خاص

السفير النيادي لـ الجريدة•: الإمارات منارة للعطاء الإنساني والخير العالمي

• «بلادنا تبذل جهوداً إغاثية وإنسانية واسعة لمساعدة الشعوب المتضررة دون تفرقة»

نشر في 28-12-2025
آخر تحديث 27-12-2025 | 21:10
في لقاءٍ أخوي ودّي اتسم بالشفافية والوضوح، استعرض سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الكويت د. مطر النيادي، على هامش زيارته مقر «الجريدة»، الجهود الخيرية الواسعة التي تبذلها بلاده، ومبادراتها الإنسانية المتعددة في شتى المجالات ومختلف المناحي، والهادفة إلى مدّ يد العون والمساعدة للدول والشعوب المتضررة جراء الكوارث الطبيعية، أو من هول الصراعات والنزاعات المسلحة، فضلاً عن تكريم الإنسان والاحتفاء به، لا سيما الأكثر تميزاً وإبداعاً، وذلك أينما حلّ ومتى وُجد، دون أدنى تفرقة أو تمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون. هذه الجهود الإنسانية الرائدة، التي تقودها الإمارات، تُعد ترجمة حقيقية لسياستها الخارجية المرتكزة والقائمة على شعار «إنقاذ الأرواح وصون كرامة الإنسان»، والتي مكّنتها من إيصال مساعداتها ونشر مبادراتها إلى مختلف بقاع العالم، من أقصاه إلى أدناه، دون أي حسابات للمصلحة أو أدنى تفكير في عوائد أو مكتسبات مادية، سوى تحقيق تأثير إيجابي إقليمي وعالمي يخدم الإنسانية جمعاء، ويحافظ على الهوية العربية والتراث الإسلامي. وفيما يلي نص اللقاء:

• بداية نود إيضاح أبرز الجهود التي تضطلع بها دولة الإمارات على الصعيدين الإنساني والإغاثي. 

- تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بدور بارز في قيادة المبادرات الخيرية العالمية ومواجهة التحديات الإنسانية الملحّة، هذا الدور الكبير هو انعكاس حقيقي لسياستها الخارجية القائمة على شعار «إنقاذ الأرواح... وصون كرامة الانسان»، إذ يأتي هذا الشعار منسجماً مع الجهود الدولية المبذولة بهذا الصدد، إلى جانب ذلك تتبنى الإمارات مجموعة مبادرات متنوعة تهدف من خلالها إلى إحداث أثر إيجابي على الإنسان والبيئة المحيطة به في شتى بقاع الأرض، فضلاً عن المحافظة على هويتنا العربية والإسلامية، وإبراز نوابغنا العربية، وتسليط الضوء على نجاحاتهم وإنجازاتهم في مختلف المجالات.

وبالعودة إلى جهود الإمارات نؤكد أنها قائمة على محورين رئيسيين، الأول: المبادرات الإنسانية والجهود الإغاثية، أما الآخر فهو المبادرات النوعية التي تلامس مختلف جوانب حياة الإنسان.

المساعدات الإماراتية 

• ماذا عن أبرز المبادرات الإنسانية والجهود الإغاثية التي تبنّتها الإمارات أخيراً؟ 

- هناك جملة مبادرات إغاثية تبنّتها الإمارات وبصورة عاجلة منذ اللحظة الأولى لوقوع أحداث في بلدانها، ومنها «الفارس الشهم 3» في قطاع غزة، التي تمثل أحد أهم جهود الإغاثة الدولية، حيث قدّمت الإمارات خلالها إسهامات إنسانية بارزة لمواجهة الأوضاع المتفاقمة في القطاع، وواصلت توفير المساعدات والإمدادات الإنسانية العاجلة إلى هناك براً وجواً وبحراً، مما جعلها تأتي في طليعة الدول المقدّمة للمساعدات بمساهمات تجاوزت الـ 40 في المئة من إجمالي المساعدات الدولية المقدّمة إلى غزة، وبقيمة مالية تقارب 2.65 مليار دولار، كما قدّمت أكثر من 100 ألف طن من المساعدات الإنسانية، إضافة إلى توفير العلاج لنحو 22961 من المصابين ومرضى السرطان من أطفال غزة داخل الإمارات.

   مطر النيادي:

• 40 % من المساعدات المقدّمة لغزة إماراتية بإجمالي 2.65 مليار دولار خلال 3 سنوات

• أكثر من 4.24 مليارات دولار مساعدات قُدّمت إلى السودان خلال السنوات الـ 10 الماضية

• إنشاء 3 محطات طاقة شمسية بمليار دولار في مناطق عدن والمخا وشبوة اليمنية

• 550 مليون دولار لدعم الخطة الأممية لإغاثة 135 مليون شخص في 23 عملية إنسانية بالعالم

أما بشأن السودان، فقد بلغ إجمالي المساعدات الإغاثية والإنسانية المقدمة إليه، منذ اندلاع النزاع في 2023، نحو 784 مليون دولار، كما تُعدّ الإمارات ثاني أكبر الدول المانحة للمساعدات للسودان بعد الولايات المتحدة الأميركية، وذلك وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ونشير في هذا الصدد إلى أن إجمالي قيمة المساعدات التي قدّمتها الإمارات إلى الشعب السوداني الشقيق، خلال الفترة الممتدة من 2015 حتى 2025 (خلال 10 سنوات) ما يربو على 4.24 مليارات دولار.

وبالنسبة لليمن، تُعدّ الإمارات أكبر دولة مانحة للمساعدات هناك، إذ قدّمت دعماً تنموياً لليمنيين في قطاعات: الصحة، والتعليم، والبنية التحتية، والطاقة، وعلاوة على ذلك أعلنت الإمارات أخيراً أنها ستقدّم مساعدات لإنشاء ثلاث محطات طاقة شمسية بقيمة مليار دولار في مناطق عدن، والمخا، وشبوة، هذه المحطات الثلاث تمتلك مجتمعة قدرة إنتاجية تبلغ 188 ميغاواط.

جهود الإغاثة الأممية 

• وماذا عن دعم الإمارات لجهود الأمم المتحدة في مجال الإغاثة؟

- فيما يخص دعم الإمارات لجهود الإغاثة الأممية نود الإشارة إلى إعلان الدولة عن تخصيص مبلغ 550 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الشاملة التي أطلقتها الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى تقديم الإغاثة لنحو 135 مليون شخص في 23 عملية إنسانية حول العالم، أما بشأن دول القارة الإفريقية، فتعدّ محورا رئيسيا في برنامج المساعدات الخارجية الإماراتية، إذ استحوذت على 40 في المئة من إجمالي المساعدات الخارجية في السنوات العشر الماضية بإجمالي 21 مليار دولار.

ونشير إلى تقديم الإمارات خلال الأسبوعين الماضيين مساعدات إنسانية لمتضرري الفيضانات في سريلانكا بواقع 116 طناً من المواد الغذائية والإيوائية، إلى جانب إرسالها فريق إغاثة متكاملاً لبحث وإنقاذ ودعم متضرري الفيضانات.

دبلوماسية نابضة بالإنسانية

• تبرز الإمارات دولياً كإحدى أهم دول الوساطة لثقلها وتأثيرها الواسع، فماذا عن هذا الدور المهم؟

- تقوم الامارات بدور بارز في هذا الصدد، ووساطاتها لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا خير دليل على ذلك، إذ ساهمت الإمارات في 7 وساطات لتبادل الأسرى بين البلدين خلال العام الحالي، تم بموجبها إطلاق سراح 2108 أسرى، وهو رقم يقارب عدد الأسرى الذين نجحت الإمارات في إطلاقهم في 2024 عبر 10 وساطات، إذ تم حينها إطلاق سراح 2484 أسيراً ليصل الإجمالي إلى 4592 أسيراً عبر 17 وساطة، وهو رقم كبير يمثل إنجازاً دبلوماسياً وإنسانياً غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيداً متواصلاً بين طرفيها، كما خصصت الامارات مبلغ 105 ملايين دولار لدعم الجهود الإنسانية في أوكرانيا.

17 وساطة إماراتية بين روسيا وأوكرانيا نجحت في إطلاق سراح 4592 أسيراً ما يمثّل إنجازاً دبلوماسياً

المبادرات النوعية

• ما سبق حمل شرحاً وافياً لجهود الإغاثة الإماراتية، فماذا عن المبادرات النوعية التي تلامس حياة الإنسان؟

- هناك اهتمام وحرص كبير في دولة الإمارات بإطلاق المبادرات التي ترقى بالإنسان وتسهّل أموره الحياتية، ومنها جائزة زايد لطاقة المستقبل، التي أطلقت في 2008، وتهدف إلى تعزيز الجهود العالمية لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتحديات الطاقة حول العالم، حيث تعمل الجائزة على تحفيز المدارس والمؤسسات، الصغيرة والكبيرة، على ابتكار حلول فعّالة في مجال الطاقة داخل مجتمعاتهم على مستوى العالم، ويُحتفى سنويا بالفائزين بالجائزة، خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي يُقام في يناير من كل عام.

أيضاً هناك مبادرة محمد بن زايد للمياه، التي أطلقت في فبراير 2024 لتحفيز الابتكار وتقديم الحلول المواكبة للتحدي العاجل لنُدرة المياه حول العالم، وقد رصدت هذه المبادرة جوائز بقيمة 150 مليون دولار، لتحفيز المبتكرين حول العالم على تقديم حلول فعّالة ومستدامة لمستقبل يضمن وفرة المياه للجميع.

150 مليون دولار قيمة جوائز «مبادرة محمد بن زايد للمياه» لتقديم حلول لنُدرة الماء في العالم

نوابغ العرب 

• تهتم دولة الإمارات بتسليط الضوء على الأفذاذ العرب... حدثنا عن هذا الدور. 

- نعم... في الإمارات نفخر بالمتميزين والنوابغ العربية في مختلف المجالات، لذلك جاءت هذه المبادرة لتكريمهم وإبرازهم والاحتفاء بالكوادر العربية في مختلف المجالات، حيث أطلقت هذه المبادرة عام 2022، ولا تزال مستمرة حتى الآن، وإضافة إلى ذلك هناك جائزة محمد بن راشد للغة العربية، التي أُطلقت عام 2014 لتعزيز مكانة اللغة العربية وتكريم المتميزين فيها، والنهوض باللغة ونشرها واستخدامها في الحياة العامة، فضلاً عن تسهيل تعليمها وتعلّمها، وتشجيع العاملين على استخدامها، وتطوير التقنيات التي تعزز استخدامها وتحسّن المحتوى الرقمي العربي، كما أن هناك جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، التي أسست في 1997 لتكريم حفظة كتاب الله من مختلف دول العالم، وزيادة الاهتمام بحفظ القرآن وتلاوته.

وإضافة إلى ما سبق، هناك جائزة مليون مبرمج عربي، التي نهدف من خلالها إلى تعليم مليون شاب عربي مهارات البرمجة مجانا عبر منصة إلكترونية، بما يسهم في تأهيلهم لدخول سوق العمل، وتعزيز فرصهم في مجالات التكنولوجيا.

1.4 مليار دولار قيمة «مبادرة محمد بن زايد لمكافحة شلل الأطفال» لدعم جهود القضاء على المرض 

تكريم «نزاهة» و«سهل»

• هل هناك مبادرات خاصة بالتميّز العربي على صعيد المؤسسات الحكومية؟

- نعم، إذ تُعد جائزة التميّز الحكومي العربي منصة رائدة لتكريم أفضل الممارسات الحكومية في المنطقة العربية، وقد أُسست عام 2019 بهدف تعزيز ثقافة التميّز والابتكار في العمل الحكومي. 

ونشير إلى أنه تم إعلان الفائزين بالجائزة في نوفمبر الماضي، بمقر جامعة الدول العربية، حيث حصلت الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) بالكويت على جائزة أفضل مبادرة لتطوير العمل الحكومي، كما تم تكريم مبادرة وزارة الدولة لشؤون الاتصالات، ممثلةً بتطبيق سهل، ضمن فئة أفضل مبادرة متميزة في مجال خدمات الاتصالات، تقديرا لدورها في تطوير الخدمات الحكومية الرقمية وتحسين تجربة المتعاملين.

فخورون بالمتميزين والنوابغ العرب بمختلف المجالات وحريصون على تكريمهم والاحتفاء بهم سنوياً

مكافحة شلل الأطفال

• هل من بين هذه المبادرات، مبادرات طبية تسهم في مكافحة انتشار بعض الأمراض؟

- هناك مبادرة محمد بن زايد لمكافحة شلل الأطفال، التي تبلغ قيمتها 1.4 مليار دولار، وتهدف إلى دعم الجهود العالمية للقضاء على مرض شلل الأطفال حول العالم، من خلال توحيد الجهود الدولية والحكومية، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية والخيرية، وبما يسهم في حماية صحة الأطفال وضمان مستقبل آمن لهم.



أولوية إماراتية للغة الضاد

قال النيادي إن الإمارات، من خلال المبادرات التي تقدمها، تسعى إلى المساهمة في إبراز الجهود والتميّز في عالمنا العربي بمختلف المجالات، مع التمسك باستخدام لغة الضاد في العلوم الحديثة، والحرص على حماية البيئة ومكافحة الفقر والجهل والأمراض، ضمن جملة جهود مخلصة لتعزيز الازدهار عالمياً والبُعد عما يؤدي إلى العنف والكراهية.

وعرج النيادي على جائزة زايد للأخوّة الإنسانية، التي أسست عام 2019، مبيناً أنها تحتضن الأفراد والكيانات من أنحاء العالم ممن يمثلون القدوة في القيام بالأعمال الجليلة، من خلال تعاونهم مع الآخرين للنهوض بالإنسانية، وترسيخ قيم الأخوّة والتعايش والتضامن بين الشعوب.



120 ألف طالب بالكويت شاركوا في «تحدي القراءة»

قال النيادي إن «كلمة اقرأ أول ما نزل على خير الأنام، سيدنا محمد ﷺ، وهي الأساس الحقيقي للنمو والتقدم والازدهار، وركيزة العلم والمعرفة والتميّز، ووسيلة فاعلة لمكافحة الجهل»، لافتاً إلى أن «هناك العديد من المؤثرات في وقتنا الحاضر التي قد تصرف الإنسان عن القراءة، لذا جاءت مبادرة تحدي القراءة العربي لإعادة الاهتمام بالقراءة، وتعزيز حب الكتاب، وخصوصا لدى جيل المستقبل».

وأعرب السفير عن فخره «بالإقبال الكبير الذي شهدته المبادرة في الكويت الشقيقة، حيث شارك خلالها في العام الحالي نحو 120 ألفا من أبنائنا الطلبة، في مشهد يعكس وعيا متزايدا بأهمية القراءة ودورها في بناء الإنسان والمجتمع»، مبيناً أن هناك مبادرات وجوائز أخرى أطلقتها الإمارات تُعنى بالمعرفة والكتاب، وتوفير فرص التعليم للأطفال والشباب، ودعم جهود العلاج والرعاية الصحية، ومحاربة العمى.

وأكد أن الإمارات تمثّل مجموعة فريدة من المبادئ الإنسانية والنهضة التنموية الطموحة، والالتزام الراسخ بالخير والعطاء والاحتفاء بالسلام والتسامح، كما تمثل موطناً للإنسانية وأرضاً لتحقيق الفرص والأحلام والطموح.

back to top