العراق يسعى لترميم جسور التفاوض بين إيران وأميركا
• بغداد تراهن على لقاء إيراني ـ أميركي يتفادى قيود خامنئي ويحلحل ولادة حكومتها المتعثرة
• تواصل غير مباشر بين طهران وتل أبيب... وموسكو تدعو واشنطن لتفادي مواجهة جديدة
أكد مصدر رفيع المستوى في «الخارجية» الإيرانية لـ «الجريدة» أن الحكومة العراقية عرضت القيام بوساطة بين طهران وواشنطن واستضافة لقاء بين الخصمين في بغداد، بهدف إعادة مد جسر التفاوض الذي انهار إثر اندلاع حرب الـ 12 يوماً التي شنّتها إسرائيل ضد إيران منتصف العام 2025.
وذكر المصدر أن الهدف من إجراء اللقاء هو التوصل إلى تفاهم من الجانبين لحلحلة الجهود المتعثرة بشأن تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وليس الملف النووي الإيراني، على أمل أن يؤدي إلى كسر الجليد بين الجانبين للتحرك باتجاه فتح الملف الحساس، ومن دون أن يعني ذلك أن اللقاء المفترض سيتعارض مع تصريحات المرشد علي خامنئي، الذي أكد أنه لن تكون هناك مفاوضات ذرّية حالياً.
ووفق المصدر، فإن فوز «الإطار التنسيقي»، الذي يضم فصائل عراقية موالية لطهران بأكثر من 200 مقعد في البرلمان حمل واشنطن على توجيه تهديدات وضغوط كبيرة ضد سلطات بغداد للحيلولة دون تشكيل حكومة تابعة لإيران بموازاة الضغط الذي تمارسه للدفع باتجاه سحب سلاح «الحشد الشعبي».
ولفت إلى أن إيران تؤيد دمج فصائل «الحشد» في القوات المسلحة العراقية النظامية، لكنها تتشكك في الوقت ذاته بأن نشاط «داعش» الأخير في شمال سورية والمناطق المتاخمة للعراق جاء بضوء أميركي أخضر لـ «التلويح بإمكانية إعادة الفوضى».
وأشار المصدر إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستعد لزيارة طهران الأسبوع المقبل، للقاء نظيره الإيراني مسعود بزشكيان والمرشد علي خامنئي، لبحث مواجهة التهديدات الإرهابية في العراق وسورية، إضافة إلى التنسيق بهدف مواجهة التحركات الإسرائيلية الإقليمية.
وزعم أن أنقرة عرضت على وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ربط أنظمة رادارية للإنذار المبكر في حال قيام إسرائيل بشنّ هجوم جديد عليها، مع إمكانية إبرام اتفاقية للتبادل الاستخباراتي.
وادعى المصدر أن الأتراك أبلغوا الإيرانيين أنهم قاموا بنصب أنظمة رادار متطورة من بينها أنظمة صينية داخل الأراضي السورية تمكّنهم من رصد تحركات سلاح الجو الإسرائيلي العادية بشكل كامل والشبحية بشكل جزئي، لافتاً إلى أن «التقارب الإيراني - التركي قد يؤدي إلى تقارب بين طهران وسلطات دمشق الجديدة».
ترامب يبلّغ نتنياهو استعداده لكشف مخطط غزة الجديدة منتصف يناير ويتوعد «حماس» بالمحو
تحذير وتواصل
إلى ذلك، حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من أن رد بلده على أي عدوان سيكون قاسياً، فيما تحدثت منصة «أمواج ميديا» عن تبادل رسائل بين طهران وتل أبيب عبر «طرف ثالث مشترك»، في خطوة نادرة تهدف إلى منع تجدد المواجهة العسكرية، وليس للتوصل إلى اتفاق أو تفاهم رسمي بين الجانبين.
ووفقاً للمعلومات، فإن إسرائيل نقلت عبر الوسيط رسالة تفيد بعدم سعيها إلى التصعيد العسكري، فيما ردّت إيران عبر القناة نفسها بموقف مشروط وغير ملزم، من دون القبول بأي صيغة قد توحي التنسيق أو الاعتراف المتبادل.
وفي وقت ذكرت المصادر أن الطرف الثالث هو روسيا، وتحديداً الرئيس فلاديمير بوتين، دعا «الكرملين» إلى ضرورة فتح باب الحوار مع إيران، وحث جميع الأطراف على الامتناع عن التصعيد، وذلك بعد تلميح الرئيس دونالد ترامب، خلال استقباله نتنياهو في فلوريدا، لدعم جهود الأخير بشأن توجيه ضربة عسكرية جديدة واسعة النطاق ضد برنامج طهران النووي.
وعيد وتخيير
وليل الاثنين - الثلاثاء، خيّر ترامب إيران بين التوصل إلى اتفاق أو مواجهة ضربة جديدة، وقال إنه سمع أن الجمهورية الإسلامية تحاول بناء مواقعها النووية مجدداً، مضيفاً: «إذا كان الأمر كذلك، فعلينا أن نقضي عليها، سنوجه لها ضربة قاضية».
إلا أنه أكد انفتاحه على التفاوض مع إيران، واصفاً خبر التوصل إلى اتفاق بأنه سيكون «أكثر ذكاء»، ومبينا أنه «لولا توجيه ضربة لطهران لما كانت هناك فرصة للسلام في الشرق الأوسط».
مستقبل غزة
من جهة ثانية، توعّد ترامب «حماس» بدفع ثمن باهظ إذا لم تتخلّ عن سلاحها، وذلك خلال لقائه نتنياهو لبحث الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطته لوقف حرب غزة وإعادة أعمار القطاع المنكوب، وسط خلافات حادة بين الحليفين بشأن أولوية خطوات المبادرة المكونة من 20 بنداً.
وقال ترامب، في مؤتمر عقب الاجتماع الخامس له مع نتنياهو خلال العام الحالي، إن «أياماً مفصلية قد تكون قريبة»، مضيفاً: «ربما ستكون هناك مفاجآت خلال اليومين المقبلين». وتابع «إن عدم نزع سلاح حماس سيكون أمراً مروّعاً بالنسبة لها»، مشدداً على أنه «لن يكون ممكناً حينها إلقاء اللوم على إسرائيل»، ومشيراً إلى أن «الدول التي ضمنتها ستتدخل لمحوها».
وتطرّق ترامب مجدداً إلى مسألة تهجير سكان القطاع، معتبراً أن «الهجرة ستحدث إذا توافرت الظروف لهم».
وفي وقت أكد الرئيس الأميركي أن إسرائيل أوفت بالتزاماتها في خطته بشأن غزة، ذكرت تقارير عبرية أنه أبلغ نتنياهو، بأنه سيعلن في 15 يناير المقبل خطته لما يُعرف بـ «اليوم التالي» لانتهاء الحرب، وسيكشف النقاب عن إنشاء هيئة إشراف دولية، من المرجّح أن يرأسها، لإدارة مرحلة انتقالية في القطاع بوجود كيان فلسطيني مدني حاكم سيُشكّل في الأسابيع المقبلة، لتولي زمام الأمور من «حماس».
وأقرّ ترامب بوجود تباينات مع نتنياهو بشأن الضفة الغربية المحتلة التي تكثّف الدولة العبرية تحركاتها لتعزيز الاستيطان اليهودي بها وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، لكنّه أعرب عن ثقته بالتوصل إلى تفاهمات معه.
واختتم تصريحاته بالتعبير عن أمله في أن يتمكن نتنياهو من التوصل إلى تفاهم مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.
وفي وقت تسعى حكومة نتنياهو للتنصل من بدء المرحلة الثانية بخطة غزة التي تشمل إدخال المساعدات بشكل مكثف، جمدت سلطات الاحتلال عمل ما يربو على 12 منظمة إنسانية دولية، من بينها «أطباء بلا حدود»، في الضفة الغربية وغزة، بزعم إخفاقها في الحصول على التراخيص اللازمة وبتورّط أخرى في أنشطة إرهابية.