زلزال اقتصادي بإيران: الخزينة فارغة و«التومان» ينهار
• ميزانية بزشكيان تشعل الشارع وتغلق البازار واعترافه بالعجز يفجّر غضب النواب
تزامناً مع تمرير ميزانية تقشفية، انهار التومان أكثر من 10 بالمئة، وبلغ الدولار 145 ألفاً، مسجلاً تراجعاً 200 في المئة خلال عام، في وقت فجّر اعتراف الرئيس مسعود بزشكيان بغياب الحلول وفشل السياسات غضب النواب، بينما أغلق البازار، الذي يضم أكبر الأسواق المركزية بطهران، بسبب الضرائب والتضخم وشح العملة وتعطل الأسواق، واندلعت احتجاجات وسط مخاوف من اتساعها.
وتعيش إيران واحدة من أعنف أزماتها الاقتصادية منذ قيام الجمهورية الإسلامية، ففي وقت كان فيه بزشكيان يدافع داخل مجلس الشورى عن مشروع ميزانية تقشفية قاسية، كانت الأسواق تشهد انهياراً تاريخياً في سعر التومان، الذي خسر أكثر من 10 بالمئة من قيمته خلال ساعات، وقفز سعر الدولار إلى ما يتجاوز 145 ألف تومان، وهو أعلى مستوى في تاريخ إيران.
وبمقارنة سعر العملة عند تسلم بزشكيان السلطة، يتضح أن التومان انهار بنحو 200 في المئة خلال عام واحد فقط، وهي نسبة غير مسبوقة قبل الثورة وبعدها. وزاد المشهد قتامة اعتراف الرئيس علناً بعدم امتلاكه أي خطة لمعالجة الأزمة، مؤكداً أن الخزينة فارغة، مما أدى إلى تسارع انهيار الأسواق وتصاعد التوتر داخل البرلمان، حيث قوبلت محاولاته الاستشهاد بالقرآن و«نهج البلاغة» باعتراضات حادة وشتائم من بعض النواب الذين اعتبروا ذلك هروباً من الإجابة، واستفزازاً للرأي العام.
محافظ البنك المركزي يقدم استقالته
تجار البازار
في ظل هذا الانهيار، أغلق تجار البازار أبواب متاجرهم، ونزل عدد كبير منهم إلى الشوارع، مساء أمس الأول، احتجاجاً على عجز الحكومة عن كبح تدهور العملة. ورغم المخاوف السابقة من احتجاجات بسبب رفع أسعار الوقود، اندلعت التظاهرات هذه المرة نتيجة السياسات الاقتصادية وانهيار التومان، مع قلق متزايد من اتساعها إلى بقية المحافظات، وانضمام شرائح أوسع من المجتمع.
الميزانية التقشفية التي قدمتها الحكومة واجهت رفضاً واسعاً في البرلمان، إذ تقوم على زيادة الضرائب بنسبة تصل إلى 60 في المئة، والاعتماد على الإيرادات الضريبية بدلاً من النفط، مع رفع الرواتب بنسبة 20 في المئة فقط، في وقت تجاوز فيه التضخم الرسمي 55 في المئة وغير الرسمي 80 في المئة. كما أبقت الميزانية على مخصصات ضخمة لمؤسسات ثقافية وإعلامية ودينية رغم فشلها، وعلى رأسها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي تستحوذ على مليارات الدولارات سنوياً دون تأثير جماهيري فعلي.
إلى ذلك، أفاد مساعد شؤون الاتصال والإعلام بمكتب الرئيس مهدي طباطبائي بأن محافظ البنك المركزي، محمد رضا فرزين، تقدم باستقالته، مرجحاً أن يوافق عليها بزشكيان.
شح العملة
إلى جانب ذلك، تعاني إيران شحا حادا في العملة الصعبة نتيجة قرارات مصرفية وامتناع كبار المصدرين عن إعادة عائدات الصادرات، فيما وصفته وسائل إعلام إيرانية بـ «انقلاب كارتل المصدرين». وتبرر هذه الجهات موقفها بفارق السعر بين السوق الحرة وسعر المصرف المركزي، رغم تعديلات متتالية لم تفلح في حل الأزمة.
وتزداد الضغوط مع تعثّر تحصيل عشرات المليارات من الدولارات المحتجزة لدى دول الجوار، خاصة العراق، بسبب القيود والعقوبات الأميركية، فيما تتجنب طهران الإعلان الرسمي عن حجم هذه الديون.
وفي هذا السياق، تأتي زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وسط مطالب بتمديد عقود الغاز، في وقت تتزايد الشكوك حول قدرة الدول المستوردة على السداد، مما يعمّق مأزق الاقتصاد الإيراني.
تأهيل القواعد
في المقابل، أكد مصدر في وزارة الدفاع الإيرانية لـ «الجريدة»، أن جميع القواعد الصاروخية خضعت لإعادة تأهيل كاملة، وباتت اليوم جاهزة للعمل بكل طاقتها.
وأوضح المصدر أن هذه القواعد خرجت مؤقتاً من الخدمة خلال حرب الـ 12 يوماً، بعد استهداف الإسرائيليين عددا منها، ولاسيما في غربي إيران، مما منع استخدامها آنذاك رغم أنها كانت تضم آلاف الصواريخ.
وبحسب المصدر، فإن القواعد الصاروخية التي تعرضت للاستهداف، كانت موزعة على محافظات عدة، من بينها كردستان، وأذربيجان الغربية والشرقية، وكرمانشاه، وخوزستان، وإيلام، وأصفهان، وشيراز، وطهران، مشيراً إلى أن عملاء إسرائيليين استخدموا صواريخ محمولة على الكتف لاستهداف مداخل القواعد، قبل أن تتولى الطائرات الإسرائيلية تنفيذ ضربات جوية لاحقة.
وأوضح أن التحصينات التي أنشأتها إيران داخل هذه القواعد حالت دون وصول القنابل والصواريخ إلى مخازن الصواريخ، مؤكداً أن القصف الجوي اقتصر على تدمير المداخل فقط. وأضاف أن دخول أي صاروخ أو قذيفة إلى أماكن التخزين كان كفيلاً بتدمير القاعدة بالكامل، نظراً للكميات الكبيرة من الصواريخ الموجودة فيها.
أم القنابل
وأشار المصدر إلى أن الترتيبات الدفاعية الإيرانية، سواء في القواعد الصاروخية أو المنشآت النووية، أثبتت فعاليتها حتى في مواجهة «أم القنابل» الأميركية، مبيناً أن بعض هذه القواعد كانت مجهزة لتحمّل حتى القصف بالقنابل النووية.
وكشف المصدر أن إيران أنشأت 12 قاعدة صاروخية جديدة في الشرق، ونقلت إليها معظم إنتاجها الجديد من الصواريخ، إضافة إلى إنشاء معملين لإنتاج الصواريخ البالستية، لافتاً إلى أن إنتاج إيران خلال الشهر الأخير تجاوز 800 صاروخ بالستي بعيد المدى شهرياً، وهو رقم قياسي عالمي، وفق وصفه.
وأكد المصدر أن الأجهزة الأمنية تهدف أيضاً إلى ضمان أمن العلماء الإيرانيين من عمليات اغتيال محتملة، مشيراً إلى نقل عدد كبير منهم إلى أماكن آمنة بقرارات رسمية، في ظل استمرار ملاحقة الأجهزة الإسرائيلية والأميركية وعملائهما داخل إيران.
وأكد أن الأجهزة الأمنية ترى أن إسرائيل تحارب إيران عبر التفوق التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، محذراً من أن أي حرب جديدة ستقابلها عمليات اغتيال واسعة تشمل علماء وضباطاً إسرائيليين، لافتاً إلى تصفية 5 من أصل 9 عملاء لـ «الموساد» كانوا متورطين بعملية البيجر في لبنان.