في المرمى: حكّامنا وازدواجية المعايير
مرة أخرى، يغيب الحكم الكويتي عن أكبر محفل كروي عالمي، بعدم اختيار الحكم الدولي أحمد العلي ضمن طواقم كأس العالم 2026.
ورغم أن العلي يُعد من حكام النخبة في آسيا وتم ترشيحه من لجنة حكام الاتحاد الآسيوي، فإن لجنة حكام «الفيفا» بقيادة الإيطالي الشهير كولينا لم تضع اسمه في قائمة المختارين. ولا أحد يعلم فعلاً ما هي المعايير التي يستند إليها كولينا في اختياراته، خصوصاً أن العلي يتفوق فنياً وبدنياً على كثير من الأسماء المختارة، بشهادة عدد من المراقبين والمتابعين.
لكن قبل أن نلوم «كولينا»، علينا أن نلتفت إلى مرآتنا. غياب التأثير الكويتي في أروقة الاتحادين الآسيوي والدولي هو جزء من المشكلة، لكنه ليس كلّها. الحقيقة المُرّة أن جزءاً كبيراً من تراجع حضور الحكم الكويتي يعود إلى الثقة المفقودة به محلياً. كيف نلوم «الفيفا» على عدم منح حكّامنا فرصة، ونحن من نحرمهم منها؟ كيف نطالب بتقدير خارجي لحكّام نهمّشهم داخلياً، ونستقدم حكاماً أجانب لكل مباراة محلية ذات حساسية؟
المشكلة ليست في قدرات أحمد العلي أو غيره، بل في النظرة المحلية الضيقة التي لم تمنحهم أبداً المساحة لإثبات أنفسهم بشكل عادل ومتكرر. وهذا ما ينعكس على صورتهم أمام القارة والعالم، وما دامت الأندية تصرّ على استيراد كل شيء من الخارج، حتى الصافرة، والاتحاد يخضع دون نقاش، فلا عجب أن نظل نُصدّر «الدهشة» فقط كلما تجاهلونا في الخارج. وعلينا أن نعرف أن كولينا ليس رئيس جمعية خيرية توزّع مقاعد المونديال بـ «الشفقة». الرجل يبحث عن منظومات تُنتج، وتدعم، وتُراهن على كوادرها، لا عن اتحادات تشكّ في حكّامها أكثر من الجماهير!
ولذلك، قبل أن نستغرب ونستنكر ونغضب من تجاهل الفيفا لحكامنا، فلنبدأ بمحاسبة أنفسنا... ولنطالب الأندية والجماهير التي تصرخ الآن دفاعاً عن أحمد العلي أن تصمت قليلاً في المرة القادمة قبل أن تطالب بحكم أجنبي لإدارة «ديربي» محلي، ولنكن صريحين: هل نحن فعلاً اخترنا حكامنا أولاً؟ هل منحناهم ثقتنا، منصاتنا، نهائياتنا، أو حتى احترامنا؟ نحن من نطعن حكّامنا قبل أن يصفروا، ومن نحكم عليهم قبل أن يحكموا. نطالب الفيفا بأن يكرّم حكماً نطعنه نحن بخنجر «الحكم الأجنبي» كل أسبوع!
بنلتي
يا من تستنكرون تجاهل أحمد العلي... استنكروا أولاً أنفسكم. ومن فضلكم، لا تسألوا في المستقبل: «ليش ما اختاروا حكمنا؟» واسألوا أولاً: «إحنا متى صدّقناه؟» وأخيراً تأكدوا «إن لم نؤمن بحكامنا، فلا ننتظر من العالم أن يمنحهم شارة الشرف».