة طهران، لـ «الجريدة»، أن ضباطاً رفضوا مواجهة الاحتجاجات لأنهم غير مستعدين أن يكونوا أداة لحكومة غير كفؤة، موضحاً أنهم قلبياً يؤيدون المحتجين وبرز ذلك من إعلان بعضهم عبر مكبرات الصوت في الشوارع أن مهمتهم تأمين الممتلكات العامة لا مواجهة المحتجين.
وذكر المصدر أن آمر سرية بمنطقة سعدي وسط طهران أعلن صراحة، إلى جانب كل عناصره، تأييدهم لحق المحتجين ووقوفهم بجانبهم، لكن عليهم ألا يسمحوا باستغلال تحركاتهم المحقة لمهاجمة الممتلكات العامة.
وأفاد مصدر بالمجلس الأعلى للامن القومي بأن مندوب الحرس الثوري رفض نشر قوات أو عناصر الباسيج بالشوارع لمواجهة المحتجين أو إجبار التجار على فتح متاجرهم.
وفي تطور غير مسبوق، قامت وسائل الإعلام والتلفزيون الرسمي بتغطية الاحتجاجات وفتح المجال أمام المنتقدين حتى أن بعض المذيعين والمذيعات وجهوا انتقادات لاذعة للحكومة.
وفي محاولة لاحتواء غضب الشارع، دعا بزشكيان إلى فتح حوار مع المتظاهرين، وأمر وزير الداخلية بالانخراط في حوار مع ممثلي حركة الاحتجاج ودراسة مطالبهم.
ووعد بزشكيان بمواصلة الإصلاحات في النظامين النقدي والمصرفي، إضافة إلى اتخاذ إجراءات للحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين.
ورغم وقوفه وحيداً في الأزمة الاقتصادية بدون خطة للخروج من المأزق، تحدى بزشكيان التيار الأصولي بتعيين وزير الاقتصاد السابق عبدالناصر همتي، الذي يكرهه الأصوليون وقاموا بسحب ثقة البرلمان منه سابقاً، رئيساً للمصرف بدلاً من محمد رضا فرزين.
ويعتبر البعض أن تحرك بزشكيان تحدياً لمن كانوا مصرين على ضرورة إقالة فرزين وحتى محاكمته بسبب سياساته المصرفية، ونكاية بالأصوليين الذين كانوا مصرين على ضرورة تغيير بزشكيان لفريقه الاقتصادي بشكل كامل ورفضوا لائحة الميزانية التي قدمها لهم.